أصبح القبول في الجامعات أو في غيرها من الكليات يشكل ضغطاً كبيراً في حياة الطالب وأسرته. أثناء عملي في القبول في الجامعة لهذا العام لاحظت التخبط والعشوائية التي يعيشها الطلاب في اختيار تخصصاتهم. الطالب يأتي إلى مقر القبول في الجامعة وهو لايعرف ماذا يختار، ليس في ذهنه أي شيء وليس لديه أي ميل لأي شيء. تلاحظ على بعض أولياء الأمور الذين يأتون مع أبنائهم التوتر والضغط كما تلاحظ الاختلاف بين الأب وابنه عند تعبئة استمارة القبول، فالأب يقول بتخصص والابن يقول بآخر، والبعض يغادر المقر دون ان يسجل شيئاً. هذا الضغط يحدث في فترة القبول لانعدام التوجيه في المدارس، ولأن كثيراً من الأسر تؤجل مناقشة هذا الموضوع إلى وقت متأخر وعليه فقد يختار الطالب دراسته على أساس من رغبات عارضة أو نصيحة صديق أو تحت ضغط الوالدين وينتج عن ذلك كله حدوث كثير من الاخطاء التي تضر بمستقبل كثير من التلاميذ ضرراً بالغاً فقد يلتحق بكلية او تخصص معين ثم يتبين له بعد عدة سنوات ان استعداداته وميوله لا تتفق مع هذا النوع من الدراسة، أو يواصل تعليمه بجهد ومشقة ولكنه يجد الصعوبات في عمله في المستقبل وتكون تلك المهنة مصدر قلق وشقاء له، كما لا ننسى الاضرار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن سوء الاختيار، وكل ذلك يرجع إلى تغيب الاسلوب العلمي في توجيه وارشاد ابنائنا تربوياً ومهنياً وفق سماتهم الشخصية وقدراتهم وحاجاتهم وميولهم. نقطة البداية يمكن ان تكون بالتعرف على ميول الابن وقدراته وشخصيته، ماهي الصفات الشخصية التي لديه والتي سوف تساعده في دراسته؟ ماهي جوانب القوة والضعف لديه؟ هل يحب العمل بمفرده أم مع الآخرين؟ هل يحب ان يتخذ قرارات؟ ماهي الاشياء التي يهتم بها كثيرا؟ هل يحب الاعمال التي فيها تفكير؟ هل يحب الاعمال الروتينية؟ ماهي الموضوعات التعليمية التي يميل إليها كثيرا؟ التعرف على مثل هذه الأمور أمر جوهري إذا كنت تريد ابنك يلتحق بدراسة يجد نفسه فيها. الطالب يمكن ان يزور مرشده في المدرسة ليأخذ منه معلومات عن الفرص التعليمية المتاحة بعد المرحلة الثانوية، ويمكن ان يساعده في التعرف على قدراته وإمكانياته. الطالب أيضا يمكن ان يبدأ مبكراً في البحث عن الفرص التعليمية، والبداية يمكن ان تكون بالدليل التعليمي والمهني الذي تصدره وزارة التربية والتعليم، الذي يحتوي معلومات عن الجامعات والكليات، والتخصصات المختلفة فيها، وشروط القبول فيها، وهذا الدليل متوفر في كل مدرسة تقريباً كل جامعة ايضا لديها دليل خاص بها يحتوي على نظام الدراسة في الجامعة والكليات والتخصصات المتوفرة فيها والخدمات التي تقدمها لطالبها بعض الجامعات لديها الآن مواقع على الانترنت تقدم معلومات كثيرة عن الجامعة. بعض المدارس تنظم زيارات للجامعات والكليات وهذا مصدر آخر للتعرف على الجامعة أو الكلية والاطلاع عن كثب عن إمكانياتها، ومن خلال هذه الزيارات يمكن للطالب ان يجد إجابة لكثير من التساؤلات التي في ذهنه. في الفصل الدراسي الثاني من السنة الثالثة ثانوي، وبناء على المعلومات التي تم جمعها اطلب من ابنك ان يحدد ثلاث رغبات، وناقش كل رغبة على حدة من حيث طبيعة الدراسة ومتطلباتها ومستقبلها الوظيفي، واعمل قدر الامكان على ان توائم بين قدرات ابنك وامكانياته وميوله وظروفه ومتطلبات التخصص الذي اختاره والمرشد في مدرسة ابنك بحكم تخصصه وخبرته يمكن ان يساعد في ذلك. وعموما التخطيط الجيد يجعل العملية اقل ضغطاً واكثر متعة ونجاحاً بإذن الله.
