لملموها وجمعوا شتاتي.. في بساطٍ ألقوه.. في قبر وادعوا وفائي.. طفلتي... عاجز عن عناقكِ.. أراكِ.. وأقسم أني أراكِ... صاحوا بأعلى الأصوات.. نحن حماة الشعوب.. نحن آتون آتون وقد حملنا معنا الحرية.. وما ذكروا انهم قتلوها من أول يوم ضربوا على يد الطغاة.. عاقبونا أو حاصرونا.. ثلاث عشرة سنة قتلوا أو صدف أن مات الكثير.. لا غذاء ولا دواء.. وما رأوكِ طفلتي تبكين الجوع وتحيكين الحلم.. ونظل دوماً يا ابنتي نحن من ندفع الثمن... صدقيني فلا تخشي فدوماً علينا السداد وهم ماضون دوماً في الفساد... غفلوا عُربتي ورفعوا رؤوسهم لسماء وما أبصرونا... داسوا على رقابنا وما شعروا.. وما طرفت لهم عين ولا أهتزت في قلوبهم ابداً شجوننا.. فما أبصروه طريح الفراش يشكو الألم.. ما أبصروه وقد فقد الحلم.. مع يديه والقدم.. وما شهدوا شيخي يلفظ الأنفاس.. وما رقبوا الأطباء يكشفون زوجتي وابنتي للعلن.. يسارعون في العلاج يخشون ان يسارع الأجل.. أو أن تلف في كفن.. وقد أحسوا في عيونهم الندم.. وجميعنا نادمون.. لو لم نكن عرباً لما اهتزت ارضنا وما هدمت منازلنا وما شوهت أحلامنا ولا مزقت أجسادنا ولما احتضن اذرعنا قماش يسمونه الكفن. وتمضي الأيام.. في ليلة هوجاء تعصف بها الأحزان.. ويزلزل كيانها صوت ضعيف يزفر بالأنات.. حول نار ضعيفة تجتمع الأحزان معي.. لعل النار تدفئنا.. وتحيي احساسنا بمرور الأيام.. يأتي النهار وما نشعر به.. فيعقبه الليل فنبكي النهار.. مضى وانقضى وعلى أمل نرجو أن يأتي من جديد.. نسبح في عالم الأوهام.. كل ما حولنا محضُ خيال.. نتحسس اجسادنا فنجدها مجرد رذاذ أو ضباب.. نحاول أن نستشعر السعادة فلا نجد في وجداننا إلا نقيضها الأحزان.. نتلمس دموع الفرح.. فيحرقنا من دموعنا لهيب الآلام.. ترتجف جوارحنا وتتكسر بنا النبضات.. نخشى ان تمضي الايام وما عانقنا من نحب...