السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد قرأت في جريدتكم الموقرة ليوم الثلاثاء الموافق 18/8/1424ه موضوعاً أعجبني كتبه الاستاذ الدكتور فارس محمد الغزي تحت عنوان (بين قدرتين) تساءل فيه عن السر وراء قدرة الانسان الفائقة على حل مشكلات غيره وعجزه البائس عن حل مشكلاته الشخصية انه سبق لي ان طرحت فكرة موضوع قريب من فكرة الاستاذ الدكتور فارس وانه ليسعدني تقديمها اليكم للاطلاع عليها. أقول يمتلك الإنسان القدرة المعرفية للاسماء كلها من أول إنسان خلقه الله وهو سيدنا وأبونا آدم عليه السلام وهذه المعرفة مستمرة في الأمس واليوم وغداً ومركز هذه المعرفة العقل المميز لكل شيء يحتاج إليه في حياته ويكتسب العقل المميز المعرفة عن طريق مجموعة الحواس الخمس المعروفة ويمتلك العقل القدرة على تخطي الحواس بالتقدير والاستنتاج. وتتحكم في الانسان ثلاثة أنواع من المعارف المختلفة وهي: المعرفة الأولى: وهي المعرفة الاساسية التي تكون خالصة للعقل المميز السليم وهذه المعرفة الفطرية التي وهبها الله سبحانه وتعالى لخلقه ليستدلوا بها على النجدين (الخير والشر) ويعرف بها الحق والميزان والعدل والمنطق وهي معرفة محسوسة أو ملموسة أو مسموعة أو منظورة أو مشمومة أو استنتاجية. المعرفة الثانية: وهي معرفة مفروضة مستترة وحقيقتها معرفة شيطانية غرسها الشيطان في الانسان منذ ولادته وهذه المعرفة لا تعرف غير النفخ في الذات والكبرياء وتحقير ما سواها. المعرفة الثالثة: وهي معرفة مكتسبة من تأثيرات المجتمع وهي معرفة سياسية يعرف بها الفرد كيف يعيش مع من هو أكبر منه وأقوى منه وأضعف منه وأصغر منه ومن طبيعة الانسان العدل والاستقامة في أمور غيره من البشر ولا يشذ عاقل عن هذا المفهوم الا متعمد اما حكم الانسان لنفسه فإنه لا يستقيم أبداً انما قد يجانب الحق في حال قوة الايمان وهذا قليل بل نادر مما سبق يتضح ان للانسان القدرة على حسن التقدير في قضايا الغير وبالتالي تكون قدرته على مساعدة غيره جيدة وهذه المساعدة تقتبس بذرتها من المعارف الاولى الفطرية المجبولة على الحق والصراط المستقيم ولكن ثمرتها قد تكون في المعرفة الثانية الشيطانية ان طلب المساعدة من الآخوين أو قبولها يعني قبول الشورى وبحكم المعرفة الثالثة التي تزود كل فرد باستنتاجات مختلفة عن فرد آخر مثله فإن مشاركة أكثر من واحد في حل مشكلة تكون أكثر جدوى والوصول الى حل يكون أوفر حظ من انحصار المشكلة لدى صاحبها فقط ان مجرد قبول المشاركة يساعد على الاطمئنان ويبث في النفس الراحة أما بالنسبة تقدرة الانسان على حل مشاكله فإنني أرى ان الانسان يرى بقدرته انه يحل مشاكل العالم كله وليست مشاكله وحده وهذا أمر طبيعي وقد سمعت من آبائي مثلا يقول إن الله سبحانه وتعالى عندما قسم بين العباد الصحة ما حد رضي وعندما قسم المال ما حد رضي وعندما قسم العيال ما حد رضي وعندما قسم بين العباد الصحة ما حد رضي وعندما قسم العقول كل رضي فكل إنسان على وجه الارض يرى انه أعقل واحد في الدنيا وهذا هو الأصل والقاعدة وما كان غير ذلك هو مخالف للقاعدة أي ان طلب أو قبول المشاركة في حل المشاكل الخاصة من الغير أمر لا تحبه النفس في قرارتها ولا تقبله كل العقول وخاصة العقول الذكية ولا ترضى به الا العقول الراجحة المتزنة وتفرضه الخبرة ويوجبه الفشل واني أرجو الله لي ولمن قبل مني ان يقينا غرور أنفسنا وأن يوفقنا دائما للشورى وسداد الرأي. محمد عيسى فتح الدين عقيلي جيزان - مديرية الزراعة