يتعرض أكثر من 750000 أمريكي للإصابة أثناء مزاولة الرياضات الترفيهية من بينهم 82000 حالة تتضمن إصابات في الدماغ. وفي الحقيقة، يمكن أن تسبب إصابات الدماغ وفيات أكثر من أية إصابات قد تنتج عن رياضات أخرى. ونظراً لاستمرار الزيادة في عدد المشاركين بالنشاطات الرياضية الترفيهية والمنظمة، فإننا نواجه اهتماماً متزايداً لفهم تأثيرات إصابات الدماغ الرضية التي يشيع حدوثها في الرياضات التي يكون بها احتكاك جسدي وتصادم. ومن الأمثلة على هذه الرياضات ما يلي: د. أديب عبدو كرة القدم الأمريكية: يعتبر هذا النوع من الرياضات مسؤولاً عن حدوث أكثر من 250000 إصابة بالرأس في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي كل موسم من المواسم، يتعرض 10% من لاعبي الكليات و20% من اللاعبين في المدارس الثانوية لإصابات في الرأس. الملاكمة: يتعرض ما يقرب من 90% من الملاكمين المحترفين لإصابات في الدماغ. وقد تتسبب اللكمات والضربات الزاوية في حدوث إصابة رضية حادة وربما إصابة رضية مزمنة في الدماغ. كرة القدم: يتعرض 5% تقريباً من لاعبي كرة القدم لإصابات في الرأس بسبب احتكاك رؤوس اللاعبين ببعضها بعضاً، أو السقوط أو ضرب الكرة بالرأس الذي يعتبر أكثر النشاطات خطورة، وهو يمكن أن يسبب الإصابة بارتجاج المخ في حالة تكراره. ركوب الخيل: هذه الرياضة مسؤولة عن 60% من الوفيات ذات الصلة بالفروسية، كما أن إصابات الدماغ تشكل 17% من جميع النشاطات المتعلقة بالفروسية، وفي 90% من الحالات، تنتج الإصابات التي تصيب الفرسان والتي تستدعي التنويم بالمستشفى نتيجة انفصال الفارس عن الحصان أثناء الركوب أو سقوط الفارس مع الحصان. التزلج على العجلات والألواح: تحدث الإصابات في الدماغ عندما يسقط المتزلجون وترتطم رؤوسهم بالرصيف. ويتسبب التزلج على الطرق باحتمال اصطدام المتزلج بالسيارات، وراكبي الدراجات الهوائية والمشاة كذلك. كرة القاعدة «البيسبول»: يتعرض الرأس للإصابة في هذه الرياضة أكثر من أي عضو آخر في الجسم، مع العلم أن ما يقرب من نصف الإصابات يحدث إما في رأس اللاعب أو وجهه أو فمه أو عينيه. وفي حين أن ضرب اللاعب بالكرة يعتبر السبب الرئيسي للإصابة أو الوفاة، فإن الارتطام يعتبر السبب الرئيسي الثاني لذلك. وبالرغم من أنه يمكن تصنيف الإصابة الرضية في الدماغ بأنها طفيفة أو متوسطة أو شديدة اعتماداً على شدة الإصابة ومقياس غلاسغو للغيبوبة «3 - 15» الذي يتضمن استجابة المريض بفتح العينين، ورد الفعل الحركي، والقدرة على التواصل اللفظي، إلا أن إصابة الدماغ الطفيفة هي أكثر أنواع إصابات الدماغ التي تحدث أثناء مزاولة الرياضة من حيث شيوعها. لكن يمكن للمرء أن يتبين في المراجع العلمية أن عدداً من اللاعبين قضوا نحبهم بعد التعرض لإصابة شديدة في الدماغ، ومنهم حارس مرمى أحد فرق الدرجة الممتازة في لبنان والذي ضرب من قبل أحد اللاعبين أثناء مباراة ودية عام 1995م، مما أدى إلى حدوث ورم دموي جسيم داخل المخ ونتج عنه وفاة اللاعب بعد ثلاثة أيام. غالباً ما يشار إلى الإصابة الرضية الطفيفة في الدماغ بأنها ارتجاج في الدماغ، وهي تتميز بحدوث تغير سريع وعابر في وظيفة الدماغ، بما في ذلك تغير الحالة العقلية ومستوى الوعي. وينتج هذا التغير عن قوة ميكانيكية أو إصابة رضية. إن الأشخاص الذين يعانون من ارتجاج في الدماغ لا يستطيعون أن يتذكروا ما حدث مباشرة قبل الإصابة أو بعدها. وقد يغدو كلامهم غير واضح أو يعانون من تشوش الذهن. ويسأل العاملون في المهن الطبية المساعدة أو مدربو كرة القدم، الذين يشكون بحدوث ارتجاج الدماغ، الأشخاص المصابين أو الذين يعانون من تشوش الذهن عن السنة الحالية أو يطلبون منهم أن يعدوا عداً تنازلياً ابتداء من عشرة في محاولة لاكتشاف التغير في وظيفة الدماغ. فارتجاج الدماغ يمكن أن يؤثر على الذاكرة، والمنعكسات، وتنسيق العضلات، وقد يؤثر أيضاً على كلام الشخص المصاب وتوازنه. وتشتمل الأعراض المحددة لارتجاج الدماغ على ما يلي: الصداع، اضطراب السمع، الدوار، فقدان التوازن، تشوش الذهن، فقدان الذاكرة، رنين في الأذن، صعوبة في التركيز. ويجب استشارة الطبيب المختص في حالة حدوث أي عرض من الأعراض آنفة الذكر بعد التعرض لضربة في الرأس. نشير إلى أن تشوش الذهن يعتبر صفة مميزة خاصة لارتجاج الدماغ، مع العلم بأن التشوش يتميز بصفة رئيسية بما يلي: - عدم القدرة على المحافظة على توارد الأفكار بصورة متماسكة. - الاضطراب في اليقظة مع فقدان كبير في القدرة على التركيز. - عدم القدرة على القيام بسلسلة من الحركات الخاصة بهدف معين. * ما هو السبب الدقيق لارتجاج الدماغ؟ - يطفو الدماغ في الأحوال الطبيعية داخل الجمجمة، ويسانده على نحو لطيف السائل الشوكي المحيط به. وهو يتكون من مادة مشابهة للجلاتين، وهو عرضة للإصابة الرضية من الخارج. وتحمي الجمجمة الدماغ من الإصابات الرضية، ولكنها لا تمتص التأثير الذي تحدثه قوة عنيفة. إن ضربة مفاجئة على الرأس يمكن أن تؤدي بالدماغ إلى التحرك بعنف في داخل الجمجمة، ثم الارتداد باتجاه الجدار الداخلي للجمجمة. وهناك احتمال بحدوث تمزق الأوعية الدموية، وسحب للألياف العصبية وحدوث ندب في مادة الدماغ. وقد تؤدي الضربة في بعض الأحيان إلى حدوث تلف مجهري في خلايا الدماغ دون ظهور تلف هيكلي واضح لدى إجراء تصوير مقطعي بالكمبيوتر للدماغ. وقد يؤدي هذا التلف إلى حدوث تورم في الدماغ. وحيث ان الدماغ لا يمكنه أن يتجاوز الحدود الصلبة للجمجمة، فإن التورم الشديد يمكن أن يضغط على الدماغ والأوعية الدموية فيه، مما يحد بالتالي من تدفق الدم. فبدون تدفق مناسب للدم، لا يمكن أن تصل كمية كافية من الأكسجين للدماغ، مما قد يؤدي إلى الإصابة بسكتة دماغية، وإن تورم الدماغ بعد الارتجاج يشتمل على احتمال تفاقم شدة الإصابة. قد تسبب الضربة المفاجئة على الرأس كذلك إصابة أكثر خطورة في الدماغ. فالكدمة التي يتعرض لها الرأس عبارة عن رض يتعرض له الدماغ ومن صفاته حدوث نزف وتورم في الدماغ. وإن ظهور الكدمة في الدماغ عند إجراء التصوير المقطعي بالكمبيوتر يعني في الغالب أن الدماغ تعرض لدرجة أكبر من الضرر أكثر مما هو ارتجاج في المخ. يحدث الكسر في الجمجمة عندما تتكسر عظمة الجمجمة، وقد يسبب الكسر في الجمجمة أحياناً نزفاً أو إصابات أخرى من خلال القطع الذي يصيب الدماغ أو أغطيته. أما الورم الدموي فهو عبارة عن تخثر في الدم يتجمع داخل الدماغ أو حوله. ويمكن أن تتضخم الأورام الدموية في حالة حدوث نزف نشيط مستمر. وقد تؤدي الإصابة الرئيسية في الرأس إلى حدوث كارثة لا قدر الله، ولكن ينبغي النظر بعين الاعتبار أيضاً إلى تأثيرات الإصابة المتكررة في الرأس. فالإصابة بمتلازمة الضربة الثانية تحدث عندما يتعرض اللاعب لإصابة ثانية في الرأس قبل معالجة الأعراض التي نتجت عن الإصابة الأولى. وعلى ضوء ذلك تسوء حالة المريض بسرعة، وتكون النتيجة إما دخوله في غيبوبة أو وفاته لا سمح الله. ولذلك من الضروري تشخيص الارتجاج الأول في الدماغ حتى لو كان طفيفاً. وتعتقد الغالبية أنه ينبغي معالجة جميع أعراض الارتجاج السابق في الدماغ قبل امكانية عودة المريض إلى اللعب وذلك من أجل تجنب حدوث كارثة لا قدر الله. درجات الارتجاج في المخ لا يوجد توافق شامل على درجات شدة ارتجاج الدماغ. وهناك على الأقل 16 وجهاً عاماً مختلفاً لتقييم الارتجاج في الدماغ والعودة إلى الملاعب، وتشير غالبية هذه الأوجه إلى وجود ثلاث درجات مختلفة للارتجاج في الدماغ، وهي تتضمن نفس التوصيات ذات العلاقة بالعودة إلى الملاعب. الدرجة 1: ينتج عنها تشوش في الذهن بدون فقدان الذاكرة وفقدان الوعي. وهذا النوع هو من أكثر أنواع ارتجاج الدماغ الناتج عن الرياضة شيوعاً «90%». الدرجة 2: ينتج عنها تشوش الذهن وفقدان الذاكرة بدون فقدان الوعي، وقد يحدث فقدان الذاكرة في البداية أو أثناء فترة الملاحظة. الدرجة 3: ينتج عنها فقدان الوعي لأية مدة زمنية أو فقدان الذاكرة بعد التعرض للإصابة الرضية والذي يستمر لمدة تزيد على 24 ساعة. علاج ارتجاج الدماغ: في ارتجاج الدماغ من الدرجة 1: ينبغي إخراج اللاعب من الملعب وتقييم حالته قبل العودة مجدداً إلى المباراة، مع العلم بأن تقييم حالة اللاعب على الخط الجانبي للملعب يشتمل على التأكد من عدم وجود الأعراض «عدم وجود صداع ودوار، تأثر الإدراك، تأثر التركيز، خلل في وظيفة الذاكرة» في حالة الخلود للراحة وبذل الجهد في مرحلة لاحقة لمدة 20 دقيقة على الأقل. أما الإصابة بارتجاج الدماغ من الدرجة الأولى مرة ثانية، فيتطلب خروج اللاعب من المباراة تماماً. ويوصى في هذه الحالة بإجراء تصوير مقطعي بالكمبيوتر لتقصي الأعراض التي تستمر لمدة تزيد على أسبوع واحد أو في حالة زادت الأعراض سوءاً. وينبغي على اللاعب الذي يتعرض للإصابة بارتجاج الدماغ من الدرجة الأولى للمرة الثالثة أن يتوقف عن اللعب بقية الموسم الرياضي. ويجب عليه عدم مزاولة أية رياضات تتطلب الاحتكاك مع لاعبين آخرين لمدة ثلاثة أشهر، مع العلم بأنه يمكنه العودة بعد ذلك إلى اللاعب بعد خلوه من الأعراض في حالة الخلود للراحة وبعد ممارسة الجهد. في ارتجاج الدماغ من الدرجة 2: يجب على اللاعب عدم إكمال الوقت المتبقي من المباراة، على أن يجرى له بعد ذلك فحص عصبي كامل، وأن يتم وضعه تحت الملاحظة الدقيقة لمدة 24 ساعة من أجل مراقبة أية علامات على تطور الإصابة بالدماغ لديه. في هذه الحالات، يمكن للاعب العودة للعب بعد إصابته بارتجاج الدماغ لأول مرة بعد أسبوع واحد من خلوه من الأعراض في حالة الراحة وبعد مزاولة الجهد. أما في حالة تعرضه للإصابة بارتجاج الدماغ مرة ثانية، فينبغي تأجيل عودته إلى اللعب لمدة شهر واحد على الأقل. وينبغي النظر كذلك في عدم إكمال اللاعب لبقية الموسم الرياضي. أما في حالة إصابته بالارتجاج لمرة ثالثة، فينبغي عليه أن يتوقف عن اللعب بقية الموسم. وينبغي إجراء تصوير بالأشعة لتقصي أية أعراض قد تستمر لمدة أسبوع أو في حالة ساءت الأعراض. كما ينبغي معاودة إجراء الفحص العصبي للاعب قبل عودته للعب. في ارتجاج الدماغ من الدرجة 3: يجب نقل اللاعب إلى أقرب مستشفى بسيارة إسعاف وتثبيت الفقرات العنقية لديه. وينبغي إجراء فحص عصبي له بالأشعة حسب التوجيهات، وينبغي ألا يعود اللاعب إلى الملاعب في هذه الحالة إلا بعد شهر واحد يكون خلاله خالياً من الأعراض في حالة الراحة وبعد بذل الجهد لمدة أسبوعين على الأقل. وإذا ما كان اللاعب خالياً من الأعراض، فإنه يمكنه أن يبدأ بمزاولة تمارين اللياقة بعد شهر واحد ولكن دون احتكاك حقيقي مع لاعبين آخرين. ويتوقف اللاعب عن اللعب بقية الموسم بعد التعرض لإصابتين من الدرجة الثالثة أو في حالة ظهور شيء غير طبيعي في صور الأشعة. هذا وينبغي عدم تشجيع اللاعب على العودة أبداً إلى مزاولة الرياضات التي تتطلب الاحتكاك. الدكتور أديب عبدو