الفتق هو نتوء أو انتفاخ للنسيج اللين الذي يشق طريقه عبر العضلات أو ما بينها، تكون عضلات الجسم عادة مشدودة وتضغط على مختلف الأنسجة والأعضاء لتساعد في كبحها وإبقائها في الوضعية الصحيحة. مع ذلك تضعف وترتخي العضلات في بعض الأحيان بسبب الجهد الزائد أو الضعف الخلقي مثلا، عند حدوث ذلك تشق الأنسجة اللينة طريقها عبر النقطة الضعيفة في هذه العضلات وتحدث انتفاخا أو كيسا يعرف بالفتق. يحدث الفتق في مناطق مختلفة من أجزاء الجسم، ولكنه أكثر ما يكون في الجدار البطني المكون من طبقات عضلية تغلف الأعضاء البطنية وهي المعدة والكبد والكليتين والأعضاء التناسلية. وعادة تبقى هذه الأعضاء ثابتة في مواقعها بواسطة العضلات الموجودة في الجدار البطني أثناء ارتفاع الضغط في داخل البطن، ولكن إذا نشأ ضعف في عضلات الجدار البطني لسبب ما عند نقطة تقع مباشرة فوق السرة أو تحتها فإن الضغط يجبر هذه العضلات على الافتراق عند تلك النقطة، فيدفع قسم من البطن يكون غالبا النسيج المعوي عبر هذه العضلات ويبرز كنتوء مرئي في أغلب الأحيان ويعرف بالفتق السري. ما هي الأعراض؟ يكون العارض الرئيسي للفتق السري شعور عام بالثقل في البطن يصاحبه أحيانا ألم بطني، وقد ينشأ انتفاخ ملحوظ عند السرة وغالبا ينشأ الانتفاخ بصورة تدريجية على امتداد أسابيع، وقد ينشأ فجأة عند رفع حمل ثقيل، وفي بعض الحالات قد لا ينشأ مثل هذا الانتفاخ نهائيا. ويمكن دفع معظم الفتوق إلى مكانها ويسمى في هذه الحالة فتوقا ردودية، أما الفتق الذي لا يمكن إعادته بالدفع إلى مكانه فيسمى فتقا لا ردوديا وهنا لا بد من التدخل الجراحي. مع العلم أنه من المفضل بوجه عام إجراء عملية جراحية لمعالجة الفتق حتى ولو كان فتقا ردوديا نظرا لاحتمال نشوئه والتسبب في إحداث الألم. ما مدى انتشاره؟ يعتبر الفتق السري شائع نسبيا ولكن إصابة النساء به تقدر بخمسة أضعاف إصابة الرجال، وتتعرض للإصابة به بصورة خاصة النساء البدينات اللواتي أنجبن عددا كبيرا من الأطفال. المخاطر؟ إذا حصل الفتق على قسم من المعي فإنها تمنع محتويات المعي من التحرك بداخله، ويعرف هذا النوع من الفتق بالفتق المسدود وفي هذه الحالة تكون الآلام متزايدة في البطن مع إحساس بالغثيان والتقيؤ، وهناك خطر آخر للفتق يعرف بالاختناق. والفتق المختنق هو الفتق الذي انتفخ وتسبب في انقطاع وصول الدم إلى الأنسجة بداخله، وهذه الحالة تتطلب عناية طبية عاجلة. ما هو العلاج؟ المساعدة الطبية: يجب مراجعة الطبيب إذا كان هناك انتفاخ أو نتوء يستمر دون سبب واضح لأكثر من أسبوع، وفي حال شخَّص الطبيب المعالج وجود فتق سري، فإنه قد يوصى بإستخدام مشد ساند لفترة من الوقت ولكن هذا الإجراء مؤقت ولا يؤدي إلى الشفاء من الفتق حيث أن معظم أشكال الفتق تميل إلى الازدياد تدريجيا بصورة بطيئة، مع ارتفاع نسبة الخطورة في حدوث إنسداد أو إختناق. العلاج الجراحي: يتم إصلاح الفتق بإعادة النسيج الناتئ إلى مكانه الأساسي، ثم يشد الطبيب العضلات المرتخية أو يخيطها ببعضها، وهناك عدة طرق جراحية تقليدية متبعة في مثل هذه الحالات تتم بطريقة الخياطة المباشرة، ومن أكثر هذه الطرق إنشارا هي طريقة "مايو". ولكن أثبتت الدراسات الحديثة أن نسبة النكس (أي الرجوع) للفتق بإستخدام هذه الطريقة عالية جدا خاصة إذا كان حجم الفتق كبيراً، أو في حال معالجة فتق ناكس أو مترافق لوجود حبن (سوائل في البطن)، أو إذا كان المريض يعاني من السمنة المفرطة أو سعال مزمن. في هذه الحالات ينصح المريض بإصلاح الفتق بالإستعانة بالشبكة الصناعية الداعمة، حيث تدعم هذه الشبكة عند خياطتها مع الأنسجة وبالتالي تقلل من نسبة النكس وتزيد من نسبة الشفاء لدرجة كبيرة بإذن الله. وخلال السنوات الأخيرة ومع تطور العمليات الجراحية بإستخدام المنظار الجراحي، أصبح بالإمكان إجراء هذه العملية عن طريق المنظار الجراحي وضع مثل هذه الشبكة المذكورة سابقا بدون فتح جراحي لدعم الأنسجة عبر خياطتها بجدار البطن من الخلف مما يؤدي إلى تقوية أنسجة المنطقة بدرجة كبيرة. ومن أهم مميزات عمليات المنظار الجراحي هي سرعة الشفاء والعودة إلى الحياة الطبيعية مبكرا، إضافة إلى عدم وجود تشوهات والتي تحدث عادة نتيجة للشق الجراحي. كما أن نسبة نجاح هذه الطريقة من العمليات مرتفع جدا، وقد قدمت دراسة على أكثر من 100 مريض أجريت لهم العملية بطريقة المنظار الجراحي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث قدم هذا البحث أمام الجمعية الأمريكية لجراحة الفتق والذي انعقد في ولاية أريزونا، حيث لاقى البحث استحسانا كبيرا من الحاضرين وقد تم تبني هذه الطريقة الحديثة لإصلاح هذا النوع من الفتق. وقد تم إعتماد هذه الطريقة ولأول مرة بمستشفى المركز التخصصي الطبي لعلاج حالات فتق السرة والتي أدت إلى نتائج جيدة جدا والحمد لله. * استشاري الجراحة العامة والجراحة التنظيرية مستشفى المركز التخصصي الطبي