المجتمع المسلم لا يخلو من ذوي الحاجات، فتجد يتيما بحاجة لرعاية، وارملة تحتاج لعائل، ومسكينا ليس عنده ما يكفيه، ويسد حاجته، وفقيرا يمنعه الحياء من سؤال الناس، ولذلك اهتم ديننا الحنيف بشأن هؤلاء، وحث على الاعتناء بهم، فأمر بالتعاون، ورغب في التكاتف، وشجع على التآلف، واوجب التآخي, يقول الله عز وجل: وتعاونوا على البر والتقوى ويقول: إنما المؤمنون إخوة ويقول سبحانه: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم . فالتعاون والتآخي والتآلف، من ابرز سمات افراد المجتمع المسلم، ومن اعظم ما يمتازون به، بل هو دين يدينون الله به، يرجون عليه منه الرضا والفوز بجنة عرضها السموات والارض اعدت لامثالهم، ودافعهم اليه ما وقر في قلوبهم من ايمان، فلا مجال بينهم للتخاذل ولا للتباغض ولا لحب الذات، انما هم كما وصفهم ربهم: متعاونون، اخوة، رحماء بينهم، كبيرهم يعطف على صغيرهم، غنيهم يرحم فقيرهم، قويهم يساعد ضعيفهم, قدوتهم في ذلك نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي وصفه عز وجل بقوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ومضرب المثل عندهم اصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم الذين قال الله فيهم:والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون . ان اهل الايمان في مجتمعاتهم، لايعرفون شيئا اسمه الانانية، انما هم كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص، يبذلون الخير لغيرهم، يفرحون لفرح بعضهم، ويحزنون لحزن اخوانهم، آلامهم وآمالهم واحدة، لا تسل عن قضاء الحاجات وتنفيس الكربات والشفاعات الحسنة فيما بينهم. وهكذا ينبغي ان يكونوا، ولا غرابة، فكما ذكرت آنفا قدوتهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ماكان العبد في عون اخيه,, وعلى هذا سار اسلافهم، فهم كما وصفهم الله عز وجل: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم، دون قرابة ولانسب، الا قرابة الدين، التي هي من امتن الروابط واقواها، فصاروا نعم الاخوان, بل ضربوا اروع امثلة الاخوة، يقول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال لي سعد: انني اكثر الانصار مالا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر ايتهما شئت حتى انزل لك عنها فإذا حلت تزوجتها, فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلوني على السوق، فدلوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت إقطا وسمنا. هكذا هم أهل الايمان في مجتمعاتهم, ونحن في هذا المجتمع الفريد من نوعه، في هذا الزمان، لانفقد مثل هذه الصفات، وتلك المميزات، حيث ان مجتمعنا ولله الحمد على مستوى من الاخلاق الاسلامية والصفات الايمانية، نسأل الله عز وجل ان يديم علينا نعمة الامن والايمان، وان يحفظ مجتمعاتنا من كل سوء وان يزيدنا تقدما وانتاجا ونجاحاً وتفوقا, وصلى الله على نبينا محمد.