ثقافة الحرب هي ثقافة تنتهجها الآلة العسكرية، ثقافة تغير ديموغرافية التفكير والشعور الانساني، وتعيد تشكيل اولويات العمل الابداعي، وتسهم في نشوء ثقافة العقل الخائف. ان ثقافة الحرب تكمن قوتها في تحويل العطاء الانساني الى فعل محفز لكافة الطاقات الشعورية واللاشعورية، وهي طاقات كامنة تترجمها تأثيرات الحرب الى نشوء ثقافة متعددة، ثقافة اندفاعية، ثقافة تظهر الفكر النضالي وتظهر ثقافة الجهاد والشعر الحماسي. ان ثقافة الحرب تلقي اثقالها على كافة الممارسات الثقافية والابداعية، فهي الحدث في القصة، وهي الحرف في المقالة، وهي الموسيقى في القصيدة، بل هي ايضاً ثقافة منتجة لصيغة اجتماعية يتشربها المجتمع الواقع تحت تأثير هذه الثقافة الحربية، فالسلوك اليومي سلوك حذر متوتر، والمحكية اليومية هي ثرثرة متوجسة مفعمة بالقلق تتطاير منها رائحة الدم والخوف والموت، وهي ثرثرة صاخبة تضج بدوي القنابل والطائرات «المقاتلة». حتى النكتة الفكاهية في هذا الخضم الذي تلفه ثقافة الموت وثقافة الخوف وثقافة الجهاد، تنشأ كمنتج ثقافي ينحدر من احاديث الدواوين والمقاهي و «البال توك»، فتأتي نكتة عسكرية ابطالها الدبابة وصواريخ كروز، وسكود، والباتريوت، وطائرات الشبح، والتورنيدو، والاباتشي، والاف 16، انها سخرية تتولد من ثكنات المقاتلين يحاول من خلالها المعايش لثقافة الحرب والرازخ تحت ثقل آلتها العسكرية التخفيف من وطأة الخوف بالتعبير الجمعي الساخر تجاه مشاهد درامتيكية الحرب الصاخبة.