شاعرنا اليوم وُلد وعاش وتربى في الطائف، وُلد عام 1244ه، وتوفي عام 1296ه بالطائف، اشتهر على مستوى الحجاز والمناطق الأخرى، أجاد الشعر الفصيح والشعر الشعبي، تنوع شعره بين المدح والغزل والهجاء والحكم والمحاورات. بدأ حياته الشعرية بكتابة الشعر الفصيح وأجاد كل بحوره، كتب في الشعر الخماسي والرباعي حيث قال من الرباعي: أول استبداي باسمك يا حنون يا كريماً ما تخالفه الظنون أمرك المحفوظ في كاف ونون وأنت لي في كل مغواي دليل لم تكن قريحة شاعرنا تحديد اتجاه شعره بل كانت هذه القريحة يقودها حيث يشاء دون التقيد قال: تاه الزمان على بنيه بماجدٍ فطنٍ لاخبار البرية راوي مازلت أنشد عنه أرباب النهى في كل نادٍ فلا ماجد حاوي حتى رأيت الدهر في تاريخه أثر محاسن احمد الحضراوي والدهر يومان يوم لك ويوم عليك، بديوي بثقافته ونظرته الشعرية صور لنا هذا اليوم «يوم عليك» عندما قال: أيامنا والليالي كم نعاتبها شبنا وشابت وعفنا بعض الاحوالِ تاعد مواعيد والجاهل مكذبها واللي عرف حدها من همها سالِ إن قبلت يوم ما تصفي مشاربها تقفي وتقبل وما دامت على حالِ في كل يوم تورينا عجايبها واليوم الأول أثراه احسن من التالي ومع كل ميلات الزمن وقسوته إلا أن بديوي الوقداني لم يمل ولم يكل في سؤال الله سبحانه وتعالى لتغيير الاحوال حينما قال: رب السماوات يا محصي كواكبها يا مجري السفن في لجات الاهوالِ ضاقت بنا الارض واشتبت شبايبها والغيث محبوس يا معبود يا والي يا الله من مزنةٍ هبت هبايبها دعادها بات له في البحر زلزالِ تجاهل الكثير من شعراء اليوم شعر الحكمة في حين كان في وقت بديوي أمراً مألوفاً يحاول الشاعر من خلاله ان يصف اختلاف البشر وطريقة تعاملهم حيث قال شاعرنا: انفكت السبحة وضاع الخرز ضاع وبغيت ألمه يا سليمان وازريت صار الذهب قصدير والورد نعناع أنكرت ريحه مختلف يوم شميت إلى أن قال: الذيب رزقه في مبادية الارواع وانا برزقي في زماني تعنيت وأنا مربى من زماني ومطواع ربتني الايام حتى تربيت تلك هي المدرسة التي تربى بها بديوي حتى أصبح شاعراً لا يشق له غبار تلك هي المدرسة التي فشل الكثير منا في تحقيق النجاح فيها إنها مدرسة الايام والمدح والهجاء قلّما تجتمع في قصيدة واحدة واذا اجتمعت تكون تأكيداً قوياً على شاعرية الشاعر وهذا ما فعله شاعرنا عندما كتب قصيدته الشهيرة التي جمع فيها المدح والهجاء التي قال في مطلعها: يا مادح الانذال مدحك خسارة وراك ما تمدح هل الفضل والجود اللي يشوفون المدايح تجاره واعراقها ما حثها علم منقود لا تمدح اللي جالها المدح عاره لا وارثة أبوها ولا هو معدود وعندما نتابع شاعرنا في قصائده نجده لم يقف عند حد وصف حال الدنيا بل واصل التحذير من الدنيا ومواجهة احوالها المتقلبة بالايمان والصبر والعزم حيث قال: دنياك هذي كلها هز قاووق ما تعرف الصاحب من اللي معاديك واكثر كلام الناس بالمكر والبوق يهرج معك وليا تقفيت يرميك إلى أن قال: والموت جايك لو تقع جوف صندوق دع عنك ما بك من حذر لا يغنيك لا تنشغل بالمال ترى المال ممحوق ما مالك الا ما تمده أياديك شعر الموقف لم يكن غائباً عن شاعرنا ونجد ذلك في الكثير من القصائد التي أصبحت الرواة تتناقلها ولعل الموقف الذي صور فيه اصابته ببندقيته كان واضحاً عندما قال: بعض العرب تفرح ليا قالوا بديوي صويبي وأنا احمد الله يوم جاني صوابي من يديه يا بادع القيفان رجلك لياشا الله تطيب لا يفرح الحاسد ولا يرتجي منه الشفيه وإذا كان بديوي مدح وقال الحكم وشعر المواقف فإن شعر الغزل كان له في حياته مكان خاص عندما قال المجرور الشهير: يا بارقاً لاح في القطر اليماني بان نوه يقود دن الرعد وامطرا سريت أخيله وعيني ساهره يوم الخلايق رقود والفكر ما غيرا واوجد روحي على أيام مضت يا ليتها لي تعود لو كان بالمشترا وهناك جانب آخر أبدع فيه بديوي وهو شعر المحاورة وهذه الميزة التي تجمع بين شعر النظم وشعر القلطة ربما يكون قلة عند الكثير من الشعراء ولعل المحاورة التي جمعت بين بديوي والعليمي كانت دليلا على ما تمتع به شاعرنا من ملكة شعرية كبيرة. بديوي: جاك يابس المغارة ذيب شيبه ضرب نابه ما توقيه العظامِ ثعلب في الراك يا مطول ذنيبه يحسب انه ذيب معلون الرسامِ العليمي: اظهروا زندا عما من شق عيبه علقه داعيه في شق الحزام خاتمة: ها هو شاعرنا بديوي الوقداني الذي مات عام 1296ه مازال شعره تتناقله الرواة جيلاً بعد جيل وذلك لما يتمتع به من قوة في الالفاظ وترابط وحكم جميلة ورائعة ساعدت شاعرنا على البقاء في ذاكرتهم.