يعد داء السكري من الأمراض المنتشرة في جميع أنحاء العالم ولا يقف انتشاره على البلدان النامية فحسب بل المتقدمة أيضا، ولكن نسبته تختلف من دولة إلى أخرى. ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية تظهر الإحصاءات أن 16 مليون شخص يعانون من المرض ومضاعفاته وأن العدد في ازدياد بنسبة 6% سنويا. وترتفع نسبة هذا المرض في المملكة العربية السعودية وبعض بلدان الشرق الأوسط بصورة مخيفة حيث تشير احدث التقارير الطبية إلى أن نسبة المرض في المملكة هي 25% من مجموع السكان الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاما، هذا يعطي مؤشرا خطيرا حول نسبة انتشار هذا المرض والتي ارتفعت خلال العقدين الآخرين بصورة كبيرة في جميع مراحل العمر دون التوقف على سن معين الأمر الذي يضعنا أمام سؤال مهم وهو الوقوف على أسباب ارتفاع نسبة هذا المرض. يلعب العامل الوراثي دورا مهما في هذا الداء مع وجود عوامل أخرى واذكر منها في المملكة العربية السعودية طريقة الحياة اليومية النشاط اليومي، والعادات الغذائية إضافة إلى البدانة والسمنة والتي تعتبر عوامل رئيسية للمرض. لماذا يرتفع مستوى جلوكوز الدم في الداء السكري؟ يعتبر الجلوكوز المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان ويعتمد مستواه في الدم على كمية الجلوكوز الممتصة من الأمعاء من ناحية وكمية الأنسولين المفرز من قبل غدة البنكرياس من ناحية أخرى. فهرمون الأنسولين هو الذي يساعد على دخول الجلوكوز إلى داخل خلايا الجسم وبالتالي تتولد الطاقة اللازمة لعمل الخلايا، ومن فهمنا لهذه الآلية نستطيع القول إن الشخص الذي يصاب بداء السكري عندما تكون كمية الأنسولين المفرزة من البنكرياس غير كافية أوغير فعالة لمساعدة الجلوكوز للدخول إلى داخل الخلايا وبالتالي لا يدخل الجلوكوز في الحالة الاستقلالية للجسم ويبدأ معدل السكر في الدم بالارتفاع. أنوع داء السكري: لقد تم تمييز نوعين رئيسيين لداء السكري وهما: - النوع الأول: ويشكل 10% من مجموع مرضى السكري، يصيب الأطفال والبالغين حيث يكون إنتاج الأنسولين عند هذا النوع من المرضى قليل جدا وهذا يحتم عليهم استخدام الأنسولين بشكل دائم للمحافظة على حياتهم. - النوع الثاني: وهو الأكثر انتشارا ويشكل 90% من مرضى داء السكري، ويصيب الأعمار المتقدمة عموما وان لوحظت إصابات فردية عند أشخاص اقل عمرا والآلية هنا مختلفة عن النوع الأول حيث إن الخلايا تقاوم عمل الأنسولين أوتكون غير حساسة تجاهه رغم وجود الأنسولين بشكل طبيعي في الجسم، أحيانا بكميات كبيرة، وبالتالي يكون أداء الأنسولين في مساعدة الجلوكوز للدخول إلى خلايا الجسم غير كاف، وفي المراحل المتقدمة تصبح هناك إعاقة لانتاج الأنسولين مما يضطر الطبيب للتدخل لتعويض الكمية المطلوبة بحقن الأنسولين. أعراض الداء السكري ومضاعفاته: للمرض أعراض عديدة فمع بدء ارتفاع معدل السكر في الدم تبدأ أعراض الداء بالظهور كالإحساس بالعطش وزيادة عدد مرات التبول وفقدان الوزن واضطرابات الرؤية وغيرها. ومع استمرار ارتفاع معدل السكر تبدأ المضاعفات بالظهور كاعتلال شبكية العين وإصابة الكلى والاعتلالات العصبية والسكتة الدماغية، والداء القلبي وبتر الأطراف، مع العلم أن مرضى السكر عادة ما يتعرضون للانتانات اكثر من غيرهم خاصة الانتهازية، ومع استمرار ارتفاع معدل السكر تضطرب سوائل الجسم والشوارد مؤدية إلى أعراض ومضاعفات أخرى.حاليا ومع تطور العلم فقد توفر العلاج المناسب لهذا الداء بكلا نوعيه، وتكمن أهمية العلاج بالبدء المبكر به، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن البدء المبكر للعلاج يؤدي إلى التقليل من أعراض المرض ومضاعفاته. التشخيص: حسب إرشادات الجمعية الأمريكية لمرضى الداء السكري نقول إن المريض مصاب بالداء السكري إذا: * 126 مغ/دل « * 7 ممول/ل». * 200 مغ/دل «*11 ممول/ل». * 105 مغ/دل. - على من يجب إجراء فحص سكر الدم؟ تجمع الجهات الطبية والمختصين على أهمية إجراء الفحص على جميع الأفراد الذين تجاوزت أعمارهم 45 عاما وتكرارها كل 3 سنوات مع وجود مجموعات دون هذا السن تجب عليهم إجراء هذه الفحوصات وهم: - ذوو البدانة والسمنة. - من لديهم أقرباء من الدرجة الأولى ويعانون من هذا المرض. - السيدات اللاتي لديهن حالة سكري أثناء الحمل أوأن مواليدهن يزيد وزنهم على 4 كيلوغرامات. - الذين لديهم ارتفاع الضغط الشرياني. - الذين يعانون من اضطراب الكوليسترول والشحوم الثلاثية. خيارات العلاج: تتوفر حاليا العديد من الخيارات العلاجية لمرضى الداء السكري فبالإضافة إلى الأنسولين بأنواعه «القصير الأمد والطويل الأمد» تم تمييز 4 مجموعات على الأقل من خافضات السكر تؤخذ عن طريق الفم ومن الضروري قبل البدء بأي نوع من العلاج مراجعة طبيب الغدد والداء السكري لإجراء الفحوصات اللازمة، واختبار العلاج المناسب. ومؤخرا بدأ الحديث عن عمليات زرع الخلايا المولدة للأنسولين في بنكرياس المريض المصاب بداء السكري، وهذه العمليات ما تزال حتى الآن قيد البحث والدراسة، وان نجاحها سوف يفتح أبواب أمل جديدة لدى المرضى وخاصة مرضى النوع الأول. الحمية الغذائية: يرى الأطباء أن الحمية الغذائية والتمارين الرياضية عاملا مهما بجانب الأدوية في علاج مرضى الداء السكري، فبدون الحمية الغذائية وبدون ممارسة الرياضة يحتاج المريض لمزيد من الأدوية للحفاظ على المستوى الطبيعي لجلوكوز الدم.ويقوم بتحديد برنامج الحمية الغذائية طبيب الغدد والداء السكري وأخصائي التغذية وذلك للتأكد من أن الحمية ستؤدي دورها المطلوب. السيطرة على المرض: إن كيفية السيطرة على هذا الداء أمر يشغل بال الكثير من المرضى، وكما نعلم فان أعراض هذا المرض تبدأ بالظهو ر عندما تبدأ أرقام سكر الدم بالارتفاع إلى أعلى من 180 مغ/دل مع العلم بأن هناك بعض المرضى يرتفع معدل السكر في الدم لديهم ما بين 140 مغ/دل - 200 مغ/دل دون أن يشعروا بذلك وتتطور لديهم ولا يتم اكتشاف ذلك الأبعد ظهو ر مضاعفات هذا الداء المزمنة.وهنا تنبع أهمية مراجعة الطبيب بشكل دوري وعادة ما ينصح الأطباء مرضاهم بضرورة اقتناء المريض لجهاز قياس سكر الدم في المنزل، وهناك طريقتان ينصح باتباعهما: الأولى: أن يكون سكر الدم قبل الأكل ما بين 80- 120 مع/دل أوسكر الدم بعد ساعتين من تناول الوجبة اقل من 150مغ/دل، ويجب هنا قياس سكر الدم من 2 إلى 3 مرات يوميا في المنزل. الثانية: إجراء فحص الخضاب الجلوكوزي HbA1C الذي يقدم لك أرقاما حول قيم السكر في الدم في الثلاث اشهر الأخيرة، ويجب إجراء هذا التحليل كل 3 شهو ر.ويحذر الأطباء مرضى الداء السكري من نقص السكر في الدم الذي عادة ما يحدث بسبب تأخر الوجبة الغذائية أوعدم تنظيم مواعيد الطعام أوخلال ممارسة التمارين الرياضية والنشاط الجسدي أوتناول جرعة زائدة من الأنسولين أوحبوب خافضات السكر. وتتجلى أعراض نقص سكر الدم بالارتعاش والرجفة والخفقان والجوع والصداع مع دوخة تصل إلى الإغماء. وعلاجها تناول كمية من السكريات سريعة الامتصاص مثل عصير الفواكه والسكريات البسيطة وفي حال ظهور أعراض نقص سكر الدم اكثر من مرتين أسبوعيا يجب استشارة الطبيب لتغيير طريقة العلاج. نصائح عامة لمريض الداء السكري: - ممارسة التمارين الرياضية. - إجراء اختبار وتسجيل مستوى سكر الدم من حين لآخر. - إجراء فحص الدم الخضاب الجلوكوزي HbA1C ما بين 3-4 مرات سنويا. - فحص وقياس النظر سنويا. - فحص البول سنويا لتجنب إصابة الكلى. - فحص مستوى الدهو ن في الجسم. - مراقبة الاضطرابات العصبية كالألم والتنميل في اليد والقدم والضعف الجنسي. - فحص ذاتي للأقدام والجلد. - الامتناع عن التدخين. - المتابعة الطبية الدقيقة قبل الحمل وأثنائه. د. سيد سلمان علي استشاري الغدد الصماء والسكري مستشفى المركز التخصصي الطبي