تأخذ منك الحياة بملء كفيها ولا يبقى لك إلا أيدٍ تلوح مودعة عالمك المليء بالمحبة والأضداد.. هكذا نحن تعلمنا ألا يمكث الأحبة في زمننا وقت طويل، فنحن نمنحهم الحب دفعة واحدة ولا نبقي شيئا لتصافق الاحداث وغدر الزمن.. نمنحهم كل الحب جملة وتفصيلا حتى لكأننا في أحلك الظروف وأسوأ التفاصيل لا نجد تعبيراً يهبهم تجدد المشاعر.. لقد وهبناهم كل شيء دفعة واحدة.. ولعلها من أخطاء المحبين الذين يدركونها ولا ينأون عنها!! أعجب من الخطأ الذي يُدرك ولا يُترك.. وأعجب من الأحبة الذين يهتمون بأخطائنا ويحسبونها حتى اللمم.. وأعجب من القلوب المحبة هل هناك فيها مساحة تُبقي على السيئات وتنسى حسناتنا وعطاءاتنا الجزلاء.. إنها بجفائها المغدق تسرق من اعيننا سباتها ومن شفاهنا بسمتها ومن لهفة الانتظار نهاياته الجميلة، ماذا يتبقى من الأحبة حينما يلوّحون ويرحلون؟! ماذا يتبقى لنا منهم.. بل ماذا يتبقى لنا منا مساحة للتفكير ووقت للفرح.. ماذا يتبقى ونحن نشم رائحة عطرهم تفوح في أرجائنا!! لماذا نحب أكثر من اللازم.. حتى إذا فجعتنا الحياة برحيل من نحب نظنها قد انتهت عند هذا المطاف وبقينا نحن نندب الحظ الذي لم يمهلنا طويلاً لماذا نحب بعمق حتى المرض حتى إذا ما انتهت العلاقات لأسباب قوية انهك المرض جسدا كان يستقي من احداث علاقاته الحميمة. بل لماذا يلوح الاحبة ويرحلون، عند أي منعطف وبسبب اي اختلاف.. لماذا لا تكون الروابط أقوى من ذلك الأسى.. لماذا نحسب خطواتنا ونحن نترقب الخطأ خوفاً من وقوعه لئلا يلملم الاحبة أمتعتهم ويرحلون!! إن أرواحنا رغم روحانيتها تفتقد الى جماليات كثيرة فحميمتنا مهددة ببطش الاحبة وكآبة الاحداث.. وأحبتنا يمارسون الجلد هواية ورغبة وفي زحمة العذابات المتتالية والإغداقات الجامدة نترقب الرحيل خوفاً وألماً ما هذه العواطف التي أشبه ما تكون بزنزانة مؤبدة تصحو فيها على صوت السياط وتنام فيها وأنت تنتظر الأصوات.. ورغم ذلك تتلذذ العيش الى جوار الاحبة... حتماً هناك سر نحن نجهله وحتماً هناك عاطفة أقوى من الرحيل.