* القريات - سلامة الحريّص وجريد الجريد: إن القريات تدعوكم لأمسية فقلت: أهلاً بأهلي في القرياتِ في باكورة أمسياتها هذا العام، أقامت اللجنة الثقافية والأدبية بالمهرجان الصيفي الأول بالقريات أمسية للشاعر الدكتور أحمد بن عبدالله السالم تحت رعاية وكيل محافظة القريات الأستاد عبدالله بن غازي المريخان وبحضور مسؤولي الادارات الحكومية بالمحافظة وأعيانها وجمع من الجمهور المتذوق للشعر الفصيح بنادي المسيرة بالقريات، فقد كان مساءاً جميلاً شاهد على جماله تلك النسمات الشمالية العليلة التي داعبت الحضور برقتها وكان للفصيح وقفة عانق بها شاعرنا مسامع الحاضرين حيث بدأها مدير الأمسية الأستاذ علي البلعاسي بكملة ترحيبية بالضيف والجمهور الكريم، تلاها بنبذة مختصرة عن الشاعر وعن تلك الميادين التي حط بها شاعرنا رحاله، بعدها انتقل الميكرفون للضيف الذي استهل قصائده بقصيدة قال انه اعتاد أن يبدأ بها في كل أمسية أو أي لقاء يقيمه أنشد فيها قائلاً: لم يقدني إلى حماكم فضولُ لا.. ولا الفخر بالذي سأقولُ أي قول يا صاغة الحرف يجدي ولكم في المقام كعب يطولُ إلى أن قال: أي صحب قلوبهم قد تلاقت فالمسافات بينهم لا تحولُ أيها الجمع طِبْ وعيا وسمعا لا يغرنك قول معسولُ إن ما في القلوب أغلى وأبقى لكن العيبُ انها لا تقولُ بعدها ألقى قصيدة خاصة بأهالي القريات، قال فيها: فقدت في غمرة الأعمال أبياتي فلا أروحُ الى عشقي ولا آتي مطيتي الشعر إن عز الرحيل على بحوره.. عدت لم أظفر بغاياتي أتعبت في صيف هذا العام قافيتي وكدت أخفي عن السمّار آلاتي هذا المساء وأيام لنا سبقت وأول الغيث في الاماراتِ فجاءني هاتف في صوته شغف الى القوافي ويستجدي ملاقاتي إن القريات تدعوكم لأمسية فقلت أهلا بأهلي في القرياتِ الأهل أهلي وهذي الدار منتجعي هم سادتي بفخار وهي مولاتي لم يفصل البعد فيما بيننا أبداً ففي مرابعها أقوى علاقاتي دارٌ تنفس تاريخا وشاهدها قصر الصعيدي من أسمى العلاماتِ يا دار جئت وفاءً للعهود وما.. أتيت أبحث في مغناك عن ذاتي ما جئتُ كي تمنحوا شعري مدائحكم بل جئتُ أمنحكم أزكى تحياتي إلى أن قال: إذا أعاني عناءً لا حدود له ستنتهي في مغانيكم معاناتي لو كان شعري يواتيني زرعت لكم.. ورداً سقايته من ماء أبياتي ثم تلا بعد ذلك قصيدة بعنوان (التسوّل بالتحريض) قال عنها إنها تخصُ البعض من الاعلاميين: حرّض تفز واستنقص الأحرارا واعبث فكل دم البرئ عقارا وانصت إذا فرحوا وقل هي لعبة وافرح إذا حزنوا وأجر حوارا *** حتى إذا وصلوا إلى غاياتهم صاروا بسمعة أهلهم تجارا *** من أي صنف هؤلاء همو كمن قتل القتيل وفي الجنازة سارا لا يستقر قرارهم إلا إذا ضربوا على كل الديار حصارا من بعدها أذن مدير الأمسية للجمهور الكريم بطرح مداخلاتهم وأسئلتهم على الضيف فأجاب عليها جميعها.. بعد ذلك عاد ليلقي قصيدته التي تتحدث عن الطلاب بأوقات التقديم على الجامعات والكليات والمعاهد بعنوان: (دموع.. على خانة المجموع) قال فيها على لسان أحد الآباء: فؤادي كاد يحرقه السعيرُ وغيري كاد من فرحٍ يطيرُ أصبت وما أصبتُ بفقد غالٍ يعوضه شهيقٌ أو زفيرُ كبوت وخاب ظن أبي وأمي بأني نحو آمالي أسيرُ أنا في ظنهم قيد يدموا جيلي وإني بين أقراني سفيرُ ولكن النتيجة أخبرتهم بأن المرتجى حلم يضيرُ تلا بعد ذلك قصيدة عن غزو العراق لدوية الكويت تلاها بقصيدة اجتماعية تتحدث عن قصة قال عنها واقعية تحكي عن نكران الجميل في معاملة الأبناء لآبائهم بعد ان يضيقوا ذرعا وتضيق بهم السبل في أواخر عمرهم، حيث أنشد قائلا بلسان الأب: ماذا أقول وقد ضاقت بيَ السبلُ ومن حرارة بشتى ضاقت الجملُ أمضيت عمريَ في كدٍ ونكدٍ حتى ينير خُطى أولادي الأملُ كأن كفي إلى العلياء قد ثبتت وخلفها الفمُ بالأذكار يبتهلُ فكم جلبت لهم حلو الطعام وكم جردّت رجلي من نعلٍ لينتعلُوا إلى أن قال: كلٌ بدا كفه في كف زوجته وكف والدهم بالريح تعتسلُ فأطلق الخاطر المكسور يرقبهم والدمع بحسرة تجري به المقلُ وإن شكوت لهم ضعفي وضيق يدي قالوا الرعاية دارٌ كلها أملُ لم يمنحوا لأبيهم عُشر ما منحوا زوجاتهم.. فأجيبوا السؤل.. هل عدلوا لكن تجربة الدنيا تؤكد لي بأنهم سيلاقون الذي عملوا بعد هذه القصيدة روى ما حدث لأبنائه فقال بأن أحدهم أصيب بشلل إلى أن توفي والآخر يضرب أبناؤه.. وانتقل بعد ذلك إلى الشعر الغزلي مبينا أنها القصيدة الوحيدة التي نظمها في مشواره الشعري وقد كتبها مجبراً وقت اقامته لأمسية في كندا حيث صدح بأبياتها قائلا: يحسن الصمت إذا ما صمتت وإذا قالت فقول ملهمُ أمع المجنون أمشي هائما خلف ليلى أم له انتقمُ وصدودي خلفه كم هيئة وحقوق الحسن عندي تهضمُ أنا في ظني بأني آمنٌ خلف حصن سوره لا يهدمُ إلى أن قال: وقت ياتي الحب سهلٌ هضمهُ والطعام السهل قد لا يُهضمُ فأرفقي يا ربة الحسن بنا إنما الإنسان لحمٌ ودمُ أكرمينا باحتشام إنه.. لا يضر الناس من يحتشمُ بعدها ألقى قصيدة في صاحب السمو الملكي الأمير عبدالاله أمير منطقة الجوف سابقا بطلب من أحد الجمهور: ثم انتقل الميكروفون لمدير الأمسية ليلقي على الضيف بعضا من أسئلة الجمهور ما لبث أن عاد الميكروفون لفارس الأمسية ليلقي بقصيدة يمدح فيها الشاعر نزار قباني كشاعر ويهجوه عن سلوكه كما عبر بعنوان (أنصفت واحدة وظلمت خمساً) قائلا: فصيحٌ بأوصاف الحسان تفننا وأصغى إلى داعي هواه وأذعنا وأسرج في أعقابهنَّ جواده وقعقع في آثارهن وشنشنا قلد نوط الشعر في عصرنا الذي يُرى فيه مسلوب البيان مبينا إلى أن هجاه بهذه الأبيات: تكيلون أصناف المديح لشاعرٍ تقازمَ في وجه الملمات وانحنى وأعطى هواه غيره ليسوسه فأورثنا شعراَ خليعاً وممجنا ففي قلبه خمسون بابا ونافذه تسيدها شيطانه متمكنا وتوالت بعد ذلك القصائد الى أن اختتم هذه الأمسية بقصيدة (مسافرون) ودع بها الحاضرين قائلا: مسافرون تركنا الأهل والبلدا مثابرون.. عشقنا الصبر والجلدا نسعى إلى الخير في كل البقاع فما للخير دون ركاب الخير مدى إلى أن قال: حان الوداع فلا دمع يفيد ولا لهفٍ.. فكل امرئ يأتيه ما وعدا إن تذكرت أني سوف أرحل عن هذي الوجوه.. بعيداً امتعض كمدا لو كان شعري يواتيني جلبت لكم دلوأ من النيل أو بقين أو بردى أو كان شعري يواتيني ختمت لكم تأشيرة كي تعيشوا عندنا أبدا وفي نهاية الأمسية قدم سعاردة وكيل محافظة القريات درعاً تذكارياً لفارس الأمسية معرباً له عن شكره على تواصله مع فعاليات مهرجان الصيف بالقريات.