عندما يتحدث الأمير بدر بن عبدالمحسن فهو يبوح بتلقائية الشاعر، تتألق عيناه ببريق أحاسيسه فتقرأ أفكاره من أول وهلة، لكنه يعبر عن مكنوناته بالكلمات لأنها الوسيلة التي يصل بها إلى من لا يراه، هو شخصية يسكنها الإبداع في كل خلاياها، وهو إنسان تزينه البساطة التي تزيده سموقاً في القامة وعلواً في المكانة. التقيناه ذات ساعة ماطرة.. فأمطر لقاءنا بحلو حديثه وعذب بوحه.. وجدنا الرجل كعادته يملك دائماً ما يقوله، تملأ جوانحه شفافية الصدق مع النفس ومع الآخرين، شجاع فيما يدلي به من آراء، وعميق فيما يعبِّر عنه من أحاسيس ورؤى. إنه البدر حين يهطل ضياء وبوحاً جميلاً لقرائه ومتابعيه.. * سمو الأمير.. الناس هنا بحائل متشوقون لشعر البدر ويأملون في لقاء سموكم في اقرب وقت من خلال أمسية فمتى تكون؟ - الإنسان حين يقيم أمسية في أي منطقة من مناطق المملكة فهذا شيء له خاصية، وخاصيته أولاً حبه لهذا البلد وحبه لأبنائه وانتماؤه وقربه من أهله وأصدقائه، ولو احببت أن اخصص فحائل لها في قلبي مكانة خاصة ومعروفة وأنا من أهل حائل ويجري في دمي حب كبير لأهل حائل فهم أخوالي، وقد وافقت على دعوة جمعية الثقافة والفنون لإقامة امسية شعرية في حائل أواخر اجازة الصيف هذا العام. * سمو الأمير هل أثرت المراحل العمرية في تجربة البدر الشعرية؟! - لا شك أن لمراحل السن تأثيراً بما في ذلك مواضيع الشعر، لأن الإنسان في أول شبابه تكون احاسيسه وعواطفه مختلفة بالمقارنة بما سيكون عليه بعد تقدمه بالعمر، وبعد ان يتجاوز مرحلة إلى مرحلة أخرى يصعب عليه تكرار تجربة المراحل الأولى، اقول هذا لأن هناك من يقول ان بدر بن عبدالمحسن كان قبل عشرين سنة في غزلياته افضل! (قالها ضاحكا) وعندما يتقدم به السن يختلف وربما لا يستطيع أن يكون بمثل عطاء الشاب الذي كان عليه بالأمس أو على الأصح (يستحي) فالهموم تختلف والمسئوليات تختلف، وهناك عوامل كثيرة أخرى منها أن الإنسان عندما يقضي فترة طويلة في مجال معين يحس بنوع من الملل!!، والذي اختلف بالنسبة لي من مرحلة الشباب إلى الآن هو ان النظر أصبح عكسياً تماماً!! * سمو الأمير أرجو توضيح الاجابة بشكل أوضح وبصراحة؟ - ما اختلف أنك كإنسان في مرحلة الشباب تشتهر وتصل إلى الناس وكلهم يعرفونك، وكشاعر كان الهدف في ذلك الوقت أجمل بأن تصل بشعرك الجيد وليس بمكنة الإعلام، وبالنسبة إلى تجربتي فإحساسي انه تحقق الشيء الكثير من الشهرة ولكن - للأسف - التبست عليّ الأمور ودائما أسأل نفسي: هل انت مشهور لشخصك أم مشهور لشعرك وللاشياء التي تكتبها؟! * متى بدأ هذا الإحساس يسري في هاجس البدر؟ - في السنوات الأخيرة، وانحيازي لشعري كان تقريباً كبتاً أو إطفاءً لنجومية الشخص وإبقاءً لنجومية الشعر!! * البدر.. ترك كل شيء.. وترك البحث عن المال واتجه للشعر. ما الذي اغرى البدر ليترك الدنيا ويتجه للشعر؟! - أولاً: أنا لا أعتقد أنني بارع أو جيد في مجالات عدة والمحظوظ هو الذي يجد المجال الذي يقدم فيه شيئاً!! فأنا اعتبر أن نجاراً جيداً ينجز عمله افضل من مدير عام في إدارة لا يستطيع انجاز عمله!!.. هذا مجرد مثل، والأهم ان تختار المجال الذي تترك فيه أثراً ويلاحظ الناس عملك فيه. * سمو الأمير.. ما الصدفة اذن التي غيرت مسار البدر؟ - قد يجوز انه لو لم يغن لي طلال مداح ولم تحقق أغنية «عطني المحبة» ما حققته من نجاح لتغير المسار كله، وهناك الكثير ممن كتبوا في أول عمرهم ثم تركوا الشعر، ولكن الأهم ان ترى الشيء الذي يشدك ويبقى. جانبان للشعر والكتابة * سمو الأمير كيف ترى الكتابة والشعر عموماً؟ - للأسف الشعر والكتابة لهما جانبان.. جانب كبير وجانب «متواضع» لدرجة تصل احيانا للتفاهة!! فمثلما نقول ان هناك اسماء كبيرة لها وزن وشهرة تجاوزت الآخرين كبيتهوفن وبيكاسو نجد على الجانب الآخر نقيض ذلك، مثلاً لو اردنا ذكر اسماء ملوك اسبانيا نجد بيكاسو اشهر منهم، والمتنبي اشهر من الحمدانيين كلهم كشاعر، ولكن أيضاً هناك آلاف الشعراء ممن لم يسمع لهم اسم، فكون انني اخترت الكتابة فهذا عائد لشيئين، الأول اني اعتقدت انها تعطيني الحرية التامة، فربما أنني إنسان يصعب علي الالتزام بوظيفة معينة، والشيء الثاني اني اعتقدت انه بالكتابة أستطيع أن أحقق طموح أي إنسان في أي منصب. * وماذا يا سمو الأمير عن ملاحظة ان الأمير بدر في شعره يتحدث عن الفقر، عن الضعيف ويتحدث عن القوة وهكذا؟ - هناك وهم معين حادث، كون الفقير لا يمكن أن يغتني، والأمير لا يمكن أن يصبح فقيراً فهذه ليست حقيقة. فالفقر بحد ذاته موجود في كل شرائح المجتمع وأنا اعطيك حقيقة: إنسان دخله مائة مليون بالشهر ومصروفه مائة مليون وريال فهذا فقير (مديون)!! أما من كان دخله ألف ريال ومصروفه خمسمائة فهذا اغنى منه (يبتسم) وهذه أشياء نسبية والمعاناة يتساوى فيها الناس، ولكن تتفاوت وتختلف حتى بالطمع، فحسرة إنسان يريد سيارة مرسيدس ولا يجدها مثل حسرة مسكين يريد اقتناء بشت، فكلها نفس المعاناة، وهمّ إنسان عنده أطفال جائعون يمكن أن يقابل همّ تاجر نزل إلى البورصة وخسر عشرين مليوناً بل يمكن أن تكون تعاسة هذا التاجر أكثر من الآخرين، هذا هو الإنسان دائماً محاط بظروفه، وهذه حكمة الله سبحانه وتعالى في الدنيا، لا يوجد شيء صافٍ وكل شيء له محاسن ومعاناة. * ولكن سمو الأمير هناك شاعر ضعيف وتجد كل اشعاره عن القوة، وهناك البخيل الذي يتحدث عن الكرم وهكذا.. هل هو تناقض في شخصيات الشعراء؟ - اعتقد أن كل واحد يتكلم بهاجس طموحاته أو أحلامه ولكن شعرياً فالافضل للإنسان أن يتكلم عن حقيقته، فالملاحظ ان كل الشعراء أصبحوا يكتبون في حبيبة واحدة دائماً لها نفس الملامح ونفس الصفات وليته لو تكلم كل واحد منهم عن حبيبته بالشكل الصحيح حتى ولو كانت الصورة مخالفة واختلف المعنى كله، ولكن للأسف ان بعض الشباب يرون من سبقهم ويأخذون نماذج حبيباتهم كحبيبات في تجاربهم الجديدة (!!) يضحك. * لماذا اصبحت الساحة لا تستوعب الكبار يا ترى، ولماذا الكبار ابتعدوا أمثال سراج عمر وبدر بن عبدالمحسن عنها؟! - حدث اختلاف ففي السنين الأخيرة اصبح من الصعب على إنسان يحترم نفسه أن يخوض فيما يحدث في الساحة الحالية، والسبب ان وسائل الإعلام كانت في السابق قليلة اما الآن فالقنوات والوسائل الإعلامية كثيرة فأصبح الموضوع موضوع استهلاك، وفي فترة ماضية كان جيلنا قد عايش أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وحتى طلال مداح ومحمد عبده، والأغنية كانت تمكث سنة أو سنتين وهي تردد بين الناس أما الآن فتجد الشريط ينزل بخمس عشرة أغنية ولا يستمر إلا ستة شهور وينسى ويرمى! فالموضوع بالفعل استهلاك، والشيء الثاني من الصعب جداً ان تقدم شعراً راقياً جداً وفناً عالي المستوى كسلعة تجارية والسبب المراهقون وهم النسبة الكبرى الذين يشترون وهم الذين يطلبون الطلبات وهم الذين يتكلمون في التلفونات ويكلمون القنوات الفضائية واي إنسان فوق الثلاثين والاربعين لا يمكن ان يقول اهدي لفلان لأن ذلك يعتبر (عيباً)!! فجمهورنا أو جمهور سراج عمر هم الذين لا يسمع بهم أحد وجمهور الآخرين هم الذين يشترون ويتصلون!!. * سمو الأمير وماذا عن الاستفتاءات؟ - هذه الاستفتاءات ماذا تعني؟عندما يأتيك ان ثلاثمائة شخص اختاروا في مجلة (بدر بن عبدالمحسن) الشاعر الأول، فإن هؤلاء الثلاثمائة لا يملأون نصف قاعة!! وهل من اختاروه هو بالفعل الشاعر الأول، ما يحدث فقط هو أن هؤلاء الذين شاركوا هم من عندهم استعداد لأن يتكلموا أو يرسلوا رسالة وتخيل واحداً مثلي يفرغ نفسه ويعرض اعماله وهذه الاعمال لا يقبل عليها إلا من عمره 15 أو 17 سنة!!. * وما رأيك بالجيل الحالي من الشعراء؟ - الجيل الحالي جيد لو (0000) انما ظروفه لا تخدم الشعر الجيد، ومثلما قلنا ميكنة الوقت الحالي وهي اشكالية الدخول في حيرة الشعر الجيد أو النجومية وتحتار الاولية لمن هل هي للشعر أم للنجومية، فمثلاً الاغنية قد تحتاج لفيديو كليب لينجحها ولو ما حصل لها فيديو كليب حتى ولو كانت جميلة فلن تنجح مثلما أن الشاعر بحاجة لتلميع ومؤثرات صوتية جيدة وقاعة جيدة وحضور كبير وكيف توظف الاعلام لخدمته، مع أن هذا كله ليس له علاقة بالشعر والشاعر الجيد أبداً، وماذا سيقول الشاعر المبدع يمكن أن يقول بأن هذا آخر شيء وآخرهمْ. ممكن ولكن * وهل هذا يعني إمكانية أن يقيم (البدر) الامسية ولا يأتي بأي جديد وتجد الجميع يصفق له كثيراً إعلامياً؟ - نعم وهو أمر يختلف، ولكن من الصعوبة لدى الشباب ألا تجذبهم هذه الهالة وهذه الميكنة الحالية!! * بحكم تجربتك كيف نعدل اوضاع الساحة حالياً؟! - إذا كنت تريد الصحيح فانا لا أرى أن هناك امكانية اولاً لا انا ولا غيري نستطيع اقرار قوانين حول كيف يقال الشعر، فالشعر لكل الناس والناس احرار يقولون ما يشاؤون!! ولكن من السذاجة ومن السخف آن تصدر امراً للاذاعة أو القنوات ألا تذيع إلا هذه الأغاني.. لأنه لا أحد يستطيع اجبار الناس على ذوق معين!! * اذن لا يوجد حل لاصلاح عدم اتزان الساحة الشعرية حالياً؟! - ربما بإمكان الدولة ان ترعى هذه المسألة ومسألة الابداع ككل كأن توضع جوائز وتوضع مناسبات بالشعر، ويكون الحافز امام المبدع هو الوقوف امام سمو ولي العهد أو سمو النائب الثاني لمنحه وساماً، فهذا يعطيه ذلك الحافز كما ان الجوائز لها قيمة لتعطي الجميع الطموح. * اذن هذا هو العلاج؟ - ربما، ولكن من المؤكد أن هذا سوف يساعد اما الآن فالهدف الوحيد هو الشهرة والأمسيات واللقاءات الصحفية والمجلات، هذا هو الهدف وهو شيء مغرٍ ان تأتي من الظل وتصبح على لسان كل أحد أو تعتقد على الأقل انك على لسان كل أحد والصحيح انها دائرة مغلقة ضيقة!! لست متابعاً * سمو الأمير هل أنت متابع جيد للساحة حالياً؟ - بصراحة لست متابعاً في السنوات الأخيرة، وحتى المتابعة صارت صعبة جداً لان الكم كثير ولا أستطيع ان اقيم اسماء بعينها من الشعراء، ولكن أقول لك ملاحظة وهي وجود كم كبير جداً من الشعراء الجيدين، فأنا في حياتي لم يمر علي وجود حوالي مائتي شاعر كلهم يقولون شعراً جيداً، ولكن للاسف قاماتهم متساوية فأنت لا تجد فيهم أحداً بارزاً بشكل يميزه عن الجميع، ففي الماضي تجد اثنين أو ثلاثة شعراء يبرزون والباقون عاديون، والسؤال كيف يرتقي هذا الإنسان ثم يقف فجأة!! لا أحد يعرف ما هو السبب؟! نعم هناك شعراء كثيرون وتسمع شعراً جيداً لكنه ليس مبهراً واصبح سماع قصيدة مبهرة أمراً نادراً!! ونستطيع ان تسمي شاعراً، لكن هل تستطيع أن تقول أو تحفظ ثلاثين بيتاً له حققت وقعاً على الناس؟ الاجابة لا، نعم لهم قصائد لكن ليس لهم أبيات شعرية راسخة في اذهان الناس أو متداولة مع الناس!! * إذاً ما هي الرسالة التي تود ان توصلها للجيل الجديد من الشعراء وهل تؤمن بمسؤولية سموك تجاه هؤلاء؟ - نعم مؤمن بمسئوليتي ولذا تجدني بعيداً عن الجري خلف الأمسيات الشعرية وغيرها من الأضواء، وأحاول أن أعطيهم مثلاً بأن الأمسيات ليست كل شيء ولا المجلات كل شيء رغم ان تجربتي في محاولة تقديم هذا المثل غير ناجحة ولكن هذا يسعدني من الداخل وهذا هو الأهم، فمن المؤكد انك بالشعر الجيد سوف تستمر وبغيره سوف تنسى تماماً، فالمسألة ليست مسألة أمسيات، وهناك من يعتقد انه اذا نشر شعره على ورق صقيل وطباعة فاخرة فانه سيزيد الشعر جودة وهذا خطأ (يضحك) فالناس يمدحون الغلاف والورق ولكن المضمون سيقولون عنه انه لا يوجد فيه شيء!! ولو طبعته على ورق أصفر رخيص جداً وكان شعراً عظيماً فسوف يقال الورق رخيص والشعر عظيم، لذا ليس المهم اللقاءات الصحفية أو التلفزيونية أو الأمسيات. ويجب أن تجلس على شعرك وتعتني به وتعطيه حقه من الوقت والجهد والإبداع وهذه هي الخطوة الأولى، ساعتها اذا اخلصت في هذا الموضوع فمن حقك وبإمكانك ان تقيم الامسيات أو اللقاءات وليس مهمتك البحث عن الاشياء الجانبية (اجهزة الصوت) والقاعة وانما اهتم بالشعر الحقيقي والجيد فهو الذي سيوصلك بإذن الله. سلاح ذو حدين * ولكن نجد أن هناك شعراء كباراً ولهم وزنهم ومن جيل (البدر) حريصين على اللقاءات الفضائية المستمرة والأمسيات الشعرية وربما في أوقات متقاربة؟! - أنا شخصياً لا الومهم فهي (طاحونة) وانا من تجربتي وأنا أتكلم عن تجربة طويلة اقول إن ذلك سلاح ذو حدين وشيء موذٍ في بعض الأحيان فتسمع ان انساناً أقام امسية وتسأل كم عدد الحضور فيقولون ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف، ثم تقيم أمسية ولو نقص الحضور ثلاثة أشخاص تقول لماذا نقصوا هل هو أحسن مني.. لا أنا أحسن منه!! فهذا هو المقياس الذي أصبح وهذا مقياس خاطئ!! والمثل واضح فهناك مطربون بمصر لا يعرفون القراءة والكتابة ولا الموسيقى ويوزعون بملايين أشرطتهم وهذا ليس بمقياس، فكون ان تشتري شريطاً ربما لتضحك عليه لا يعني أن صاحبه متفوق لأن التوزيع عالٍ وهذا المقياس اعتبره مقياساً خادعاً!! وخذ مثلاً عندما يأتي عالم لمجلس ما ومعه شخص آخر نكرة ويُضحك الحاضرين ربما الناس ينتبهون للثاني ويتركون العالم لانهم يريدون أن يضحكوا !! وأتمنى أن أكون العالم الذي يستمع له اثنان ولا المهرج الذي يضحك عليه الناس!!. * ماذا عن الشعر النسائي وكيف ترى مستقبله؟ - أتصور انه بعد سنوات سيكون أفضل لان المرأة لدينا عندها معاناتها الكبيرة، ولكن هناك مسئولين عن النشر في المجالات الإعلامية ممن يكرّهون المبدعات الحقيقيات في الابداع والاستمرار في هذا المجال وشخصياً لا أمانع ان تكتب ابنتي الشعر وتنشر ولكن من المهم ان تبتعد عن هؤلاء الذين اساؤا للشعر!! محمد عبده.. فقط * كيف تجد التعامل في مجال الشعر مع المطربين سابقاً وحالياً ومن هو الفنان الذي لديه الاستعداد لتقديم أغان راقية؟ - أنا اتعامل مع مطرب أو ملحن مثل تعاملي الأول، فعند دخولنا للشعر استطعنا ان نوصل اسم الشاعر ليوازي اسم المطرب أو الملحن لان الناس كانوا لا يهتمون باسم الشاعر، اما الآن فقد رجع الموضوع إلى ما كان عليه وأصبح الشاعر مهمشاً بحيث يأتيه المطرب ليريه اللحن ويطلب تركيب كلمتين أو ثلاث عليه، وأصبح المطرب حالياً سيبويه عصره وهو الذي يفهم الشعر وهو الذي يفهم ما ينجح وما لا ينحح، وأنا ما عندي استعداد ان أتعامل هكذا، ومثال آخر أن يأتي آخر يقول أريد اغنية شبابية فمن الطبيعي اذا كنت تريد أغنية مثلما تقول فعندك «ربعك اللي كتبوا لك» واعتقد اذا كتبت أغنية متواضعة وتافهة ربما تنجح ولكن تضرني كثيراً، والفنان محمد عبده هو الذي يملك الاستعداد لتقديم الأغاني الراقية والمميزة! * سمو الأمير أصبح الجميع يمارس النقد للشعر هل هناك نقاد فعلاً وهل وصلوا إلى مستوى جمال النصوص التي ينتقدونها؟! - لا أعتقد، وهذا فيه اجحاف كبير، والمشكلة ان هناك من النقاد من يؤمن بأن الشعر الشعبي سيؤثر على الفصيح (اللغة العربية) والاخوان الذين ينادون بالفصحى عندما يجلسون في منازلهم ويتحدثون مع أولادهم فانهم يتحدثون بالعامية، وأنا نفسي كشاعر اكتب بالعامية لا اتصور ان اكتب رسالة بالعامية ولكن اكتبها بالفصحى، وفي نفس الوقت هم للأسف يجهلون شيئاً وهو ان العامية الموجودة هي عامية متطورة ربما دخل عليها 70% من الفصحى ولو استمرت على ذلك فسوف تصل إلى الفصحى لانها عامية مثقفة. * ماذا عن اتجاهك للشعر الفصيح؟ نريد توضيحاً كبيراً؟ - أنا لست متجهاً للشعر الفصيح كشعر فصيح وانما اكتب خواطر.. مجرد شيء نثري. * وما هو العمل القادم؟ وهل تنوي انتاج ديوان ومتى؟ - لا ليس دايوناً وانما عمل سيرى النور قريباً والمفروض ان أكون أنهيته ولكن بصراحة أنا كسول وهو عبارة عن مقالات ولكن فيها نفس شعري لبدر بن عبدالمحسن بالفصحى. * ماذا سيرى جمهور البدر فيها وما الجديد؟ - سوف يرون فيها نموذجاً مختلفاً ومن الوهلة الأولى سيقولون بالفعل انها لبدر بن عبدالمحسن وهذا ما ركزت عليه حتى ولو كانت بالفصحى!! * سمو الأمير مرثيات البدر عادة ما يتأخر خروجها للنور كثيراً بعد رحيل الاشخاص بفترات كبيرة فإلى ماذا تعزون ذلك؟! - لانني أحترم الشعر وأنحاز للشعر حتى على الأشياء التي تحزنني تماماً، والقصد أنني عندما اكتب مرثية اكتبها باحساس مرثية ولكن اقيسها بمقاييس القصيدة ذات المستوى الذي اطمح إليه واذا لم تعجبني أقوم بتأخيرها لثاني أو رابع يوم لانه يهمني القصيدة فأنا أحس اذا كنت حزيناً على شخص انه بامكاني ان أكتب عنه كلاماً نثرياً فلماذا أكتب قصيدة؟ اما حين أريد أن أكتب قصيدة فيجب أن تكتب القصيدة كما يجب أن تكتب سواء كانت مرثية أو غيرها. * وما هي آخر قصيدة للبدر؟ - هي المرثية التي خصصت بها «الجزيرة» ونشرت مؤخراً!! * سمو الأمير مواقفك المميزة مع (الجزيرة) هي التي دفعتنا للحضور لمكان (المخيم) رغم هطول المطر ورغم احساسنا باننا ربما اقتطعنا من وقتك المخصص للتمتع بأجواء حائل الممطرة الجميلة؟ - على العكس يسعدني ذلك و ل «الجزيرة» ولرئيس تحريرها الاستاذ خالد المالك تقدير خاص ومكانة وتربطني بالمالك صداقة متينة وأتمنى ل«الجزيرة» كل توفيق ونجاح، وقد اسعدني هذا اللقاء واشكرك شخصياً وان شاء الله نلتقي خلال الأمسية الشعرية التي سأقيمها في حائل نهاية الاجازة الصيفية بتنظيم من جمعية الثقافة والفنون بحائل، وأنا حريص بالفعل على الالتقاء بالوجوه الطيبة بحائل وحقهم علينا كبير، فما بيني وبين عشق حائل ومحبة أهل حائل أكبر من أن يوصف!! * سؤال أخير هل تعدهم بقصيدة بحائل؟! - أنا لست مع من يكتب عن الغروب والمطر والعشب ولكن مع من يكتب وفي قلبه العشب والمطر حتى ولو كان في مكان قاحل اما ان أعدهم فلا واتركها للظروف!! لقطات من اللقاء!! * استغرق الحوار زهاء الساعة في موقع خارج مدينة حائل ويسمى (صبحاء) وسبقه تحضيرات ولقاء جانبي قبله بيوم!! * الأمير بدر أكد عشقه لحياة البادية قولاً وعملاً من خلال هذا المخيم والصقور من حوله وردد الجميع معه: (أنا بدوي ثوبي على المتن مشقوق)!! * عندما انتهى الحوار كان (للبدر) موعد مع سفر بري من خلال السيارة متجهاً للعاصمة الرياض حيث كان سموه كريماً ونحن نطيل امد الحوار رغم الموعد المسبق لسموه وارتباطاته الأخرى!! * أمسية البدر في حائل انطلقت الاستعدادات لها من الآن من قبل جمعية الثقافة والفنون بحائل وستحفل بالعديد من المفاجآت والاضافات التنظيمية غير المسبوقة!! * كان تواضع البدر هو السمة الواضحة خلال جلساته البرية وكان قريباً من الجميع صغيراً وكبيراً. * أحاديث البدر الجانبية اتسمت بالتشويق وتطرق سموه لمختلف الاتجاهات وركز على أهمية وعي الشباب وادراكهم لمسئولياتهم الوطنية لمواجهة ما يحاك ضد الوطن وضد اجيالنا القادمة!!