إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه.. وبعد الأمم تقوم على أكتاف رجالها وأبنائها، وتاريخها يتوقف على ما يأخذ به قادتها ويعملون من أجله، وإذا كنا - بحمد الله - ننعم في بلادنا الطاهرة بنهج مستمد من شرع الله ثم قيادة قامت على هذا الشرع وتأسست على هديه الحنيف، فعلينا أن نحافظ كل في موقعه على ما اختصنا الله به وما أفاء به علينا في شتى المجالات. والعملية التربوية والتعليمية التي هي جزء من اهتمام المملكة بأبنائها وبناتها، الذين يمثلون عماد قوتها ونبض مستقبلها وأمل توهجها، وكانت منذ البداية محل عناية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي كان أول وزير للمعارف، فحمل على عاتقه مسؤولية بناء جيل متعلم وقادر على تحمل أمانة تربية الأجيال وتعليمهم وتثقيفهم، وانتشرت أضواء العلم لتغمر كافة المدن والقرى والهجر في خطوات متسارعة حازت على اعجاب الكثيرين في سنوات قليلة، كانت بفضل الله مقياساً على ما تمتلكه من عزم وإرادة للقضاء على الجهل والأخذ بيد أبنائنا وبناتنا نحو أفق أرحب وعقل منير استطاع في هذه الفترة الوجيزة أن يتبوأ أرفع المناصب في كافة المحافل الدولية والعالمية. تعليم البنات بالمملكة شهد ما أستطيع أن أصفه بالقفزة الهائلة التي تخطت حواجز كثيرة، وانتظمت فيها كل عناصر المجتمع بتفهمه ووعيه وإدراكه لتصبح الفتاة السعودية مثالاً واضحاً على الالتزام بدينها والانخراط في سلك التعليم وفق ضوابط شرعية تؤهلها للمساهمة في بناء المجتمع بوعي مستمد من تعاليم ديننا الحنيف، وأصبحت ابنة الوطن تحتل - عن جدارة مكانتها في المجتمع، وصارت تتقلد بفضل الدعم الكبير من قيادتنا ما هي جديرة به وهي قادرة بإذن الله على استكمال مسيرتها نحو خير هذا الوطن ورفعته. واليوم، إذا كنت أغادر المنطقة الشرقية إلى موقع آخر من مواقع العطاء، فلا بد أن أعيد الفضل لأهله، امتناناً بالثقة التي أوليت إياها كابن لهذا الوطن، لا يطمح إلا في الخير وفي ارضاء الخالق عز وجل، ثم ان أكون على قدر ثقة قيادتنا الحكيمة - حفظها الله - كذلك ما لقيته من دعم وتشجيع من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز - حفظهما الله - اللذين لم يبخلا بجهد، وكانا دائماً وراء كل انجاز حقيقي شهدته العملية التربوية والتعليمية بالمنطقة الشرقية. وهنا أيضاً، لابد أن أشكر معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، ومعالي نائبه لشؤون تعليم البنات الدكتور خضر بن عليان القرشي على ثقتهما في شخصي المتواضع. أعترف أنني أغادر الشرقية، وفي القلب الكثير من المعاني التي قد تعجز عنها الكلمات وتسمو فوق التعبيرات، ففي الإدارة العامة للتربية والتعليم للبنات بالمنطقة الكثير من الكفاءات التي بذلت واجتهدت، وعملت فأخلصت رجالاً ونساء.. كفاءات تجعلني أكثر فخراً بزمالتهم وزمالتهن، بعقولهم وعقولهن، بإراداتهم واراداتهن.. تحملوا الكثير من أجل محاولة النهوض بمسيرة التعليم وترسيخها في عقول بناتنا وزيادة تحصيلهن العلمي. لهذه الكفاءات المبدعة من أبناء وبنات وطني.. لا أقول وداعاً، لكن أقول إنكم باقون في الوجدان والعقل عنواناً لرحلة اشتركنا سوياً في أمنيات بنائها وتحمل رعاية الأمانة التي أؤتمنا عليها، ونأمل أن نكون على قدرها دائماً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.