** في الرياض.. اشتهرت مؤسستان صحفيتان.. هما الرياض «مؤسسة اليمامة الصحفية» ومؤسسة الجزيرة للصحافة.. كاثنتين من أكبر المؤسسات الصحفية في المملكة. ** وعندما تسأل البعض.. كم في الرياض من مؤسسة صحفية يقول لك مؤسستين صحفيتين.. بينما هي في الحقيقة.. ثلاث مؤسسات صحفية.. فالثالثة.. مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية. ** «الدعوة» انطلقت قبل أربعين سنة.. ولذلك.. فهي تستعد هذه الأيام للاحتفال ببلوغ أربعين عاماً.. وتحاول أن تنطلق انطلاقة جديدة. ** مؤسسة الدعوة.. لا شك أنها في السنوات الأخيرة.. أوجدت لنفسها محلاً بين المؤسسات الصحفية.. فقد زاحمت وتحركت وتطورت ونفضت الكثير من الغبار الذي اعتراها طوال العقود الأربعة الماضية ولكن.. كيف هو هذا الاحتفال الذي تسعى له الدعوة؟ وبأي شيء تحتفل؟ ** الدعوة.. انطلقت كمؤسسة دعوية عامة على يد العلامة الكبير.. سماحة الشيخ الجليل محمد بن إبراهيم آل الشيخ.. شيخ العلماء.. وشيخ القضاة.. وشيخ الشيوخ في عهده. ** أسسها سماحة الشيخ قبل أربعين عاماً.. لتكون مؤسسة شرعية دعوية شاملة.. وليست مجرد مؤسسة صحفية تصدر مطبوعات.. بل هي تضطلع بواجب دعوي.. ويبدو لي أن تفكير سماحة الشيخ.. هو أن تقوم هذه المؤسسة بما تقوم به وزارة الشئون الإسلامية اليوم.. من تسيير الدعاة والاضطلاع بشؤون وشجون الدعوة.. والقيام بدور شرعي دعوي أشمل من مجرد اصدار صحفي أو أكثر. ** هكذا كان يخطط سماحة الشيخ.. أو هكذا فهمنا مراده من المؤسسة.. ولذلك.. فإن انطلاقة مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية.. اختلفت عن انطلاقة أي مؤسسة صحفية أخرى.. فالمؤسسات الصحفية الأخرى.. بدأت كصحافة أفراد.. شخص يصدر صحيفة هي ملك له.. وله امتيازها.. ثم بعد صدور نظام المؤسسات الصحفية.. حُوِّلت الصحيفة أو الإصدار إلى شراكة.. حيث طُرحت أمام مجموعة من الأشخاص.. فدخلوا كمساهمين وشركاء في الإصدار. ** أما مؤسسة الدعوة الصحفية.. فقد بدأت مؤسسة دعوية شرعية علمية.. خاطب سماحة مؤسسها الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عدداً من المسئولين والعلماء والوجهاء والأعيان والتجار.. مطالباً بدعم هذا المشروع الكبير.. فهب الكثير لدعمه كداعمين أو متبرعين.. وأذكر أن أكبر وأكثر الداعمين آنذاك.. هم كانوا أصحاب السمو الملكي.. أبناء الملك عبدالعزيز.. حفظ الله الموجود ورحمة الله المتوفى منهم. ** وأذكر.. أن سماحة مؤسس الدعوة رحمه الله.. جمع الأموال على يد الاستاذ الجليل الوقور.. سعد بن عبدالعزيز بن رويشد.. الذي قام بدور كبير في التأسيس.. حيث حمل خطابات سماحة الشيخ.. ودار على كل هؤلاء حتى جمع المبالغ منهم.. وحتى قامت المؤسسة. ** وعند قيام المؤسسة.. وضع لها نظاماً في البداية.. وشكل لها مجلس إدارة.. وأذكر أن أول رئيس لمجلس الإدارة.. كان معالي الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ.. وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى.. ونائب رئيس الافتاء سابقاً.. وأذكر أن أول مدير عام لها.. هو معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمنعم.. وكما هو معلوم.. أن أول رئيس تحرير لها.. هو أستاذنا الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس. ** وقد كان لي شرف العمل في هذه المؤسسة لسنوات.. حيث أشرفت على الصفحة الرياضية فيها.. وكانت علاقتي مع رئيس التحرير المتفوق الناجح عبدالله بن إدريس .. وكان صحفياً مهنياً متمكناً مرناً. ** الدعوة.. بدأت صحيفة.. وقد كان ترخيصها.. ويبدو لي حتى الآن.. أنها صحيفة يومية ( هكذا الترخيص وأن هناك مجلة اسبوعية مرخصاً لها تحت سقف المؤسسة مجلة «المنار» واستمرت المؤسسة تصدر صحيفة الدعوة اسبوعياً «أملاً» في أن تصدر بشكل يومي كما هو شأن الجزيرة والرياض.. لكن بدلاً من أن تصدر صحيفة يومية.. حُوِّلت إلى مجلة اسبوعية.. وماتت الصحيفة.. وماتت الفكرة.. وبقيت مجلة الدعوة تصارع البقاء.. وصارت مؤسسة الدعوة الإسلامية كلها عبارة عن مجلة في أربعين صفحة أسبوعية فقط.. وترنحت لسنوات حتى كادت تموت. ** الشيء الغريب في مسيرة «الدعوة» أنها ترنحت وضعفت وتراجعت في سنوات «الطفرة» وعادت لتحيا وتتوسع مجدداً.. وتنشط وتتطور في السنوات الأخيرة. ** لقد مرَّت «الدعوة» بسنوات عصيبة حتى نسيها الناس.. بل إنها لم تسع لأخذ أي مساحة أخرى بين المطبوعات أو تبحث عن قراء جدد أو متلقٍ آخر.. بل ظلت غائبة طوال الوقت.. وكلنا يذكر شكل مجلة الدعوة لسنوات طويلة.. كيف كان. ** اليوم.. الدعوة كمؤسسة.. تبحث عن مكانها اللائق وسط الآخرين. ** اليوم.. الدعوة تنشط وتتحرك وتزاحم وتصدر أكثر من خمس مطبوعات ولكن.. يبدو لي.. أن المشوار أمامها.. طويل للغاية. ** مشكلة الدعوة.. أنها تحركت ونشطت ونافست في ظروف مختلفة.. وظروف لا تساعدها على النمو بشكل جيد. ** هذه مقدمة بسيطة عن مسيرة مؤسسة الدعوة.. ولكن في الذاكرة أشياء كثيرة عنها... لعلي أسوقها في زوايا لاحقة إن شاء الله.