إن الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها العالم حالياً، يتعلق تحسنها أو تفاقمها بتقلبات الأوضاع السياسية، حيث يربط جميع المحللين توقعاتهم الاقتصادية المستقبلية، بما يدور في الساحة السياسية، وعليه فقد توقع الكثير من المحللين الاقتصاديين، قبل خطاب آلان غرينسبان (رئيس البنك المركزي الأمريكي) الموجه للجنة المصرفية في مجلس الشيوخ والذي تم خلال هذا الأسبوع، أن يركز غرينسبان في خطابه على ما يتوجب على الاحتياطي الفدرالي عمله للنهوض بالاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى مناقشة خطة الرئيس بوش لخفض الضرائب البالغة قيمتها 690 مليار دولار، وبالرغم من أن روجر فيرغسون (نائب غرينسبان)، قد صرح خلال الأسبوع الماضي بأنه لايمكن إعطاء نموذج مفصل لتأثير الحرب على الاقتصاد، إلا أن المحللين توقعوا أن يأتي خطاب غرينسبان متفائلاً في ظل وجود علامات نمو في الاقتصاد، وفي نفس الوقت توقعوا أن يفادى رئيس البنك المركزي الحديث عن مؤثرات الحرب على الاقتصادين العالمي والأمريكي، ولكن غرينسبان بدا في خطابه أقل تفاؤلاً مما توقع المحللون، حيث صرح بأن الوضع الاقتصادي يعيش حالات من الغموض، في المرحلة الحالية، وقد نتج عن هذا الغموض ظهور عوائق ضخمة تحيط بالاستثمارات الجديدة، وبالتالي تعرقل استئناف التوسع القوي لإجمالي النشاط الاقتصادي، ويتضح من خلال تصريحات غرينسبان في خطابه أن هذا الغموض ناتج عن عدم الاستقرار السياسي، وقد حذر من أن تؤدي الآثار المترتبة على حرب وشيكة على العراق، إلى إضعاف الأعمدة الأساسية للنمو الاقتصادي الأمريكي، وبالرغم من تصريحه بأنه وزملاءه بمجلس الاحتياطي الفدرالي يميلون إلى الاعتقاد بأن الاقتصاد الأمريكي قد ينتعش بقوة في حال اندثار مخاوف الحرب، إلا أن كثرة التوقعات المتعلقة بالعراق، تجعل التنبؤ بالأداء الاقتصادي الأمريكي صعباً للغاية، وفيما يتعلق بخطة بوش الضريبية، التي يشهد حولها في الكونغرس جدلاً حاداً، فقد بدا من خطابه أنه غير مؤيد لها، حيث صرح غرينسبان ضمن الخطاب، بأن المبالغ التي ستنفق على خفض الضرائب، يجب الحصول عليها بطرق أخرى، وذلك إما عن طريق فرض ضرائب جديدة وإما خفض الإنفاق الحكومي، حيث نبه الكونغرس لضرورة إبقاء العجز في الميزانية بعيداً عن الانفجار، وقد تضمنت تصريحاته تحذيراً شديداً بضرورة استعادة ضبط الميزانية، حيث إن الهرم السكاني يميل إلى الشيخوخة، مما قد يعرض خدمات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية إلى مشاكل عويصة، ما بين 2010 و 2012، وتابع أنه من دون حصول معجزة اقتصادية، فإن تقدم السكان في العمر، سينهي الوضع الحالي من الهدوء النسبي في الميزانية في غضون عقد من الزمن، وأعرب أنه من الحكمة معالجة هذا التعديل الهام عاجلاً وليس آجلاً، وقد تابع المستثمرون والمحللون خطاب غرينسبان، بحذر شديد، وكان لخطابه الذي وصفه الكثيرون بأنه أقل تفاؤلاً، تأثير على أسواق الأسهم، ومع ذلك فقد توقع مجلس الاحتياطي الفدرالي أن يحقق الاقتصاد الأمريكي نمواً يتراوح ما بين 3 ،25% و 3 ،50%، لهذا العام مقارنة مع 2 ،8% لعام 2002. حركة مؤشرات أسواق الأسهم شهدت حركة مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية بعض التأرجح متجهة نحو الارتفاع خلال الأسبوع الثاني من فبراير 2003 متأثرة بالعديد من المعطيات. كان من أهمها استمرار المخاوف من نشوب حرب، ولكن بعد ظهور بوادر أمل في تأجيل الحرب، وظهور أرقام اقتصادية مشجعة، وإعلان بعض الشركات عن أرباح جيدة، بالإضافة إلى تراجع في أسعار الذهب مع تحسن طفيف في أسعار الدولار، فقد أقفلت مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية على ارتفاع، حيث سجل مؤشر الداوجونز الصناعي (DOW) ارتفاعاً بلغ 44 ،57 نقطة بنسبة 0 ،57% خلال الأسبوع، ليقفل على مستوى 7908 ،80 نقطة، أما مؤشر ستاندر آند بورز(S&P500) فقد سجل ارتفاعاً بلغ 5 ،20 نقطة بنسبة 0 ،62% خلال الأسبوع ليقفل على مستوى 834 ،89 نقطة، أما مؤشر الناسداك المجمع (NASDAQ) فقد كان أداؤه أكثر حظاً حيث سجل ارتفاعاً بلغ 27 ،70 نقطة بنسبة 2 ،16% خلال الأسبوع، وأقفل على مستوى 1310 ،17 نقطة. لمحة عن بعض أفضل وأسوأ القطاعات أداءً تأثر مؤشر قطاع الداوجونز لخدمات المياه، وارتفع بنسبة 2%، وسجل مؤشر قطاع الداوجونز للألمنيوم ارتفاعاً بلغت نسبته 1 ،59% خلال الأسبوع المنصرم. وارتفع أيضاً مؤشر قطاع الداوجونز لمستهلكي الالكترونيات بنسبة 1 ،13%، وفي المقابل فقد انخفض مؤشر قطاع الداوجونز لصناعة السيارات، حيث سجل انخفاضاً قدره 6 ،48%، وكذلك مؤشر قطاع الداوجونز للطيران، فقد سجل انخفاضاً قدره 6 ،44%، وانخفض أيضاً مؤشر قطاع الداوجونز للاتصالات بنسبة 5 ،75%.