عرفت الاحساء منذ القدم بكثرة عيونها الجارية إلا ان واحتها الزراعية واجهت مؤخراً مشكلة شح وقلة المياه وشكل ذلك خطورة على المزارع في الواحة ولمناقشة ذلك الوضع الذي اصبحت تواجهه مزارع الاحساء التقينا المهندس مساعد بن سلمان الظفر مدير قسم الارشاد المائي بهيئة الري والصرف فماذا قال عن هذا الموضوع وعن الحلول التي وضعتها الهيئة حتى الآن: * مادور هيئة الري والصرف في التعامل مع الوضع الراهن لشح المياه في واحة الأحساء؟ تزايدت وتفاقمت في السنوات القليلة الماضية مشاكل شح وقلة المياه اضافة الى تدهور في نوعيتها الى ان وصلت الى ظروف حرجة وصعبة وبدا تأثيرها واضحاً في كثير من المزارع بل وأصبحت هذه المشكلة الهم الأكبر والأول امام معظم المزارعين بالواحات الزراعية في المملكة بصفة عامة، ومنها واحة الاحساء.. وتدل المؤشرات الآنية والمستقبلية على خطورة الوضع المائي مالم تتضافر جهود الجميع في ادراك حقيقته ومسبباته والسعي للحفاظ على البقية المتبقية من المياه واستخدامها الاستخدام الامثل، وادراكاً من هيئة الري والصرف بالاحساء لأهمية هذا الامر، وتحقيقاً لأهدافها التي تسعى الى انجازها فقد اتخذت عدداً من البرامج والاجراءات للتعامل مع الوضع الراهن لشح المياه بهدف المحافظة على المياه الجوفية ومكتسبات الواحة الزراعية ومن تلك البرامج: * الترشيد في استخدام مياه الري على مستوى الحقول الزراعية. * دعم المصادر المائية الجوفية بمصادر بديلة. * دراسة هيكلة وتطوير شبكة نقل المياه بالمشروع وإجراء برامج الصيانة الدورية لقنوات الري بمختلف انواعها. * تطوير برامج الري وتوزيع المياه. استنزاف وهدر * ذكرتم ان هناك مؤشرات آنية ومستقبلية تدل على خطورة الوضع المائي فما هي؟ نعم هناك مؤشرات ودلالات ومسببات دالة على استنزاف المياه منها: - جفاف العيون الطبيعية والانخفاض المتواصل بمناسيب مياه الآبار. - ارتفاع نسبة الاملاح في المياه الجوفية الى درجة أصبحت ضارة على المحاصيل. - ضعف انتاجية الآبار من المياه بشكل عام. - اختلال التوازن المائي للمخزون الجوفي. اضافة الى ان هناك مواطن هدر تكمن في الآتي: - الاستمرار في حفر الآبار غير المرخصة «العشوائية». - سوء استخدام المياه بالمزارع مثل انشاء المسابح والاستراحات للاغراض الترفيهية. - تدني كفاءة الري الحقلي جراء المبالغة في الري بما يفوق الاحتياجات المائية للمزروعات مع اتباع اساليب تقليدية في الري، وما يصاحب ذلك من كثافة نمو الحشائش. - الاستمرار في ري المحاصيل غير المجدية مثل النخيل الهرم وخلافه. - عدم ادراك حقيقة اوضاع المياه الجوفية ومايحيط بها والتعامل معها وفق ذلك. مسببات هدر مياه الري وتدل مؤشرات تقويم اساليب وممارسات الري السطحية التقليدية المتبعة في بعض المزارع داخل نطاق اعمال الهيئة التي يقوم بها قسم الارشاد المائي بين الحين والآخر الى ان الاستمرار بتلك الممارسات يساهم في ضياع كمية لايستهان بها من مياه الري التي توفرها الهيئة للمزارعين ويعزى ذلك الى عدة عوامل اهمها: - عدم تناسق الميل الطولي والعرضي وأبعاد احواض الري بما يتلاءم مع قوام التربة ونفاذيتها مما يصعب في التحكم والسيطرة على المياه. - ري عدة احواض في آن واحد مما يقلل من تصرف المياه لكل حوض وبالتالي اطالة مدة الري ثم تشتيت المياه وضياعها. - عدم مراعاة النقص في المحتوى الرطوبي للتربة وسعتها الحقلية ونوع المحصول في تحديد كمية مياه الري وفتراته. - نمو الحشائش على سطح الارض يعيق تجانس اندفاع المياه. - رداءة المساقي الحقلية. - زراعة محاصيل ذات استهلاك مائي مرتفع مع الاستمرار في ري محاصيل غير مجدية مثل النخيل الهرم. - تمسك المزارعين بالمفاهيم التقليدية المتوارثة في الزراعة والري. الاستغلال الأمثل لمياه الري وأضاف المهندس الظفر ان قسم الارشاد المائي يقوم بانتهاج عدد من البرامج الارشادية الهادفة الى الحد من هدر المياه واستغلالها الاستغلال الامثل وذلك بإجراء الزيارات الميدانية لاصحاب المزارع ذات الكفاءة المتدنية في الري بهدف مقابلة اصحابها وتعريفهم بمواطن هدر المياه الموجود بمزارعهم واعطائهم التوصيات الارشادية الهادفة الى تحسين اوضاع الري لديهم وتزويدهم بالنشرات الارشادية التي تحثهم على المحافظة على المياه ومساعدتهم بما يتاح لدى الهيئة. كذلك تطوير الممارسات الزراعية بما يحقق الاستخدام الامثل للمياه لاهمية التكامل بين الجوانب الزراعية والمائية والاستفادة من تفعيل كل وحدة مياه واستخدامها الاستخدام الامثل داخل الحقول الزراعية تحرص ادارة الارشاد ممثلة بقسم الارشاد الزراعي باتباع الاساليب التي تساعد على تحسين وتطوير الممارسات الزراعية ابتداء من تجهيز الارض واضافة محسنات التربة و الاسمدة وزراعة المحاصيل الملائمة والمتأقلمة مع ظروف المنطقة وما يتبعها من برامج وقاية ومكافحة للآفات المزرعية مع البحث في كل التقنيات الحديثة التي ترفع من جدوى المزرعة. ايضا شلع النخيل الهرم والاصناف الرديئة وتقليص زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المائي المرتفع. كما تسعى الهيئة الى مساعدة المزارعين بالآليات اللازمة لشلع النخيل الهرم واستبدالها بتركيبة محصولية جديدة تتماشى مع ماطرأ على المنطقة من مستجدات سواء فيما يتعلق بشح المياه او ارتفاع نسبة الاملاح او تدني العائد الاقتصادي الناتج من انخفاض الاسعار التسويقية، وكذلك اجراء بعض الدراسات والابحاث التطبيقية حيث يقوم قسم الارشاد المائي بإجراء عدد من الدراسات التقييمية لبعض مايطرح من اجهزة واساليب ري حديثة بالاسواق ومن تلك الدراسات المنفذة حالياً استخدام احدث الاجهزة لمعرفة المحتوى الرطوبي للتربة والاستعانة بها في جدولة الري بالطريقة الصحيحة هذا الى جانب تجربة عدد من انظمة الري «التحت سطحي» لبعض المحاصيل السائدة بالمنطقة. ايضاً نشاطات اعلامية لنشر الوعي بأهمية استخدام المياه وترشيدها كما يقوم القسم بالمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية وإعداد المعارض الارشادية والتواصل مع الاجهزة الاعلامية المختلفة. طرق الري * هل هناك طرق ري مرشدة يمكن للمزارع تطبيقها في مزرعته والاستفادة من نتائجها؟ هناك عدة طرق يتم اختيار الملائم منها حسب نوعية المحاصيل وطبيقة المزرعة ومن اهمها طريقة المصاطب «التدويس» وهي عبارة عن تقليص المساحة المروية في بساتين النخيل عن طريق عمل «دوس ترابية» حول جذوع النخيل والاشجار الاخرى بعرض يتراوح بين «23» امتار تتناسب مع نوع وعمر الاشجار وبارتفاع «2040سم» وتستخدم هذه الطريقة في ري الاشجار والنخيل المكتمل النمو. طريقة الشرائح «البواكي» وهي عبارة عن ري نصف مساحة البستان عن طريق تركيز مياه الري وحصرها حول جذوع الاشجار والمحاصيل، وذلك بتقسيم الارض الى شرائح مستطيلة يتراوح طولها بين «1020» متراً وعرضها بين «23» امتار وتحدد بحواجز ترابية «بتون» بارتفاع وعرض مناسب في حين نترك اجزاء التربة بين صفوف الاشجار بدون ري. اما طريقة الدوائر فهي عبارة عن ري النخيل والاشجار بعمل دوائر حول جذوعها باقطار تتراوح بين متر واحد في حالة الفسائل او الاشجار حديثة الغرس و3 امتار عند اكتمال نموها وترتبط الدائرة بالاخرى في الصف الواحد بجداول ترابية صغيرة يتراوح عرضها بين «2040سم» وتنساب المياه الى هذه الجداول، ومن ثم الى الدوائر من مسقى اسمنتي او انابيب. أنظمة الري الحديثة وتتعدد انظمة الري من اجل توفير المياه وباساليب متطورة وحديثة ومن المعروف ان هذه الانظمة تتصدر اغلب اساليب ونظم الري الاخرى في السيطرة على المياه وتقليل فواقدها حيث تدل وتؤكد معظم الدراسات والتجارب وكثير من المراجع على ارتفاع كفاءتها حيث تصل في كثير من الحالات الى «80%» بينما لاتتعدى «4060%» في نظم الري السطحي هذا فضلا عن المؤشرات الايجابية التي توصل اليها القسم من خلال متابعته لبعض النظم التي طبقتها بمزارع الهيئة الارشادية سواء فيما يتعلق بالوفر المياه او التحسين في النمو والزيادة في الانتاج على محصول النخيل ومن تلك النظم الموصى بها التي تم تنفيذها: - نظام الري بالتنقيط: وهو إيصال مياه الري الى التربة بالقرب من النباتات عن طريق منقطات تصرف الواحدة منها اقل من اربعة جالونات في الساعة، ويعتبر هذا النظام في الري الافضل من حيث توفر المحتوى الرطوبي الجيد مع قلة في كميات المياه المفقودة ولذا توصي الهيئة باستخدامه في ري فسائل النخيل حديثة النمو حتى عمر «35 سنوات» وللنخيل المكتمل النمو في المزارع التي تروو من ابار خاصة. نظام الري بالفوارات: وهو نشر مياه الري على سطح التربة عن طريق فوارات معدل تصرف الواحدة منها اقل من «2 جالون في الدقيقة» توصي الهيئة باستخدامه في ري الاشجار في المزارع التي تروى من آبار خاصة. الري بالمحابس: وهو نظام محور لنظام الري بالفوارات قام به المختصون بقسم الارشاد المائي بالهيئة، وذلك باستبدال الفوارات بمحبس بلاستيكي قطر 13 ملم ينتهي بأنبوب مفتوح قطر 13 ملم للتحكم في تصرف المياه وتجانس كمياتها لكل نخلة، توصي الهيئة باستخدامه في ري الفسائل والنخيل المكتمل النمو في المزارع التي تروي في القنوات المفتوحة كميات ري المشروع. وقد بلغ عدد المزارع التي تجاوبت حالياً مع هذا البرنامج بكافة اساليبه «السطحية المرشدة والري الحديث» مايقارب احد عشر الف مزرعة من اصل 24 الف حيازة داخل نطاق اعمالها بواحة الاحساء. تطوير المساقي الحقلية: بناء وتبطين المساقي الترابية داخل المزارع بالطوب والاسمنت او تمديدها بالانابيب البلاستيكية. ولقد حققت انظمة الري الحديثة ايجابيات كثيرة منها انها ساعدت على الجدولة الصحيحة لعملية الري «كميات مياه الري المضافة وفترات الري، زمن الري»، والتقليل من فواقد مياه الري لارتفاع كفاءة النظام مقارنة بأنظمة الري التقليدية «السطحية»، وسهولة اضافة الاسمدة خاصة خلال فترات نمو الاشجار وانتاج الثمار، وانخفاض تكلفة الطاقة التشغيلية والعمليات الزراعية الاخرى كإزالة الحشائش مع امكانية الاستفادة من الاحواض المروية بزراعة المحاصيل العلفية او الورقية او القرعية.