وعود إلى «ميلاد بين قوسين»، وصاحبته «هيلدا سجيني»، و«العيش في سبات الشعر» عنوان لمقطعات تقدم لها بأنه «لا خيار للسفينة التي تبحر بين الجرح والقصيدة.. التي تطفو على قلوب الإناث «لا أدري إن كانت تقصد الكلمة بمبناها ومعناها، أم أنه خطأ مطبعي وصحتها: الأنات!»..فإما أن تسوي «ولا أدري إن كان خطأ مطبعياً آخر وصحته: تستوي!» على الجودي، وإما أن يغرقها الطوفان»، ثم تستهل المجموعة «عند مرمى الظلم وخط الزاوية».. عنوان غريب آخر ويحوي كلمة «الظلم» تكشفه - نيابة عن جيل كامل - شاكية من الفضوليين يشيرونَ الى فتاة الشاعر التي تسكنك يتأملون عينيَّ.. وجهي.. ثيابي يرصدون انفعالاتي وخطوط كفيَّ.. ويتبعونني أينما ذهبت.. ثم تمتطي سلما إلى قلبها كي تقذف به عاليا حتى لا تطوله ألسنة أولئك الفضوليون. وفي نصها التالي «عندما يتلون الفكر» لم أجد موقفا مريحا أو مرهقا، لكن وقفت - «عندما يأتي المساء» - أمام تعبير راق عن وثوق المرأة بملكية رَجُلها مهما تضرج بعطور غيرها من النساء وقلوبهن! لكنها «عندما وجدت الحقيقة» نكصت وأخرجت له «الكرت الأحمر» قائلة: «لم تكن تستحقني.. لأمنحك «الميلاد» التي لا يعرفها أحد» وإن كنت لم أدرك مدلول «التي» هنا! وفي مجموعتها التالية «أحيانا مبعثرة بالأحلام» تبدأ بتعبير جديد ما أجمله «حين تبتلُّ القصائد».. «تتقاطرُ من خصلات شَعرِنا أكثر الأمواج استكانة فنحلم بأمواجٍ قشرية.. على بحر السمك.. لنرقص شِعراً على هدب اللحظة.. وهدب المرايا تتبعثر أحلامنا.. فننثرها صدفاً ورمالاً.. دون أن نعتقل الشاطئ.. ودون أن نسمح له باعتقالنا وما أقواها صرخة ألم ترفض الاعتقال.. وما أسرع ما تعود إلى الهدوء من جديد في صورة مُركَّبة للشوق المختزن «حين تفرط في الغياب» أحلم باليوم الذي سألقاك فيه.. وبقدر حبي له.. أخافه وبقدر خوفي منه.. أتمناه.. وبقدر ما أتمناه.. سأظلُّ أنتظرك وللجدة ذكرى وفاء.. بعد الإحساس بالفقد ثم أعانق ساقك وأقبِّلها حدَّ التراب.. والخوف.. واليتيم وأنام بعدها يا جدتي.. لأحلم بأني وهبتك ما تبقى مني.. من أجل لحظة حياة.. نصلّي فيها معاً وفي لحظة من المرح المعهود بين الأم وصغيرها، وهو يلهو بلعبته «الحربية».. التي يعرف وتعرف أنها مجرد «لعبة».. لكنه ينزعج من شدة خوفه على الأم الحبيبة.. التي هي كل دنياه في مرحلته حين تمسكُ ببندقيتك الصغيرة وتصوبها الى قلبي.. حين تطلب مني أن أموت.. لتضحكَ ثم تنهال خوفاً عليَّ وفي هذه اللحظة النادرة السعادة.. يظهر لها خيال الطفل «محمد الدرة» و«آلاف الأطفال».. والكبار.. والنساء في فلسطين.. والعراق.. تغتالهم الأيدي القذرة.. أيدي معتوهي الشرور.. والحروب. أحلمُ بأنك ستكبرُ ذاتَ حرب وستأتي حاملا على كتفك ثأر «الدرة» وثأر.. أطفال العراق يومها.. لن أندمَ إن كفنتُك شهيداً يا صغيري وأرقتُ عليكَ العروبة.. ودثرْتك بالسلام هكذا تندفع في القصيد دماء العروبة.. تتدفق من صدر الأم «الرؤوم» زفرة حرّى.. تحرق الأيام والسنين.. ويكبر في عينها صغيرها لا لتزفه إلى عروس كفلقة القمر.. بل لتزفه شهيداً إلى ملائكة السماء.