حسمت السحب معركتها مع الشمس فتوارت عن الانظار وغابت خلف السحب التي تلبدت والطفل يردد متى ينزل المطر؟ يضحك الاب فتبدو اسنانه التي لم يتبق منها الا مجموعة في الامام ويقول وهو يرمقه بنظره كسولة سوف يهطل باذن الله. تجمعت السحب وصار البرق يلمع في وسطها وصوت الرعد يهدر من بعيد والطفل يردد والشوق يغمره متى ينزل المطر يا ابي؟الارض تريد ان تروي عطشها الطويل لأن الجدب يتسلل اليها والرياح اقتلعت اغلب الاشجار انها في شوق الى ان تكتسي بالخضرة وتعود نسمة الهواء العليل وصوت تغريد الطيور جال الطفل ببصره على ما حوله ثم انشد: يا مطرة.. اسقي.. اسقي ارضنا.. يا مطره.. اسقي.. اسقي زرعنا.. وراح بيديه يعبث بالاشجار ويقطف بعضا منها في عشوائية الا ان بصره بقي مشدوداً الى السماء في انتظار زخات المطر وعاد من جديد الى ترديد عبارة متى ينزل المطر؟ خيم الظلام وحل المساء واقفرت شوارع القرية وهجع الجميع الى السكون ولم يتبق الا صوت الرعد ونور البرق الذي يضئ هنا وهناك.والطفل في فراشه منكمش على نفسه كلما تسرب اليه النعاس. جاء صوت الرعد لكي يقض مضجعه ويفزعه وفي النهاية تغلب عليه التعب والارهاق فرحل الى السبات ودارت عجلة الاحلام وراحت تمضي بفكره نحو الخيال يقف وحيدا وسط الزرع، والمطر ينهمر بغزارة شديدة لم يستطع منها ان يتحرك من مكانه فغاصت رجلاه في الارض واندفع اليه الماء من بعيد يجرف كل شيء امامه فأخذ يستغيث ويصرخ ولكن دون مجيب بعدها غمره الماء ليستيقظ فزعا بعد ما خر عليه الماء من خلال سقف بيته. عبدالله سليمان الطليان/ الخرج