إن المراهق من حين ان يظهر عليه علامات البلوغ الجنسي والعقلي تبدأ مسؤوليته الشرعية عن السلوك الصادر منه كما تبدأ مطالبته بالعبادات والفرائض على سبيل الوجوب. بالجملة يجب عليه ما يجب للراشدين والإسلام بذلك يقدر الطور النمائي الذي درجت إليه شخصية المراهق. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم). عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضه يوم بدر وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فاجزاني). ان الشريعة الإسلامية تولي اهتماماً مناسباً لشخصية المراهق حيث ارتفعت به إلى مستوى مسؤولية الراشدين وهذا يعين المراهق على الشعور بالمسؤولية الفردية كما يساعده على دوره الاجتماعي المناسب لنموه. ان مفهوم استقلال المراهق في المنهج الإسلامي يختلف تماماً عن مفهوم الحاجة إلى الاستقلال عند الغالبية العظمى لعلماء النفس، وهو الاستقلال الفوضوي، فالمنهج الإسلامي يقرر مسؤولية المراهق الشرعية والقضائية والاجتماعية في جميع أنماط السلوك الصادرة عنه. أما الاستقلال في نظر علماء النفس فهو الانطلاق الفوضوي فلا يستجيب المراهق لأمر ولا يذعن لنهي، ومن أبرز مظاهر الحياة النفسية عند علماء النفس في فترة المراهقة رغبة المراهق إلى الاستقلال عن الأسرة وميله إلى الاعتماد على النفس نتيجة للتغيرات الجسمية التي تطرأ على المراهق ويشعر أنه لم يعد طفلا قاصرا كما أنه لايجب ان يحاسب على كل صغيرة وكبيرة أو ان يخضع سلوكه إلى رقابة الأسرة ووصايتها، فهو لايحب ان يعامل كطفل ولكنه من الناحية الأخرى مازال يعتمد لقضاء حاجته الاقتصادية وفي توفير الأمن والطمأنينة له. فالأسرة تريد ان تمارس رقابتها وإشرافها عليه بهدف توفير الحماية لكنه لا يقر سياسة الأوامر والنواهي، ولذلك ينبغي ان يشجع على الاستقلال التدريجي والاعتماد على نفسه مع ضرورة الاستفادة من خبرات الأسرة الطويلة فهو في هذه المرحلة يريد ان يعتنق المبادئ والقيم التي يقنع به هو لا تلك التي لقنتها له الأسرة تلقيناً وهذا هو الكلام الذي يقول عنه علماء النفس في الغرب لكن الشريعة الإسلامية تختلف عن هذه النظرية فيجب على المراهق اتباع وعدم عصيان الوالدين لأن الوالدين يعلمانه المبادئ والقيم الاسلامية والقضائية الشرعية لكن لا يترك باستقلال خارج عن الحدود، مما يجعله منحرفاً ومجالسة اصدقاء السوء والضالة، لذا فإن المراهق المسلم يجب عليه مدافعة هوى النفس المنحرف الذي يغريه بالخروج عن طاعة والديه فانهما احرص الناس على ابنهما المراهق وأشدهم حبا لنضجه البدني والنفسي والعقلي ولذلك لايرضيان له السلوك المنحرف الضال وهذه القضية يعلمها المراهق جيداً.