قال ابن تيمية رحمه الله وهو يتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «وهذا واجب على كل مسلم قادر، وهو فرض على الكفاية، ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره، والقدرة هي السلطان والولاية، فذوو السلطان أقدر من غيرهم، وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم، فإن مناط الوجوب هو القدرة؛ فيجب على كل إنسان بحسب قدرته، قال الله تعالى:{فّاتَّقٍوا الله مّا اسًتّطّعًتٍمً(16)} [التغابن] . ومن أهمل هذه الفريضة الدينية مع كونه أقدر على القيام بها كانت معصيته أفظع، وبالتالي تكون عقوبته أشد وأعظم؛ حيث يقول الشوكاني رحمه الله : «من كان أقدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان ذنبه أشد وعقوبته أعظم ومعصيته أفظع. بهذا جاءت حجج الله، وقامت براهينه، ونطقت به كتبه، وأبلغته إلى عباده رسله» «اقتبسه العمري: 174». وأولو الأمر «هم أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وهذا يشترك فيه أهل اليد والقدرة، وأهل العلم والكلام، فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء والأمراء، فإن صلحوا صلح الناس، وإذا فسدوا فسد الناس، ويدخل فيهم الملوك والمشايخ وأهل النفوذ وهؤلاء بهذه الصفة يتعين عليهم الأمر بما أمر الله، والنهي عما نهى، ولهم حق الطاعة في المعروف من غير معصية» «الإمامة في الإسلام للطريقي:31». وتهدف الشريعة الإسلامية بهذا تأسيس حياة إنسانية قائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي إلى جانب أنها بينت المعروف وعددت أنواعه وحددت درجاته فقد «رسمت للإنسانية منهج الحياة المتكاملة، على وجه ينمي فيها المكارم والفضائل، ويبعث فيها روح الخير، ويساعدها على النماء والرقي، ويجلب إليها المعروف بكافة صوره.. وكذا بينت المنكر ونهت عنه وأوضحت مضاره، وحذرت من اقترافه، ليصير المجتمع المسلم مجتمعاً فاضلاً، نظيفاً» «المصدر نفسه: 32». وتقع مسئولية تحقيق هذا الهدف الشرعي الاجتماعي على كاهل الدولة الإسلامية انطلاقاً من كونها المعنية بتحقيق أهداف الشريعة ومقاصدها، ولذا فإن من أهم وظائفها الخلقية والاجتماعية حراسة الفضيلة داخل المجتمع المسلم وتنظيم حياته وفق المنهج الذي رسمته الشريعة الإسلامية ليبقى هذا المجتمع فاضلاً قوياً متماسكاً خالياً من البدع والمنكرات. ص.ب: 61647 الرياض: 11575