شهور مضت.. وأيام انقضت.. وما زال الجرح ينزف والعين تذرف آه ثم آه آهات أنثرها في هذا الكون.. وزفرات تخرج من صدري كم أنت حقيرة أيتها الدنيا.. كم اغتر بك من أناس، فظنوا أنهم في سعادة دائمة وفي راحةٍ مقيمة ثم حلَّ بهم في غرةٍ طارق الموت فأخذهم بغتة وهم مبلسون صدق الله ومن أصدق من الله قيلا. {كٍلٍَ نّفًسُ ذّائٌقّةٍ المّوًتٌ}. الله المستعان.. إنها حقا دنيا الفناء.. دنيا الغرور.. دنيا الرحيل.. إنها الدنيا الدنيئة دنيا حقيرة.. دنيا بائسة.. إلا إذا احتواها ذكر الله وعبادته شهور عديدة ذهبت من وفاة أخيتي.. شقيقتي.. من ملأت بيتنا أنساً وسعادة من تركت في كل زاوية من بيتنا صورة ابتسامتها الجميلة يا رمز الطهر والعفاف.. ويا قمة الأخلاق والحياء.. يا زهرة خطفها الموت قبل أن تنثر عبق رحيقها بين الأنام يمرُّ رمضان.. ويمرُّ العيد.. ويزداد معه ذكراكِ عفواً.. فلا أملك أن أعبر عما في قلبي من الأسى والألم أسلي نفسي دوماً بتكرار قوله جل وعلا {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }. أبرار اسم سيظل شعلة.. سيظلُّ علما ومكانة.. سيظل قدوة اقتدي بها أبرار اسم لامع.. يحمل في طياته الإيمان والسعادة والأنس والبراءة يا ربِّ.. إلهي.. مولاي.. خالقي.. يا من رحمته سبقت غضبه.. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا.. يا ذا النعم التي لا تحصى عددا.. يا من شيمته الصفح.. يا ربِّ مسألة واحدة ألُح عليها وأطلبها.. أمنية واحدة هي التي اريدها.. يا رب اجمعني بأخيتي في فردوسك الأعلى مع والديّ واخوتي.. وتحت ظلال شجرة طوبى.. هناك حيث السعادة الأبدية.. والحياة السرمدية.. يا ربِّ ارحمها.. يا رب افسح لها في قبرها.. ونوِّر لها في لحدها.. واجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأذقها من ثمار الجنان وأشربها من أنهار الماء واللبن والخمر والعسل وألبسها من الحلي والاستبرق ومن السندس اللهم أبلغها مني الدعاء.. والله المستعان.. وإنا لله وإنا اليه راجعون. على ذا مضى الناس اجتماعٌ وفرقةٌ.. ميت ومولود بشر وأحزان