الاسلام في عظمته يؤكد لنا دوما انه صالح لكل زمان ومكان وذلك من خلال تشريعاته وأنظمته وسياساته والمرء مهما حاول ان يصف دقة هذا الدين وسلامته من النقص فلن يستطيع في هذه السطور أن يوفيه حقه ولكن حسبي من ذلك ان أشير الى رسالة علمية حصل عليها باحث سعودي من أعرق جامعات بريطانيا عن نظام الشورى في الاسلام وتجربة المملكة الفريدة من نوعها في هذا المجال وهي مقدمة من الباحث صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز بتقديم موفق من - علم من أعلام المملكة العربية السعودية وسياسي محنك عاصر ملوك هذه الدولة حرسها الله - صاحب السمو الملكي الأمير المبارك سلطان بن عبدالعزيز وكان لتقديم سموه أجمل الأثر وأبلغه. حيث وضع سموه النقاط على الحروف في تقييم مجلس الشورى في خطوة موفقة لعلاج القصور والنقص ومناقشة السلبيات والايجابيات بموضوعية راقية وبلغة حضارية وافية من مسؤول كبير في هرم الدولة السعودية حماها الله حيث يقول سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز «لقد اهتم التاريخ بالتطور الطبيعي والتراكمي للدولة الحديثة ذات المجتمع الآمن في المملكة العربية السعودية، وهذا الاهتمام لا ينبع من مجرد عظمة ذلك في سياق تاريخي محض بل وللتدليل على صحة النهج الذي تبنته المملكة لاتمام هذا التطور، انه النهج الذي ارتضاه الله لخلقه وبعث به آخر رسله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. كما ان هذا الاهتمام ينبع أيضا من كون هذه الحركة التاريخية التراكمية المنتظمة تمثل برهاناً حياً نابضاً بالحركة على كون هذا النهج هو دين ودولة، داحضة كل مقولة لا تعترف بدولة التوحيد. أو تقول بجمود الفكر الاسلامي وعجزه عن التبلور على أرض الواقع. كما ينبع هذا الاهتمام - أخيراً وليس بآخر - من تحقق قدرة الاسلام العظيم على التعايش مع حضارة كل قرن إذا أحسن فهمه وتطبيقه». ثم استطرد سموه الكريم قائلاً:«إن مما يستوقف المتأمل ذلك القصور المخل بدراسة هذه التجربة وتقديمها للعالم، لا باعتبارها معجزة تحققت فعلا وحسب، بل لكونها تجسيداً للطرح الاسلامي في فهم حركة التاريخ وفلسفته. ولقد جاء هذا الكتاب القيم الذي ألفه الابن الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز ليساهم في ردم هذا الفراغ في المكتبة السعودية بخاصة ومكتبة العلوم السياسية بعامة. ويركز الكتاب على دراسة وتقويم تجربة مجلس الشورى السعودي، وما تبذله الحكومة في المملكة العربية السعودية من جهود للمحافظة على هوية الدولة باعتبارها دولة اسلامية. إن المجال لا يزال رحباً للاستفاضة في دراسة أبعاد النظرية الاسلامية التي جسدتها - كما أشار المؤلف - الاسلامية المعاصرة في المملكة العربية السعودية. وان الدعوة قائمة لتقديم هذه التجربة بما تستحقه من عمق وصرامة منهجية تحقق للبشرية الاستفادة من تطبيقاتها، ولدحض ما يثار حولها بين الفينة والأخرى. وليس أكثر من الطرح العلمي الرصين جدارة بالتشجيع، واستحقاقاً للاشادة فهو يتجاوز التسطيح البسيط للأمور ويغوص في أعماقها - بدلا من ذلك - ليكشف لطالب الحق عن مسالك وسبل توصل للحق وتؤسس للحقيقة. وهذا غاية ما ينشده الباحث المنصف. أسأل الله العلي القدير ان يجعل عملنا جميعاً خالصاً لوجه الكريم خادماً لدينه العظيم، متبعاً لشريعة نبيه المطهرة». أخي القارىء الكريم هذه شذرات ومقتطفات من مقدمة الأمير الموفق سلطان بن عبدالعزيز كتبها بعمقه العلمي والسياسي وسطرها بحنكته وخبرته وضمنها دعوة صادقة لتقييم تجربة المملكة الرائدة في الشورى والاستفادة من الايجابيات وتطويرها وتلاشي السلبيات في خطوة تعتبر الأولى من نوعها تأتي من مسؤول في مقام سموه الكريم لم نسمع بمثلها في العالم العربي والاسلامي خاصة من الذين يدعون الديمقراطية الزائفة. ثم بعد ذلك تحدث الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز عن هذا الكتاب الرائع وما بذله سموه من جهد مشكور استغرق سنوات في البحث والاطلاع والتقييم والقراءة الفاحصة والعمل الأكاديمي المتواصل حيث يقول سموه:«وبالفعل ولله الحمد التحقت بجامعة درهام في انجلترا بالانتساب بعد ترحيبهم بذلك لطرح أول بحث علمي لنيل شهادة الدكتوراه عن التطور السياسي في المملكة مع التركيز على مجلس الشورى وكانت تجربة ليست سهلة إذ أمضيت ثلاث سنوات تقريبا في عمل متواصل وبحث مستمر لاخراج هذا العمل الذي سوف يوثق العديد من الجوانب تاريخياً وسياسياً وإدارياً، وفي نفس الوقت تقييم علمي لمؤسسة تنظيمية حديثة «مجلس الشورى» وتحري الدقة والموضوعية في تلك الدراسة عبر وسائل عديدة منها الحضور الشخصي لبعض جلسات المجلس واجراء لقاءات شخصية مع رئيس المجلس والأمين العام وبعض الأعضاء وكذلك توزيع استبيان جريء وموضوعي على أعضاء مجلس الشورى استغرق مدة طويلة لجمع معلوماته ومن ثم تحليل نتائج ذلك الاستبيان بطريقة علمية وتوثيقها في البحث.. إن الاستقرار السياسي في أي مجتمع أو أي دولة أصبح يشكل دوراً فاعلاً في تحقيق الرفاهية والاستقرار لذلك المجتمع». أخي القارىء الكريم هذا جهد المقل لوضع صورة جلية واضحة عن كتاب التطور السياسي في المملكة العربية السعودية وتقييم لمجلس الشورى حرصت فيه على ايصال نبذة مختصرة عن هذا الكتاب النافع المفيد داعياً جميع المهتمين إلى الاستفادة من هذا البحث فهو جدير بذلك.. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.