نشرت «الجزيرة» خبر مقتل عجوز فلسطينية عمرها 95 عاما!! برصاص اليهود وتعليقا على ذلك أقول: تجيئين أيتها الشهيدة وعلى وجهك تجاعيد الزمن المرّ المسكون بآهات الثكالى.. وبكاء اليتامى!.. وأنين الجرحى.. في ملحمة الصبر الفريد.. الذي شكت فيه أشجار الزيتون وحقول البرتقال الضيم والاستبداد الذي تمارسه أيدي الصهاينة الآثمة.. تجيئين أيتها الشهيدة وعلى جبينك المنهك ألف تساؤل.. وفي ملامحك رسم الحزن.. الذي يختزل مسافات الجراح في عمر القضية.. تجيئين انت.. يا ابنة خمس وتسعين.. آه من تلك السنين.. تنكئين الجراح.. وتثيرين خيوط الحسرة.. التي تنسجها لغة الصمت الآسن فوق شفاه القوم!! فاطمة السراحنة.. تذكّروا هذا الاسم جيدا.. ادرجوه ضمن القائمة.. ولكن ليس مع إيمان حجو ومحمد الدرة.. أطفال الشهادة.. سجّلوه في دفتر الشهداء المسنّين.. وإن كان الأعداء لا يفرقون بين طفل وشيخ.. فاطمة السراحنة: حكاية فلسطينية مليئة بالشجن.. تختزل أحداث الليل البهيم المكتظ بالقتل والهتك والحرق والتخريب.. في رحلة الإجرام.. فاطمة السراحنة: فصل حزين يجسّد آثار الحقد الدفين.. الذي يعانيه أهلنا في فلسطين.. ولا تسألوا عن حالات الاجهاض.. وانتهاك الأعراض.. هدم البيوت.. حرق الحقول.. آه من ظلم يطول.. عفواً.. فلسطين.. أيتها الأرض الجريحة.. المثخنة بقوافل الشهداء.. ففي كل يوم تزفّين مواكب الشهادة.. تقدّمين فلذات الأكباد عربون انتماء.. ووثيقة تشبّث بالدين والتصاق بالأرض المزروعة ببذور الجهاد.. ومازلت تعضّين على عباءة الإيمان.. عفواً.. فلسطين.. أيها الثغر المكلوم.. المرابط تحت ظلال المروحيّات.. بين قهقهة الدبابات وتغريد الرصاص.. فأنت من رسم خريطة الجهاد.. ولوّن تضاريسها بريشة الصمود.. ومداد الشهادة.. وحرّك رياح المقاومة.. ولم تزل فلسطين.. حبلى بفتيان البطولة الفذة.. تقف على قدميها لتقدّم دروساً جهادية نادرة في زمن الخضوع والانتكاس الذي تعيشه الأمة.. لم تزل فلسطين تقدّم سجلات شهدائها في كفاح الكرامة ما بين جنين مات بين الحواجز.. وشاب عصفت بريعانه شظايا القصف.. أو عجوز تلقفتها رصاصة قنص يهودية.. تحاول اغتيال رحم القضية. إيهِ.. يا فاطمة السراحنة.. تموت الأحرف.. وتنتحر القصائد.. فليس ثمة لغة تصور الموقف.. وظللتِ صرخة امرأة عربية تبحث عن معتصم.. بات اسمك نقشاً حزيناً في ذاكرة الزمن.. وسيكتب التاريخ انخذال هذه الأمة المغلوبة على أمرها وهي لا تجيد سوى بيانات شجب واستنكار.. تأتي على استحياء!! وبالتقسيط.. فاطمة السراحنة.. احفظوا هذا الاسم جيداً.. فهو ليس اسم إحدى فراشات السينما الفاتنات.. وليس اسم مذيعة بديعة.. أو مغنية مشهورة تشنّف آذان القوم وتخدّر مشاعرهم بالألحان الفريدة!!!.. إنه اسم الشهيدة ذات الخمسة والتسعين عاماً.. تأتي لتحمل وثيقة إدانة لكم وللأمة الغائبة التي لم تزل تلملم جراحها وتصفّف هزائمها وتفتّش لها عن موقع بين الأنقاض! فهل ثمة أمطار في زمن الانكسار؟ محمد بن عبدالعزيز الموسى / بريدة ص.ب 915