في مثل هذا اليوم من عام 1823 نشأ ما يسمى ب«مذهب مونرو» بسبب القلق الذي انتاب الولاياتالمتحدةالأمريكيةوبريطانيا من احتمال التوسع الأوروبي الاستعماري في الأمريكتين، فقد خشيت بريطانيا من أن تحاول إسبانيا المطالبة باسترداد مستعمراتها السابقة، التي حصلت على الاستقلال حديثاً، فلو حدث هذا، لكان إيذاناً بأُفول نجم تجارة بريطانيا مع هذه الأمم الجديدة. من جهتها رغبت الولاياتالمتحدةالأمريكية في أن تضمن عدم إقدام أي دولة أوروبية على محاولة التوسع في مستعمراتها بنصف الكرة الأرضية الغربي. وقد اقترح وزيرالخارجية البريطاني جورج كاننج القيام بمغامرة مشتركة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لحفظ مصالح الدولتين. لكن وزير الدولة، جون كوينسي آدامز، أقنع الرئيس مونرو أن على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تطور سياستها الخاصة لحفظ مصالحها بمفردها مستقلة عن بريطانيا. وقد تساءل آدامز: «لماذا يجب على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تظهر بمظهر التابع الصغير الذي يسير في ركاب يقظة المحارب البريطاني كما يتبع القارب الصغير السفينة؟» ثم صار مذهب مونرو أحد أسس السياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية. ولأن تصريح مونرو لم يدعمه تشريع من الكونجرس ولم يؤكده قانون دولي، فقد ظل في البداية مجرد إعلان للسياسات، لكن تزايد استخدامه وشعبيته رفعاه إلى مرتبة المبدأ، حتى سمي بعد منتصف خمسينات القرن التاسع بمذهب مونرو. وفي أبرز تصريحين لمونرو، أكد أن السلطات الأوروبية لم يعد بإمكانها استعمار القارتين الأمريكيتين، وأنه لا ينبغي لتلك السلطات التدخل في شئون الجمهوريات الإسبانية الأمريكية حديثة الاستقلال. وحذر الأوروبيين على وجه الخصوص من محاولة فرض النظام الملكي على الأممالأمريكية المستقلة، لكنه أضاف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تتدخل في المستعمرات الأوروبية الحالية ولا في أوروبا نفسها. وقد أكدت النقطة الأخيرة ما قاله جورج واشنطن في خطاب الوداع الذي ألقاه في عام 1796 وحث فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية على تجنب التورط في تحالفات، لكن مذهب مونرو لا يمثل سياسة تعتنق مبدأ العزلة.