لم يأت الاهتمام الأمريكي بالنفط مصادفة أو بتفكير سطحى للبعض أو بسياسات عشوائية إنما هو محور أساسي من محاور الحركة الأمريكية على مستواها الاستراتيجي والعسكري فقد كان الهدف غير المعلن للحرب ضد العراق هو السيطرة على ثروته النفطية وأوضحت دراسة لمركز زايد للتنسيق والمتابعة «حول الأبعاد الإستراتيجية للنفط وموقفها من السياسة الخارجية الأمريكية» أنه من هذا المنطلق كان من الضروري الإصرار على إنهاء الأزمة العراقية عسكريا وأشارت إلى أن الهدف المعلن وهو نزع أسلحة الدمار الشامل وتدميرها و تعلم الولاياتالمتحدة قبل غيرها أنه تحقق فعلا وأن تغيير النظام العراقي والهيمنة على مقدرات العراق وخاصة النفطية هو الهدف الرئيس لهذه الحرب. ونبهت الدراسة إلى ان النفط العراقي أمامه مستقبل كبير لو توفرت الاستثمارات اللازمة لتطويره وأن من سيسيطرعليه سوف يسيطر على ثروة ضخمة تسمح له بالسيادة الاقتصادية لعقود طويلة.. وهذا الأمر هو الذي حدا بالإدارة الأمريكية إلى أن تحسم الموقف وتعيد حسابات النفط الاستراتيجية الأمريكية للسيطرة على الثروات النفطية وأظهرت الدراسة صورةالتحول الأمريكي على الساحة العالمية ودوافعه والتي جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م لتحفز الإدارة الأمريكية على كشف مضامين استراتيجيتها في إطار تأكيد زعامتها وهيمنتها وأعلت من شأن أزمة الطاقة بارتفاع الأسعار ودعوات التخلص من التبعية النفطية الأجنبية التي وصلت إلى حوالي60% من احتياجاتها النفطية. وأبانت الدراسة أن العراق يأتي في مسار الحزام الأمني الأمريكي الممتد من البلقان حتى جنوب آسيا وشرقها مرورا بمنطقة الخليج ومنطقة قزوين ووسط آسيا « أفغانستان» ووصولا إلى الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان والسيطرة عليه يحقق استكمال الحلقات وحصار إيران من الغرب. وطبقا للاستراتيجية الأمريكية التواجد الأمريكي في العراق علاوة على هيمنته على مقدراته وثرواته تواجد عسكري واقتصادي ومؤثر في المنطقة، ويساعد الاستراتيجية الأمريكية إلى حد بعيد في رسم سياستها تجاه الأصدقاء أو الأعداء، وخاصة في جانبها الاقتصادي من خلال سياسة المنح والمنع. وأظهرت الدراسة مدى التقاء الأهداف الإسرائيلية والصهيونية في الحرب على العراق، وأوضحت دور اليمين الصهيوني الأمريكي في تصعيد دواعي الحرب وتأجيجها، وهو الأمرالذى أثارته الأوساط الإعلامية نفسها داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية والذى أعلنته إسرائيل مرارا على لسان مسؤوليها، حتى أن هؤلاء المسؤولين أخذوا يطالبون بالإسراع بالحرب. وأشارت الدراسة إلى أن الحكومة الأمريكية راهنت على النفط العراقي في إطار استقطابها للحلفاء في حربها ضد النظام العراقي حيث حدد تقرير لمدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة المهام المستقبلية للنفط في ظل أي نظام عراقي، وهي تعويض الأضرار التي لحقت بحقول النفط وغيرها من إمدادات النفط بسبب النقص في أموال الاستثمارات وقطع الغيار والمعدات والصيانة غير الكافية، وخاصة على ضوء ما يمكن أن يحدث لهذه الحقول أو مواقع الإنتاج الخدمي لها من أضرار بسبب الحرب والتفاوض مع شركات نفط أجنبية على شروط اتفاقيات تقاسم الإنتاج للاستثمارات والعمليات في كل من حقول النفط الجديدة والقديمة، وخاصة إذا ما تم تغيير النظام العراقي الحالي. وأشارت إلى أن الشروط الحالية للشركات ترتبط بمعايير الاتفاقات الخاصة بتقاسم الإنتاج النفطي وهي شروط قائمة منذ زمن بعيد وبالتالي فإن ذلك سيصعب الإقرار بأية شروط للشركات أكثر إرضاء من تلك التي هي قائمة الآن. وقطعت الدراسة بأن النفط العراقي ومشاريع تطويره والاستثمارات التي من المنتظر أن تقوم بها الشركات النفطية سوف توفر عوائد نقدية كبيرة ترغب الولاياتالمتحدة من خلالها سداد الديون وتكاليف إعادة الإعمار والتي من المنتظر أن تكون أمريكية في أغلبها وسداد مستحقاتها من عوائد النفط. وهكذا «كما تقول الدراسة» فإن النفط العراقي سيكون مسؤولا عن فاتورة الحرب والتي لن تقل عن مئة مليار دولار، وبالتالي فإن النفط العراقي سيكون رهنا للإدارة الأمريكية حتى يستكمل سداد الديون المتراكمة على العراق للخزانة الأمريكية حسب تقديراتها. وخلصت إلى أن أسباب الحرب ضد العراق متعددة، وإن كان النفط كما أكدته هذه المعطيات هو أحد الأسباب الرئيسة.