اعتاد البعض من البشر التعلق بحبائل ذوي المنصب والجاه وأصحاب المكانة الاجتماعية طمعاً في خدمة يسدونها إليهم... أو أمل يودون تحقيقه... لذا لا نستغرب حينما تصاغ القصائد العصماء... وتنمق الكلمات.. وترص بطريقة ذكية طامعة..!! هذه الفئة من البشر كشف عن نواياها القناع.. وبدا المستور واضحا للعيان... لكن ذلك لا يمنع من أن هناك تعلقاً مباحاً ومحموداً خالياً من الهوى والرغبات والمطامع ديدنه الفخر والزهو كفخري وأنا أطالع وأتابع نتاج أستاذ جامعي تربطني به روابط القربى ذيّل كتابا له بهذا الإهداء: (إلى روح والدتي الغالية هيا بنت محمد بن سلطان المعجل - رحمها الله - التي خرمتها يد المنون منذ أربعين عاماً ولم تكمل أربعين عاماً من عمرها الحافل بضروب المثالية والخير والإيثار، رحلت مخلفة بعدها بنين وبنات صغاراً هم في أشد ما يكونون حاجة إلى تربيتها ورعايتها وعطفها، ففقدنا بفقدها فيضاً من الحنان والحب والتوجيه الناصح، فلازمت ذكراها الأليمة القلوب منا والنفوس، على الرغم من مضي أربعة عقود من الزمن على رحيلها المحزن، إلى روح والدتي أهدي ثواب هذا الكتاب). إنه الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيّل أستاذ الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية... وقد ورد إهداؤه في كتابه (دراسات ومقالات في الأدب العربي) الصادر عن نادي المنطقة الشرقية الأدبي بطبعته الأولى عام 1420ه. الدكتور الذي عُرف بغزارة إنتاجه وإسهاماته المستمرة في عدد من اللجان العلمية والثقافية في الجامعة التي ينتمي إليها، وفي الأنشطة المنبرية في الأندية الأدبية، وإسهامات ونشاطات ومشاركات عدة وردت بشكل مختصر في خلفية كتابه (شعر شواعر بني حنيفة في الجاهلية والإسلام) الصادر حديثاً (عام 1423ه) وأظنه آخر ما صدر له حتى الآن وبحسب ما ورد في الكتاب نفسه فإن عدد إصدارات د. الدخيّل بلغت (21) مؤلفاً وربما تزيد، وندعو له بالمزيد مستقبلا بما يثري المكتبات، ويشبع نهم المتلقي ويرضي ذائقته.. وله كتب في مرحلة الإعداد للنشر منها: 1- الإيضاح في شرح مقامات الحريري لناصر المطرزي - دراسة وتحقيق. 2- الفرائد والقلائد لأبي الحسين الأهوازي - دراسة وتحقيق. 3- أيام في بلاد الشمس المشرقة (رحلة إلى اليابان). 4- أثر الحروب الصليبية في الشعر العربي. 5- المبالغة في الشعر العباسي. والملاحظ على الدكتور (أطال الله في عمره) حرصه على إرضاء كافة أندية المملكة عندما خص كل ناد بكتاب طبع لديهم.. وهي مزية قلما يحرص عليها أديب وأعني بها إرضاء كافة الأطراف: - كتاب (حمزة بن بيض الحنفي) طبع في النادي الأدبي بالرياض. - كتاب (التفضيل بين بلاغتي العرب والعجم للعسكري) و (الأدب السعودي بأقلام الدارسين العرب) - طباعة نادي القصيم الأدبي ببريدة. - دراسات ومقالات في الأدب العربي - طباعة نادي المنطقة الشرقية الأدبي بالدمام. - في الأدب السعودي مقالات وبحوث - طباعة نادي جازان الأدبي. - في الأدب العربي الحديث - طباعة نادي حائل الأدبي. - وحسب علمي أن له كتاباً تحت الطبع لدى نادي جدة الأدبي. بجانب عدم حصر طباعة كتبه على دار نشر واحدة أو دولة بعينها فللكويت نصيب من كتبه المطبوعة هو كتاب (على نفسها جنت براقش - جناية صدام على شعب العراق والأمة العربية باجتياحه الكويت) طباعة مركز البحوث والدراسات الكويتية. كذلك كتابه (شعر أبي محمد بن عبدالله بن أيوب التيمي) طباعة معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.. ووردت ترجمة له العديد من الكتب منها: - دليل الكاتب السعودي الطبعة الثانية 1409ه. - موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال ستين عاماً. الطبعة الأولى 1412ه. - معجم الكتّاب والمؤلفين في المملكة الطبعة الثانية 1993م. - دليل الكتّاب والكاتبات الطبعة الثالثة 1415ه. - موسوعة الأدباء والكتّاب السعوديين خلال مائة عام الطبعة الثانية 1420ه. وكتب أجنبية أخرى... أجدها وغيرها صائبة في الكتابة عن علم وإنسان يفيض أخلاقاً وكرماً وليس أدل على ذلك من كونه قد ضمن أغلب مؤلفاته عبارة: (يطلب هذا الكتاب من المؤلف على العنوان التالي:....) وأدرج عنوانه البريدي.. وهنا نصل إلى اهتمام الدكتور بثقافة المتلقي وتشجيعه على القراءة والاطلاع عندما تخطى رغبات النفس وطمعها في العائد المادي للكتاب وهيأ نفسه لتقديمه هدية لمن أراد غير آبه بتكاليف الطباعة... والإرساليات البريدية المكلفة. وتلك الملاحظتين تعلي من قدر المؤلف في نفوس المتلقين وتفرض عليهم احترامه وتقديره لعلمي أن أغلب المؤلفين لا يهدون مؤلفاتهم إلا لمن يثقون بقدرتهم على التسويق لهم ولمؤلفاتهم إعلامياً ويمتنعون عن إهداء الباقين، بعكس الدكتور حمد الدخيّل...! أيضاً من ملاحظاتي تنوع مادة كتبه وإن صبت في النهاية في مصب الأدب.. إلا أننا نعلم أن لبحر الأدب شواطئ وأنهاراً وخلجاناً لكل منها مدخل ومخرج خاص بها... بيد أن الدكتور جمع بينها في مؤلفاته المتنوعة والمتعددة... فمن مقالات ودراسات في الأدب والتاريخ والنقد.. إلى الجمع والتحقيق والتعليق لشخصيات أدبية نسائية ورجالية في العصر الأموي والإسلامي والعباسي. وقدمها وقدم لها بأسلوب الأديب المتمرس، والأستاذ الملم لدرجة أنني أستطيع القول بأن من يقرأ كتبه بتأنٍ وروية سيخرج بمادة أدبية دسمة ومتنوعة وشاملة.. ويلمس مدى اهتمام الدكتور بالتاريخ والحضارة والتراث وإسهامه في إبرازها بصورة تمحو الغبش وتقربنا بشغفٍ من تراثنا وحضارتنا وتاريخنا الإسلامي الذي أؤكد أن الجميع على جهلٍ تام بها. بوضوح أكثر أستطيع أن أباهي بروابط القربى بيننا وأرمق الدكتور حمد بن ناصر الدخيّل بنظرة غبطة لا حسد فيها. كيف لا يكون ذلك وأنا أعلم أن عطاء الدكتور الدخيّل لم يتوقف عند آخر ما صدر له.. بل هناك كتب وبحوث لدى الدكتور تنتظر دورها في الطباعة وإن رأى بعض المؤلفين أن (كثرة الكتب يضيق بها المؤلف لكثرة نسخها) إلا أنها لن تكون حجر عثرة في سبيل مواصلة الإنتاج الثقافي والأدبي الرصين الثمين وطباعته.. لأننا وإن وجدنا صعوبة في القراءة المستمرة لكل ما يصلنا نتشوق للجديد والمفيد والثري..! بقيت لدي نقطة أخيرة مفادها أين شعر الدكتور منّا..؟ هل نقنع أنفسنا بأن ما أعطى في كل مجالات الأدب وفي قراءة الشعر ونقده وتحقيقه.. هل لم يكتب بيتاً واحداً.. أشك في أن الدكتور الدخيّل لم يكتب أو ينظم قصيدة.. إذاً فأين نصيب شعره من الطباعة والإصدار..؟ ص.ب: 10919/الدمام: 31443