قال له صديقة القابع خوفا من جنون سرعته على المرتبة الأمامية للسيارة: يا أخي اقرأ ما هو مكتوب على اللوحة أمامنا«أعقلها وتوكل» والقصد منه الوقاية لا البحث عن النهاية. قال في بسمة يخالطها شعور التحدي وجنون التمرد: اسمع أنا أقول:«أسرع وتوكل» وزاد من ضغط قدمه على البنزين حتى أصبح صوت السيارة كصوت طائرة مدرج«وكم أمتعه ذلك الصوت فقد فعل ما فعل في السيارة حتى أصبح صوتها كذلك» لم يكن يدور في خلده أن ذلك سيكون آخر صوت يسمعه وأن مبدأه الغريب «أسرع وتوكل» هو بداية طريق الرحيل ومحطة الوداع الأخيرة لهذه الدنيا. لم تعد السيارة تسير بل تطير ولم تعد قدرته على التحكم بها ممكنة انحرفت عن مسارها وأخذت تدور في الشارع وكأنها تائهة لا تعرف كيف تسير، حاول بكل ما يملك من قوة وأخذ يدير المقود يمينا وشمالا ويدوس الكابح في محاولة لتهدئة تلك الثائرة المجنونة ولكن هيهات أن يكون الأمر الآن كمثله قبل خمس دقائق. ارتطمت السيارة بجدار منيع وصلب وعادت مرة أخرى للشارع ثم ارتطمت مرة أخرى وأخرى وكأنها استعذبت عناق ذلك الجدار وأبت أن تتركه إلى أن يتركها حطاما وكان لها ما تريد فلم تقف إلا وهي حطام ومن بداخلها أجساد خلت من الحياة، اتجهت الجهات المعنية للحادث وقامت بعمل اللازم في أسرع ما يمكن ولكن ما حدث قد حدث وما أرادت السرعة منهما أخذته ألا.. وهو الحياة. فهل نعقلها ونتوكل أم نسرع ونرحل؟!