بلدية محافظة بيش تواصل أعمال النظافة اليومية بالكورنيش حفاظًا على الشاطئ وراحة الزوار    الخوص من حرفة إلى فن حضور لافت للحرف اليدوية في مهرجان جازان 2026    زيلينسكي: مسودة سلام تشتمل على ضمانات أمريكية لمدة 15 عاما    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    رونالدو يستهدف الهدف 1000    الأمن البيئي يضبط مخالفًا في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    تأجيل الدوام في مدارس منطقة تبوك إلى الساعة التاسعة صباحًا    جمعية الزهايمر تستضيف المرضى وأسرهم في رحلات الخير    ختام النسخة الأولى من برنامج "حرفة" بالمنطقة الشرقية    الإنهاك العاطفي الصامت حين يستنزفك الضغط دون أن يراك أحد    تداولات محدودة لأسهم آسيا    طرح 24 مشروعًا عبر منصة "استطلاع"    والد الفريق محمد البسامي في ذمة الله    كونسيساو يرفض إراحة اللاعبين    الهلال يعاود تحضيراته للخلود    وكيل إمارة الرياض يستقبل مدير فرع وزارة البيئة    أرض الصومال.. بؤرة الصراع القادمة    حتى لا تُختطف القضية الجنوبية.. المملكة ترسم خطوطًا فاصلة في حضرموت والمهرة    محمية الملك سلمان تدشّن "الإصحاح البيئي" في "نايلات"    اختبارات اليوم الدراسي.. تعزيز الانضباط    بلدية الرس تصادر 373 كلغم من الغذاء الفاسد    فهد بن محمد يكرم مدير «جوازات الخرج»    227 صقرًا تشارك في 7 أشواط للهواة المحليين بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الرابع    د. باهمام يحصل على جائزة «الطبيب العربي» 2025    مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي.. إعادة تشكيل هوية الحرف    الشؤون الدينية تطلق مبادرة "عليكم بسنتي"    "الشؤون الإسلامية" تقيم مسابقة القرآن في الجبل الأسود    الركراكي: أنا الأنسب لقيادة الأسود للقب    غرق مئات من خيام النازحين في غزة    السجن 1335 عاماً لعضو في عصابة بالسلفادور    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بالسودان ولبنان.. وصول الطائرة السعودية ال77 لإغاثة الشعب الفلسطيني    صراع شرس بين كبار أوروبا لضم «نيفيز»    في انطلاق الجولة ال 12 من دوري روشن.. ديربي قصيمي بين التعاون والنجمة.. وشرقاوي يجمع الخليج والفتح    بين التانغو والتنظيم الأوروبي.. البحث عن هوية فنية جديدة للأخضر    التحضيرات جارية للقاء نتنياهو وترمب.. 3 دول توافق على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية    الإجرام الجميل    حكم بالحبس والغرامة على «مها الصغير»    هديل نياز.. فنانة بطموحات عالمية    موجز    «الموارد»: توظيف 65 ألف مواطن في قطاع الاتصالات    الزواج بفارق العمر بين الفشل والناجح    البيت الحرام.. مثابةٌ وأمنٌ    وزير التعليم يطلع على إنجازات الكلية التقنية بحائل    اختبار دم يتنبأ بمخاطر الوفاة ب«مرض القلب»    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    طرائف الشرطة الألمانية في 2025    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    علاج جيني روسي لباركنسون    إلغاء سندات لأمر في التمويل لبطاقات الائتمان    رفض واسع يطوق قرار نتنياهو ويفشل رهاناته في القرن الإفريقي    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    عصير يمزق معدة موظف روسي    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بئس مطية الرجل زعموا

الإشاعة تلك الآفة التي تسري في جسد المجتمع سريان النار في الهشيم فتأكل بشراهة وتفسد في لحظات ما يفسد بغيرها في أيام وسنين، والمتأمل للواقع والتاريخ يعلم علم اليقين ما للشائعات من خطر عظيم على كيان المجتمعات فالشائعات تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص، فكم أقلقت الإشاعة من أبرياء وحطمت عظماء، وهدمت مجتمعات، وفككت من علاقات وصداقات، وكم هزمت من جيوش وأخرت من سير أقوام.
ولما كان للإشاعة سوق رائجة وبضاعة نافقة مع عدم الاكتراث والتقدير للآثار الناتجة من كذب وبطلان الإشاعة والذي سببه عدم التثبت من الأخبار وأخذها جزافاً دون تمحيص أو نقد، ولو رجعنا إلى أدب الإسلام في مثل هذه الأمور لما حدث ما حدث وما سيحدث- والعلم عند الله- من تناقض الأخبار والمصادر فهذا ينفي وهذا يثبت وذاك يشكك وآخر يؤكد، وأدب الإسلام في ذلك عريق ومنهجه عظيم في بيان الأخبار الصحيحة من سقيمها يتمثل في نصوص عدة من الكتاب والسنة، نقتصر هنا على قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، فهذا نداء وأمر بالتبين وتحذير من التسرع ثم بيان العاقبة الوخيمة في حالة عدم التروي والتثبت، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم :« بئس مطية الرجل زعموا» قال الخطابي في كتابه «معالم السنن»: وإنما يقال زعموا في الحديث لا سند له ولا ثبت فيه وإنما هو شيء حكي عن الألسن على سبيل البلاغ فذم النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث ما كان هذا سبيله وأمر بالتثبت فيه والتوثق لما يحكيه من ذلك فلا يردونه حتى يكون معزياً إلى ثبت ومروياً عن ثقة»، والإشاعة في اللغة مأخذوة من مادة «شيع» يقال شاع الخبر: أي ذاع، وأشاع ذكر الشيء: أطاره، والشاعة: الأخبار المنتشرة، ورجل مشياع: أي مذياع لا يكتم سرا، والمعنى المشترك بين المعاني اللغوية لمادة شيع هو الانتشار والتكاثر ومن التعاريف الاصطلاحية لكلمة الإشاعة:« بث خبر من مصدر ما في ظرف معين ولهدف ما يبغيه المصدر دون علم الآخرين وانتشار هذا الخبر بين أفراد مجموعة معينة وقيل أيضا انها أخبار مشكوك في صحتها ويتعذر التحقق من أصلها ويتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة اليهم ويؤدي تصديقهم أو نشرهم لها إلى اضعاف روحهم المعنوية، ومروج الإشاعة لا يخلو مراده من أربعة مقاصد: إما النصح أو الشماتة أو الفضول وهذا أغلب حال المروجين للإشاعة وذلك أن إصغاء السامعين لحديثه وتشوقهم له دافع عظيم للتزيد في الكلام بغيه تشويق وتعليق السامعين لقوله، وآخر مقصد هو قطع أوقات المجالس بذكرها وهذا مما ابتلي اغلب الناس به فمن المعلوم المشاهد أن كل من الحاضرين أو أغلبهم في المجالس يريد أن يدلي بدلوه للمشاركة في الكلام والنقاش- ولو كان غير ذي فائدة- ويرى أن السكوت نقصا في حقه فتراه يذكر هذه الإشاعة بقصد المشاركة في الحديث بغض النظر عما يترتب على نقله ذلك، ولقد اصطلى نبي هذه الأمة صوات ربي وسلامه عليه بنار الإشاعة في حادثة الإفك فهو حدث الأحداث في تاريخه عليه الصلاة والسلام، فلم يمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الواقعة، وهي مجرد فرية وإشاعة مختلقة مكث مجتمع المدينة الطاهر شهراً كاملاً وهو يصطلي نار تلك الفرية حتي تدخل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة الفظيعة وليكون درساً تربوياً رائعاً لذلك المجتمع النبيل، يقول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
}، فهم ليسوا فردا ولا أفرادا بل هم عصبة متجمعة ذات هدف واحد، ولم يكن عبدالله بن أبي سلول وحده الذي أطلق ذلك الإفك، إنما هو الذي تولى معظمه، وهو يمثل عصبة اليهود أو المنافقين الذين عجزوا عن حرب الإسلام جهرة فتحولوا للحروب السرية من خلال بث روح الإحباط والفتنة والتقاعد بين صفوف المسلمين، ثم سارع المولى القدير بطمأنة المسلمين من عاقبة هذا الكيد: {لا تّحًسّبٍوهٍ شّرَْا لَّكٍم بّلً هٍوّ خّيًرِ لَّكٍمً}، فهو خير أن يكشف الله للمسلمين عموما إلى قيام الساعة عن المنهج القويم في مواجهة مثل هذه الإشاعات، وماينبغي للمسلم عند سماعه مثل هذه الإشاعات والأخبار أن يلتزم بهذا المنهج الرباني:
1- يقدم حسن الظن بأخيه المسلم :{لّوًلا إذً سّمٌعًتٍمٍوهٍ ظّنَّ المٍؤًمٌنٍونّ والًمٍؤًمٌنّاتٍ بٌأّنفٍسٌهٌمً خّيًرْا}.
2- أن يطلب الدليل الخارجي البرهان: {لّوًلا جّاءٍوا عّلّيًهٌ بٌأّرًبّعّةٌ شٍهّدّاءّ}.
3- أن لا يتحدث بما سمعه ولا ينشره، فإن المسلمين لو لم يتكلموا بمثل هذه الشائعات لماتت في مهدها ولم تجد من يحيها إلا من المنافقين {وّلّوًلا إذً سّمٌعًتٍمٍوهٍ قٍلًتٍم مَّا يّكٍونٍ لّنّا أّن نَّتّكّلَّمّ بٌهّذّا}.
4- عدم سماع ما يقوله المرجون للإشاعات الكذابون والمغتابون وأصحاب القلوب المريضة وعدم الرضى بذلك لقوله تعالى {وّفٌيكٍمً سّمَّاعٍونّ لّهٍمً}، أي للمنافقين وهذا هو الداء الكبير وهو أن يرضى فريق من الناس الاستماع إلى مثل هذه الشائعات وإلى كلام الكذابين والمغرضين.
5- أن يرد الأمر إلى أولي الأمر، ولا يشيعه بين الناس أبداً، وهذه قاعدة عامة في كل الأخبار المهمة، التي لها أثرها الواقعي، كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً
}.
6- تذكير الناقل بالعاقبة المتحصلة إذا كانت الإشاعة كذباً أو مبالغاً فيها:« { فّتٍصًبٌحٍوا عّلّى" مّا فّعّلًتٍمً نّادٌمٌينّ}.
وبعد فإن أمر الإشاعة هذا الذي زعزع الثقة في النفوس وفرق القلوب حتى إذا كادت تتألق وتجتمع لاح في الأفق عارض فلما قرب أو كاد هو كسابقة أجلبت علينا بخيلها ورجلها وممن ضمرها وأعان على نشرها ثلة من الناس تركوا كثيراً من واجباتهم واشتغلوا بما نهوا عنه فلا من الأجر غنموا ولا من الإثم سلموا فانظر يارعاك الله وسدد خطاك إلى واقع أمتنا ماذا ترى وماذا تسمع؟
E-mail. ahmed [email protected]ِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.