في صباحاتنا المشرقة بضياء الفضيلة نستيقظ تفاؤلاً مع أنداء المآذن وفي مساءاتنا ترتقب أنظارنا هذا الأفق مرتدية ألوانه ثوب المغيب وحينها تطربُ الأذن سماعاً لتسبيحة «طير» وتهليلة خاشع متأمل. كم تحلو أيامنا مع هذا الوتير الذي نتحسن ابقاعه على هذا الأديم، وكم هو أحلى عندما نشعر بهذا الأمان النفسي بعد حقبة زمنية عاني فيها الآباء.. والأجداد من تداعيات الفقر وسطو «الحنشل» حتى أنه بالرغم من لهيب مناخنا إلا ان معطياته تؤتي لنا أكلاً مذاقه في أعلى «النخيل» وبين أوراق الشجر، عطاءات من حولنا تترى انها رحمة إليهة بهذه البلاد وأهلها. إن أحوالنا الاجتماعية تسير في نسقها الطبيعي المعتاد.. وأجواءنا نقية من اكسدة «التغريب الملوثة» وأدخنتها المسمومة.. مرَّتْ هذه الحقبة على أنماط توجيهات الوالدين والاخوة والأعمام تبعاً للسلوك الاجتماعي والعادات الحسنة والعُرف السائد، فأتت في تلك الحال ثمارها.. من منزل العائلة المستقر الى الهدوء النسبي في الشارع والحي.. حتى ارتفعت نداءات «الجهاد الافغناني» فانطلق العديد من الفتية تحث التأثير المباشر غير المنضبط لتحتضنهم ظلمة الكهوف.. وغياهب الجبال.. وشراسة التعامل.. والأخلاق المتعفنة برائحة «التكفير والهجرة» وغيرها من الجماعات التي تكاثرت خلاياها في ذلك المناخ الملوث!!، كل هذا مؤثرات واضحة على انحراف مسارات التفكير السليم ومن ثم تكونت لديهم قناعات التغيير بالقوة!! وبالتالي ظهر تمردهم على الدولة.. والمجتمع وحتى الأهل فأضحى لديهم هذا التوجه الغريب الذي بدأ يتجسد من خلال «التجمعات الاخوانية» وبث الفكر الجهادي المزعوم غير الموجه بآداب الشرع الحكيم، والتنوير من العلماء الربانيين. ان مثل هذه الزوابع المزعجة على أمننا الفكري.. والاجتماعي بدأ منحاها منذ 24 عاماً حينما بغت الفئة المجرمة على أقدس البقاع واطهرها بدواعٍ حمقاء وأهداف غامضة جداً!. وها نحن يقض مضاجعنا.. ويزعج احوالنا نتاج فكرٍ آخر منحرف وأياد ملوثة بحقن القتل ممن يجيد العبث في مواطن الأمن والرخاء.. ويهوى المراوغة والعيش في الظلام.. يبتعد عن الوضوح وينأى بنفسه عن الحقيقة فهو اسير العتمة ورهين الفتوى المتعلقة بوهم الجهاد لتجيز له ربط خاصرته بآلة القتل والنسف ليصبح بعدها اشلاء متفحمة.. يقف أثناءها العاقل.. المتبصر آسفاً.. حائراً مستفهماً كيف استطاع الحيارى وأرباب التسول الفكري «تسميم» عقول شباب يعرف ويدرك بأن منزلقات وحتمية الموت أمامه مباشرة؟!. اننا مقبلون في إجازتنا مع «المراكز الصيفية» والمنتديات الشبابية واتمنى ان تُغذى مثل هذه وتلك بكفاءات قيادية معتدلة التوجه تُبصر الناشئة نحو مواطن الفضيلة. وتُهيئ لهم أساليب التفكير العلمي السليم بعيداً عن الشحن من جانب «الأناشيد الحماسية» وترشيد «الخُطب» التي تُلهب في الوجدان ناراً متوقدة. سوف نظل إن شاء الله تعالى في رخاءٍ أمني.. وطمأنينة حياة.. مهما تعددت خفافيش الظلام فشمس الضحى لا تعتمها شذرات الغمام.. ولن تُفلح اليدُ الآثمة.. حيث أتتْ.