الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد: إخواني المتقاعدين يا من ترجلتم عن صهوة العمل المحدد والتزاماته أقف معكم وقفة سريعة في ظل قوله تعالى: {أّوّ لّمً نٍعّمٌَرًكٍم مَّا يّتّذّكَّرٍ فٌيهٌ مّن تّذّكَّرّ وّجّاءّكٍمٍ النّذٌيرٍ}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «اعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة» رواه البخاري لنتفيأ ظلالها الوارفة ونرتع في رياضها الجميلة، ولنستمع إلى كلام السلف رحمهم الله حول تفسير ذلك.. قال ابن عباس رضي الله عنه {أّوّ لّمً نٍعّمٌَرًكٍم} معناه: أو لم نعمركم ستين سنة، وقيل: أربعين سنة، ونقل النووي رحمه الله تعالى: {وّجّاءّكٍمٍ النّذٌيرٍ..} قال ابن عباس والجمهور من العلماء: هو النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: الشيب، قاله عكرمة وابن عيينة وغيرهما.. وأما الحديث فهو تفسير للآية الكريمة، وقال العلماء في الكلام عليه: معناه: لم يترك له عذراً إذا أمهله هذه المدة. أ.ه. أيها المتقاعد يا من ترجلت وخرجت من معترك التعب والنصب، وقدمت على مرحلة جديدة في الحياة تعارف الناس على تسميتها بحياة المتقاعد، فيا سبحان الله تدور الحياة دورتها وكأن الخلق يسيرون في انتظام نحو المصير المحتوم، قال الشاعر: مشيناها خطىً كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها أيها المتقاعد الكريم ليّ وقفات في حياتك الجديدة الخصها بالتالي: كلنا ذاك الرجل الذي سيطوي مراحل حياته حتى الموت، وأحمد الله اخي ان بلغت سن التقاعد وانت تنعم بحياة الإسلام والتوحيد والإيمان والعافية، وتذكر قول الحبيب المحبوب عليه الصلاة والسلام: «من شاب شيبة وكتب الله له بها حسنة وكفر عنه بها خطيئة ورفعه بها درجة». وإنها لمناسبة لشكر الرحمن على ما يسر لك من خدمة دينك وبلادك ومجتمعك من خلال عملك الوظيفي الذي شرفك الله به وكلفك ولاة الأمر بالقيام به فأصبحت من العاملين في الحياة لخدمة الدين والمجتمع ومن الساعين في طلب الرزق والحلال، وسل ربك حسن الختام والوفاة على الإسلام. أخي المتقاعد: إن المسلم لا يحزن ولا ييأس ولا يقلق ولا يندم على ما فات ولا يهتم لما سيأتي من الكبر والشيخوخة والهرم، فهذه سنة الله في الحياة وحسبك انها مضت في مشوار تحتسب الأجر فيه في خدمة شعيرة ربانية ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو دامت لغيرك لما وصلت لك. نعم نهاية عملك الوظيفي هو بداية لحياة جديدة ملؤها الإيمان والتقوى والتفاؤل والخبرة والتجارب وانشراح الصدر والرجوع الصادق إلى الله والتزود من الطاعات والتلذذ بحلاوة الإيمان والعبادة ومناجاة رب العالمين، وهي مكافأة قيمة للمتقاعد تتلخص في الراحة والسعادة ومحاسبة النفس والتفرغ لأسرتك وأموالك الخاصة وصلة الرحم وفرصة لمراجعتك لصلتك بربك بعد هذا المشوار الطويل من العمل قال الله تعالى: {مّنً عّمٌلّ صّالٌحْا مٌَن ذّكّرُ أّوً أٍنثّى" وّهٍوّ مٍؤًمٌنِ فّلّنٍحًيٌيّنَّهٍ حّيّاةْ طّيٌَبّةْ} فإحالتك على التقاعد ليست نهاية المطاف، فلكل أجل كتاب ولكن إحالتك على التقاعد هي الفرصة الذهبية لتعوض ما فات من التقصير في الواجبات الدينية والأسرية.. قال الله تعالى: {أّن تّقٍولّ نّفًسِ يّا حّسًرّتّى" عّلّى" مّا فّرَّطتٍ فٌي جّنبٌ اللّهٌ}. نعم انها فرصة كبيرة لمن وفقه الله ووصل إلى الحياة التي فيها متسع من الحرية في الوقت، ويا حبذا عدم اشغال نفسك بالدنيا وزينتها حتى لا تشغلك كثيراً وتحرمك من حلاوة حياة التقاعد ولذتها وأنسها فهي فرصة طيبة لمحاسبة النفس ومراجعة احوالك بشكل عام فافرح بذلك ولا تكن ممن يحزنه امر التقاعد واحرص ان تعمل في حياتك الجديدة «حياة التقاعد» ما يناسبك. (*)مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالرئاسة