كثيرا ما تتطرق إلى مسامعنا في هذا الشهر الفضيل مقولة البعض من الناس في أي موقف يتعرض له مهما كان متواضعا في حجمه «اللهم إني صائم» وهذا المقطع الذي ورد في حديث شريف للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم» ورغم وضوح هذا الحديث وعدم حاجته إلى تعليق أو تفسير لمعناه إلا أن البعض من الناس قد اعتاد جعل هذه الكلمات الشريفة جاهزة على لسانه في كل حين وفي كل مناسبة بحيث لم يجهد نفسه بالتعرف على المقاصد الواضحة من هذا الحديث وإنما أصبحت هذه الكلمات وكأنها «مثلاً» يضرب به في الأحاديث أو مقولة يستشهد بها في كل مجلس ومكان ومناسبة وبدون مناسبة وفي كل حادثة أو مزاح ومن دون سبب واضح، بل إنه ولمجرد نقاش بسيط بينه وبين أحد الزملاء في العمل أو الاستراحة حتى تقفز هذه الكلمات الى طرف لسانه ليقول جدياً أو مازحاً «اللهم إني صائم» بحيث يشعر البعض بأن هذه الكلمات قد أصبحت لا تشكل له ذات أهمية لأنها درجت على الألسن وأضحت من الأشياء المتعارف عليها في أيام شهر رمضان لكثرة ما يرددها البعض من الناس، رغم أننا لو تمعنا في معناها الصحيح لوجدنا أنها تحمل معنى كبيراً أراد به الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أن يوصله الى أصحابه ويخبرهم من خلاله كيف يجب أن يكون خلق المسلم وخاصة عندما يكون صائماً فالصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب وإنما هو كذلك إمساك عن الكلام الفاحش والسباب والتعرض للمسلمين بأعراضهم، وعندما يتعرض الصائم لمثل هذه الأمور فعليه أن يترفع بخلقه عن المهاترات والرد عليه بالمثل وإنما يكفيه أن يقول له «اللهم إني صائم» وذلك لتهدئة الوضع وتعريف الآخرين بأننا في شهر كريم له روحانيته وقدسيته وهو شهر العبادة والاستغفار من الذنوب وليس لزيادتها بالسباب والشتم والمضاربات. [email protected]