* القاهرة - مكتب الجزيرة - طه محمد - علي البلهاسي - طارق محيي: ستظل أحداث سبتمبر التي شهدتها مدينتا نيويورك وواشنطن منذ عامين عالقه في الاذهان لفترة طويلة نتجية لتداعياتها التي يجمع المراقبون على انها نالت كافة نواحي الحياة السياسية والاعلامية والاقتصادية. ويعد الشأن الإعلامي من ابرز القضايا التي تأثرت بتلك الأحداث ففي الوقت الذي آمل فيه الكثيرون ان يغير الإعلام العربي سياسته لوضع استراتيجية جديدة لتصحيح صورته في الخارج، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقولون فهل تغيرت الصورة حقا ام فشل الإعلام العربي في القيام بهذا الدور؟ وماذا جرى لصورة العرب والمسملين بعد عامين من أحداث سبتمبر؟ حول هذه التساؤلات استطلعت الجزيرة آراء نخبة من اساتذة وخبراء الإعلام في الذكرى الثانية لأحداث سبتمبر. أسباب الفشل يرى الخبير الإعلامي سعد لبيب ان فشل الإعلام العربي في تصحيح الصورة العربية في الخارج يعود إلى تشرذم ذلك الإعلام كما ان الإعلام الذي يبث من العالم العربي ويصل ارساله إلى الغرب في شكل الفضائيات القائمة حاليا تتوجه فقط للجاليات والمهاجرين العرب من دون غيرهم ولذلك لم يعد احد يسمعها او يراها. ويقول ان عدم نجاح الإعلام العربي في توصيل الرؤية العربية إلى الدول الغربية او قادتهم او الرأي العام العالمي فاننا وجدنا تحيزا كبيرا من جانب الإعلام الغربي لاسرائيل ضد القضية الفلسطينية والتعاطف مع الممارسات الاسرائيلية وقيامه بتضليل الرأي العام وخاصة في الولاياتالمتحدة نحو الدول العربية مستغلا في ذلك الجهل الشديد الذي يسود الجمهور الغربي عن العرب. وقال ان الرأي العام الامريكي اصبح أكثر تضليلا طوال العامين الماضيين فهو لا يرى الا ما تبرزه له وسائل اعلامه ولا يسمع ولا يشاهد الا ما تعرضه هذه الوسائل الاعلامية المسيطر عليها اللوبي الصهيوني ولذلك نجد ان المجتمع الامريكي يعاني من جهل شديد بالقضايا العربية لغياب الخطاب الاعلامي العربي وعدم توجيه هذا الخطاب إلى الرأي العام العالمي والاكتفاء فقط بمخاطبة نفسه. ويقول د. حاتم انه طوال الفترة الماضية لم ننجح في محاولاتنا ومن هنا لابد ان يقوم الإعلام العربي بالتركيز على المقومات العربية من لغة ودين وتاريخ وتقاليد التي هي عماد الهوية كما عليه أيضاً ان يعدل من برامجه واساليبه حتى يكون لنا اعلامنا المتميز الذي يمكن ان يكون نافذة مضيئة لكل من يريد ان يعرف لغتنا وفكرنا وتاريخنا وديننا وتقاليدنا. تشويه متعمد ويرى الدكتور مختار التهامي عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا ان صورة العرب والمسلمين في الغرب تم تشويهها والإساءة اليها قبل أحداث 11 سبتمبر بحوالي نصف قرن بواسطة الدعاية الصهيونية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي وعن طريق الأفلام السينمائية الأمريكية وآلة الإعلام الأمريكية الجبارة التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني. واوضح ان تشويه صورة العرب تم التمهيد لها قبل أحداث 11 سبتمبر عن طريق كتّاب ومفكرين غربيين أرادوا إحداث جدل في الاوساط السياسية والاعلامية والثقافية واصدروا العديد من الكتب منها «صراع الحضارات» و«انتصار الفكر الليبرالي» وهذه الكتب مهدت الرأي العام الغربي بصفة عامة والأمريكي بصفة خاصة لتقبل الصورة المشوهة للعرب والمسلمين وعن الدين الإسلامي أيضا. وقال التهامي ان العرب والمسلمين لم يستطيعوا ان يفعلوا شيئا حتى الآن في اتجاه تحسين صورتهم او الدفاع عن أنفسهم ذلك لأن هناك تعتيما إعلاميا على الأحداث الهامة والمؤثرة في العالم العربي مثل اخبار الصراع العربي الإسرائيلي التي لا تصل إلى الرأي العام الغربي وإن وصلت تصل مشوهة لصالح إسرائيل. دور الجامعة العربية اذا كان الحديث مرتبطا عن اسباب فشل الإعلام في تصحيح الصورة العربية في الخارج عقب أحداث 11 سبتمبر فانه لا يمكن هنا اغفال الدور الإعلامي للجامعة العربية والدور الذي ينبغى ان تقوم به اللجنة الدائمة للاعلام العربي. وهنا يؤكد رئيسها امين بسيوني ان هناك تحركات بالفعل للجنة لتصحيح الصورة في الخارج وان كان هذا هدفا من قبل للجنة الا انه في الوقت الحالي تعاظم هذا الدور بعدما تزايدت في الفترة الأخيرة حدة الهجوم على العالم العربي والاسلامى بعد أحداث 11 سبتمبر. ويقول: تحركنا في ذلك يتم على مستويات عدة فهناك خطة للتواصل مع السفارات العربية في اوربا والولاياتالمتحدة اضافة إلى المراكز البحثية لإلقاء الضوء على عمق الحضارة العربية وقيمة الاسلام التي تدعو إلى التسامح والحوار مع الآخر وانه دين لا يعرف العنف او الارهاب. مشروع إعلامي عربي تقول الدكتورة حنان يوسف استاذ الإعلام بجامعة عين شمس ومسؤول الإعلام بجمعية الدفاع العربي اننا وبعد عامين من أحداث 11 سبتمبر اصبحنا نعانى من مشكلتين وليست مشكلة واحدة فالى جانب صورة العرب المشوهه التي تتأصل في المجتمع الغربي يوما بعد يوم اصبح هناك تشويه، لعدالة قضايانا العربية وهذا كله يرجع إلى قصور الإعلام العربي في مخاطبة الآخر وتحيز الإعلام العربي لصالح وجهة النظر الامريكية في كل القضايا العربية وهو ما ادى إلى تضليل الرأي العالمى وضياع الحقوق العربية. واضافت ان تفاقم المشكلتين سببه ان الإعلام العربي مازال محصورا في النطاق المحلى دون تجاوز ذلك إلى مخاطبة الرأي العام العالمي وذلك لعدم وجود وسيلة ومخطط نستطيع من خلاله التحدث إلى العالم وتعريفه بأنفسنا وقضايانا وهذا يتطلب وجود مشروع عربي تقوده الجامعة العربية بحشد الامكانيات العربية لإطلاق قمر صناعي يبث قنوات موجهه تصل للعالم الغربي (أو أوروبا والولاياتالمتحدة) وهذا بالاضافة إلى اعادة النظر في امكانية الاستفادة من قنواتنا الفضائية وتوسيع نطاق انتشارها وتطوير الخطاب الإعلامي بما يتناسب مع التحديات الراهنة.