الاستاذ عبدالله بن خميس اشهر من ان يعرف فهو شاعر كبير وناثر مجيد فله كتاب الشوارد وله كتابه النفيس (المجاز بين اليمامة والحجاز) وقد جمع كثيرا من الشعر الشعبي في مصنفات كثيرة وله في مجال الصحافة مشاركته في جريدة (الجزيرة) تأسيسا وتحريرا, ويطيب لي ان اتناول ديوانه على ربى اليمامة وقد كتب تحت العنوان عبارة (ديوانان في سفر واحد) وهذه هي الطبعة الثانية من الديوان وقد صدرت سنة 1403ه وقد رسم الفنان فهد ناصر الربيق صورة مستوحاة من العنوان صور فيها الصحراء على شكل جبال وارض قاحلة وبعض النخيل وقليل مما ينبت في الصحراء, وقد بدأ ابن خميس بأن اهدى ديوانه الى والده الذي قال عنه انه ألهمه الشعر رواية واسمعه صدى وشده اليه تشجيعا وعلمه من نهجه دروسا من الاخلاق والحياة وقد صدرت الطبعة الاولى من الديوان سنة 1397ه وقد تحدث في البداية الاستاذ ابن خميس عن تجربته الشعرية فقال: (علاقتي بالشعر بدأت مبكرة وصلتي به قديمة فحينما كنت اتصيد عبارات النطق واحاكي من حولي واروض نفسي على الكلام الصحيح في سن الطفولة، كان الشيخ الوقور والدي رحمه الله يستذكر محفوظاته الاولى ويتنفسها بصوت ندي وبيان شجي على طريقة الاقدمين في التغني بالشعر والترويح عن النفس ببعض نفحاته، فكنت أتلذذ بهذا الصوت وأصيخ له واجد ارتياحا لسماعه لأجده فيما يبث من حولي من الاحاديث العابرة والكلام المعهود, ومع مرور الزمن وتكرار القطع المفضلة التي يرددها الشيخ في انشاده وجدتني احفظها تلقائيا حفظا آليا لا نصيب له من الفهم، ولم تزل تخزنها الذاكرة ويعيها القلب رغم تعاقب السنين واهمالي معاودتها بعد وفاة والدي رحمه الله, فصاحب هذه النشأة حب الشعر وتذوقه ومن ثم قراءته وحفظه ورياضة الملكة لديه وتغذية الحافظة بالمتابعة وتنميتها بالتكرار ومدها بروافد جديدة وفيض من عطاء اعلام الشعر وفحوله, كل ذلكم كان ارهاصا لمعاناة قرضه وتوطئة للدخول من باب المتدرج الممتنع فكانت المحاولات الاولى وتلاها محاولات متدرجة وكلها كان نصيبها الوأد والنسيان. واما عن رأيه في شعره فيتحدث عن ذلك ابن خميس فيقول: (وقصائد هذا الديوان هي ما رضيت عنه بعض الرضا ورشحته للنشر ولكن ما كل ما يرضى عنه منتجه يستحق الرضا من قارئه، فبنات الافكار وان كن عند اربابهن غوال الا ان تقديمهن لا يكون الا لمن لا تربطه بهن سوى رابطة البيان وعلاقة الذوق السليم). وننطلق بعد ذلك الى قصائد الديوان وابتدىء بالقصائد التي احببتها للشيخ ابن خميس واولها قصائده في الكهرباء,, ومعروف ان ابن خميس قد اشترى داراً في وادي ابن عمار, ووادي ابن عمار يضم العمارية وابا الكباش والمعيذر والملقى والوصيل, وسكن ابن خميس في دارته وكان ينتظر ان تمتد الكهرباء إليها وبعد انتظار طويل ارسل قصيدة الى وزير الصناعة والكهرباء آنذاك يستعطفه ان يوصل الكهرباء الى داره فيقول في تلك القصيدة انه يعيش في الظلام. يقول ابن خميس: على الذباله والفانوس والجاز عيشي ظلامك حتى يأذن الغازي أوسعته الصبر مهمازا فأوسعني صدا فحطم هذا الصد مهمازي فرت جيوش الدياجي من مكامنها من دار همدان حتى دار عناز اذا سألت وزير الكهرباء بها من انجز النور فيها قال: انجازي وان سألت لماذا ظل في غلس وادي ابن عمار هز الرأس كالهازي اظل فيه بلا نور يؤانسني وفي حنادسه عطلت تلفازي ولي قرينان لا انفك دونهما أصاحب الليل كشافي وعكازي هذا يضيء لخطوى منتهى قدمي وذا ينفر عني كل وخاز فرد الدكتور القصيبي بقصيدة على نفس الروي والوزن وتناول في مطلعها ايعازه لموظفي وزارته جاء في قصيدته: أوعزت للقوم حتى كل ايعازي وقلت لا تتركوا صحبي على الجاز وقلت هذا خميس الشعر جاءكم يحدو الشوارد لم تهمز بمهماز اعطاكم من حسان الشعر فاتنة مجلوة بين ابداع واعجاز وما هجاكم وحلو الطبع شيمته ولو هجاكم لذقتم سطوة النازي رأى الوساطات بين الناس نافذة ان الوساطة افعى ذات انجاز فوسط الشعر لم يشفع له احد سوى القوافى وإكباري واعزازي ويمضي الوقت وينتظر الشيخ ابن خميس وتمر الايام والشهور والسنين فيخرج متفجعا متألما بقصيدة يصف فيها المهندس الطيب الذي اوكلت اليه الاف المعاملات فلا يستطيع انجاز شيء لوادي ابن عمار يقول فيها: وعدت غير ان الوعد خيل اتى منا على خمس عجاف دمغتم بالمقاول كي نراه فما وفى القليل ولن يوافي اثيرا عنده خمسون شغلا ويرضيهم بما دون الكفاف فلو ان المدى شهر وشهر وتسعة اشهر عدا توافى ولكن المدى مطل ومين وتسويف عقوبته عوافي وهنا يرد وزير الكهرباء بقصيدة رابعة ولكنه في هذه المرة يأخذ دور المهاجم فيعيب على ابن خميس انه سكن في بيت بعيد لا تصله طائرات الهليكوبتر ولا سيارات الجمس فيقول له: أعبد الله يا شيخ القوافي ومرتجل البديعات الظراف هجرت الناس والدنيا وحيدا بعمارية وسط الفيافي يفرقها عن العمران درب طويل ذو انعراج وانعطاف فلا هليكوبتر تفضي اليه ويشكو الجمس من طول المطاف فتغفو انت في ظل ظليل وتمرك يانع والماء صافي وأقرأ الف معروض وشكوى وتقرأ أنت أشعار الرصافي ثم يطمئنه انه قد تناول موضوعه في الوزارة وقد اخبروه انه في شهرين ستمد الكهرباء لوادي ابن عمار فيقول في نفس القصيدة: سألت القوم عنك فأخبروني بأن الكهرباء غدا توافى فان جاءت فكافئنا بشعر كضوء الحب في ليل الزفاف وفي بستانك المعمور أولم بهرفي سمين في الخراف وتمر الايام فلا ينال ابن خميس امنيته فيكتب القصيدة الاخيرة في الموضوع يقول فيها: ضربوا به في الخلف اسوأ سنة لو انصفوا لم يظلموا عرقوبا ان مات عرقوب فوعد واحد والله يغفر للمسيء الحوبا يغدو حنين كي يعود بخفه دهرا ولا يلقى حنين مجيبا