هل امتنعت حركة «حماس» عن تنقيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل في الآونة الاخيرة ام انها حاولت القيام بعمليات كهذه لكنها لم تنجح في تنفيذها؟ هذه المسألة هي محل خلاف بين شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز «الشاباك». ورغم ان الخلاف يبدو انه ينحصر في إطار تقييمات مختلفة، إلا انه بالامكان ملاحظة وجود صراعات قوية بين الجهازين تظهر من خلال تسويغات كل واحد منهما لتقييماته، الواردة في سياق تقرير نشرته، مؤخرا، صحيفة «هآرتس». ويرى المحللون في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية ان «حماس» امتنعت خلال المئة يوم الاخيرة عن تنفيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل. وهم يشيرون الى ان آخر عملية نفذتها الحركة وقعت في مقهى «هيلل» في القدس الغربية في التاسع من ايلول الماضي. ويضيف المحللون ان العمليات التي تحاول «حماس» تنفيذها، في الثلاثة شهور ونصف الماضية، تركزت ضد الجنود الإسرائيليين في الاراضي المحتلة وداخل إسرائيل، وايضا ضد المستوطنين. ويعتبر المحللون في قسم الابحاث في الشعبة، الذي يرأسه العميد يوسي كوبرفاسر، ان تركيز «حماس» على محاولات القيام بعمليات ضد الجنود والمستوطنين يعتبر بمثابة تغير هام في سياسة العمليات التفجيرية من جانب الحركة، التي رأت بالإسرائيليين جميعهم، حتى الفترة الاخير، هدفا شرعيا لعملياتها.وتم تفسير هذا «التغيير» ب«حساسية» حماس تجاه الرأي العام الفلسطيني، الذي صار يتحفظ مؤخرا بشكل متزايد من العمليات التفجيرية التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين. وتقول مصادر شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية انه منذ اكتوبر الماضي جرت 27 محاولة لتنفيذ عمليات تفجيرية، تم احباطها كلها، ولم يكن اي منها تحت مسؤولية «حماس». ولا يوافق المسؤولون في «الشاباك» على هذا التقييم، بل انهم ابدوا استعدادا بإعطاء تفاصيل حول تخطيط ومحاولات نشطاء من «حماس» تنفيذ عمليات، مثل «حماس» نابلس أو «حماس» بيت لحم، واذا ما كان التخطيط والمحاولة بالاشتراك مع فصيل فلسطيني آخر مثل تنظيم فتح او الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقالت مصادر في «الشاباك» انه جرت 52 محاولة لتنفيذ عمليات في إسرائيل والاراضي المحتلة، عدد كبير منها كانت ذات علاقة كاملة او جزئية ب«حماس». ويفسر محللو قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية تقييمهم ب«الارتفاع النسبي الحاصل في قوة حماس في المجتمع الفلسطيني، الى جانب هبوط موازٍ في شعبية حزب السلطة فتح، الامر الذي يحفز قادة حماس على عكس التوجه الشعبي الجديد - العزوف بصورة تدريجية عن العمليات الانتحارية داخل إسرائيل». وهم يشيرون في هذا السياق الى تقرير احصائي صادر عن المعهد الاحصائي الذي يديره د. خليل شقاقي، ويبرز فيه انخفاض تأييد الشارع الفلسطيني للعمليات التفجيرية من 59% الى 50%.ويعتقدون في شعبة الاستخبارات ان انخفاض تأييد الشارع الفلسطيني للعمليات كان اكبر في الواقع. واضافوا ان الرئيس ياسر عرفات الذي يستمع الى نبض الشارع الفلسطيني، اقرب الى حماس في موقفه المعارض في هذه الفترة لتنفيذ عمليات في إسرائيل، لكنه لا يعارض تنفيذ عمليات ضد جنود ومستوطنين. المنظمات المتلهفة لتنفيذ عمليات كهذه «داخل إسرائيل» هي الجهاد الاسلامي والتنظيم، اللذان يتغذيان من دعم مالي وافكار خارجية، خصوصا من ايران وحزب الله.وتدعي مصادر في شعبة الاستخبارات ايضا، بان احتمالات رئيس الحكومة احمد قريع «ابو العلاء» اصبحت لا تقوى على شيء، من ناحية تمكنه من اقناع «حماس» بالموافقة على وقف اطلاق النار. فقد كانت الاعتبارات التي انطلق منها قريع، عندما وافق على اشغال المنصب الذي فشل فيه محمود عباس «ابو مازن»، ان كلا الجانبين - الإسرائيلي والفلسطيني - تعبا من المواجهة فيما بينهما وانهما اصبحا مستعدين للتسوية.وزعم المحللون في شعبة الاستخبارات ايضا انه في ظل غياب تقدم على المسار السياسي، فان الصراع الاساسي بين المعسكرات في القيادة الفلسطينية تحول نحو السيطرة على اموال السلطة الفلسطينية. واضافوا ان هذا الصراع اصبح في الايام الاخيرة الماضية اكثر حدة، لان الدول المانحة ترفض مواصلة تمويل نشاطات السلطة الفلسطينية طالما يصر عرفات على دفع رواتب افراد الاجهزة الامنية بنفسه ونقدا. ويقف في مواجهته وزير المالية، سلام فياض، الذي يطالب بان يتم دفع الرواتب بواسطة البنوك، التي تخضع لاشرافه. وتوقعت تحليلات شعبة الاستخبارات ان الصراع سيحسم في مطلع كانون ثاني القادم، فاذا استمر عرفات في نهجه فان فياض قد يستقيل مما سيتسبب في اساءة العلاقة بين الدول الاوروبية وعرفات.واعتبرت هذه التحليلات ان زيارة وزير الخارجية الالماني الاخيرة لإسرائيل تضمنت رمزا حيث انه لاول مرة يمتنع فيشر عن زيارة عرفات في رام الله.