دخل رجل يتحدث الفرنسية على قاضٍ، وكان هناك مترجم يتمتع بذكاء وجودة، فأشعر القاضي هذا المترجم بأن هذا الرجل من قساوسة النصارى فما كان من القاضي إلا أن ذكر قصة مريم من خلال كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام من خلال ما جاء في أقوال المفسرين والمؤرخين وتكلم عن حزام الألفة في أوروبا، وعقدة الخطيئة، وصكوك الغفران، وقضايا الوثنية الشائكة، فبهت هذا النصراني وعجب من ثقافة القاضي وقال له: «إنك تعلم عن عيسى ابن مريم وأمه ما لا أعلمه أنا، وأنا من كبار قساوسة النصارى في فرنسا، وإني أعدك أن أقرأ بدقة عن الإسلام وأن أفكر فيه ملياً». ثم أخذ كتباً من القاضي وبعد مرور زمن جاء إلى القاضي مرة أخرى ليعلن إسلامه ورجوعه إلى الباري جل جلاله وكان مجلس القضاء يومئذٍ في مثل هذه الحالة مجلس دعوة وهداية وصلاح وإصلاح، ومن هذا نلحظ أن كثيراً من قضاتنا و لله الحمد لديهم القدرة على الإبداع وخدمة الإسلام وتقديم الأنموذج الأرقى والأمثل الذي يليق بسمعة هذه البلاد الطاهرة ومكانتها العالية ويحقق لنا مكاسب دعوية جبارة لصالح هذه البلاد وسمعتها، وكان القضاء من خلال مجلس الدعوة إلى الله عز وجل من أعظم أسباب ثقة من يتقاضون في المملكة من الكفار على وجه الخصوص ومن المسلمين من الدول الأخرى على وجه العموم في علماء المملكة وقضاتها خاصة إذا أدركنا أن القضاء عمل تعبدي رباني، وأن وظيفة القاضي هي تحقيق العدالة، ومن واجباته نشر الإسلام والدعوة إليه من خلال سلوكه ومنهجه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته إلى ربه جل جلاله.