محمد بن سلمان.. صانع «الأجندة» الدولية    مبعوث أمريكا لأوكرانيا: نريد قطع تحالفات روسيا مع كوريا الشمالية والصين وإيران    غضب جيسوس من التحكيم يصل إلى البرتغال    أمطار وسيول على 8 مناطق    الجيش اللبناني يطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق احتجاج مناصري حزب الله    من الدرعية إلى جدة.. حكاية الفورمولا إي في السعودية    مرموش: شعرت أنني لاعب في سيتي بعد الهدف الأول أمام نيوكاسل    التعاون يكسب الخليج    رئيس أوكرانيا: «اتفاق المعادن» مع أمريكا لا يحمينا    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    التدريب التقني يطلق مسابقة التميز الكشفي والإبداع    لماذا ندعم الاقتصادات الناشئة؟    ما موعد فرض ترمب رسوماً إضافية على السيارات المستوردة ؟    تهنئة صربيا بذكرى اليوم الوطني    مجمع الملك سلمان العالمي يفتح باب التسجيل في النسخة الثالثة من (مركز أبجد)    القبض على باكستاني في جدة لترويجه (الشبو)    «سلمان للإغاثة» يدشّن المرحلة الثالثة من مشروع دعم الأمن الغذائي في الخرطوم    زراعة عسير تُطلق «خيرات الشتاء» في أبها    «Big 5 Construct Saudi» ينطلق اليوم ويستمر لأسبوعين    أولها مشاعر فوضوية.. معرض جازان للكتاب يشهد توقيع 10 إصدارات    يوم الحسم في بطولة البادل بموسم الرياض    "البيئة" ترصد هطول أمطار في (8) مناطق عبر (95) محطة    سعود بن نهار يستأنف جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    السعودية والقضية الفلسطينية موقف داعم منذ عشرات السنين    وزير الداخلية يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    أمير جازان يزور معرض جازان للكتاب 2025 " جازان تقرأ " ويطلع على فعاليات المعرض    مفتاح حل المشاكل    الشام وخطوة الاتصال اللحظي أو الآني    الذوق العام تطلق مبادرة "ضبط أسلوبك" بالتزامن مع تسوق شهر رمضان المبارك    جامعة الأمير سلطان تحصل على الاعتماد الأكاديمي لبرامج الطيران من مجلس الاعتماد الدولي (AABI)، لتصبح بذلك أول جامعة سعودية في الشرق الأوسط    أمير الباحة يعزّي الزهراني بوفاة ابنه    عبدالعزيز بن سعود يزور وحدة العمليات الأمنية المركزية الإيطالية    القلعه يفوز ببطولة بلدية بارق الشتويه التاسعة على كاس معالي أمين منطقة عسير    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب جنوب سيبيريا    «الداخلية»: ضبط 22,663 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فريق سومي لي يتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة للسيدات وجينوثيتيكول تتصدر الفردي    فندق شيدي الحجر في العلا يفتح أبوابه للضيوف    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    مناحل بيش تحصد ثلاث ميداليات ذهبية جديدة وميدالية بلاتينيوم في باريس    سهرة حجازيّة مميزة في دار فرنسا بجدة    الأشراف آل أبو طالب يحتفون بيوم التأسيس في صامطة    %72 من الشركات السعودية تستعين بحلول الذكاء الاصطناعي    متوسطة العلاء بن الحضرمي تحتفل بيوم التأسيس    «العودة» إلى رتبة لواء    تحت رعاية الأمير مشعل بن محمد.. تكريم رواد التطوع في حفلٍ مجتمعي بالرياض    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    اعتزال الإصابة    جودة الحياة في ماء الثلج    في يوم النمر العربي    العنوسة في ظل الاكتفاء    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستعارة حظيت باهتمام من دراسات علماء الشرق والغرب على حد سواء
في لقاء مع الدكتور أحمد حسن صبرة
نشر في الجزيرة يوم 16 - 11 - 2002

يرى الدكتور أحمد حسن صبرة أن الاستعارة قد حظيت باهتمام من دراسات علماء الشرق والغرب على حد سواء وقد عالجت كتابات القدماء والمحدثين كثيراً من قضايا الاستعارة وتمت هذه المعالجات في بعض الأحيان في صورة عميقة ولم تقتصر الاستعارة على الشعر والحقول الأدبية فقط بل لعبت دوراً مهما في تطوير النظريات العلمية، ولقد قدم الدكتور أحمد صبرة ورقته تحت عنوان «التفكير الاستعاري» وناقشها في مجلس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الملك سعود كما سلّط الضوء على الاشكاليات التي ارتبطت بالاستعارة، وقد قامت ثقافة الجزيرة.. باجراء حوار معه للتحدث حول أهم النقاط التي تناولتها ورقته والمحاور خريج من قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة الاسكندرية، حصل على الدكتوراه بين جامعة بون بألمانيا وجامعة الاسكندرية من أبرز مؤلفاته، صُرَّ دُر شاعر عباسي مجهول، شرح المرزوقي على ديوان الحماسة: النظرية والاجراءات، تشريح الرواية، الغزل العذري في العصر الأموي، اللسانيات والرواية «مترجم»، أسس البحث في اللغة والأدب، التفكير الاستعاري في الدراسات الغربية، كما قام بنشر الكثير من الدراسات والمقالات في الصحف والمجلات العربية.
* الاستعارة من أنواع البلاغة وقد حظيت باهتمام من علماء الشرق.. كيف نجده عند الدارسين الغربيين؟
- كتب ماكس بلاك Max black في مقاله وهو يتحدث عن الاستعارة وقال: ان جون ميدلتون موري افتتح بحثه عن الاستعارة بهذه الملاحظة: كثير من الدراسات حول الاستعارة تفاجئنا للوهلة الأولى بأنها دراسات سطحية، وفي الواقع فإن هذا التعليق لا يبدو ملائما، فالكم غير العادي للمقالات والكتب في موضوع الاستعارة، الذي أنتج خلال أربعين عاما يثبت ان الاستعارة موضوع لا ينضب وقد جمع وارن شيبلس في ببلوجرافيته عام 1971م ثلاثمائة صفحة عن الاستعارة ربما احتوت على أربعة آلاف عنوان. ومثل هذا الاهتمام غير العادي بموضوع الاستعارة نجد له نظيراً في الدراسات العربية، وإذا كان غير متاح اجراء احصاء مماثل لما قام به شيبلس فإن أي باحث عربي يدرك من خلال استقصائه المحدود ان ما كتب حول الاستعارة كثير جداً.
* إذن ما الذي يدعو الى دراسة جديدة عنها؟
- في ظني أنه على الرغم من ان كتابات القدماء والمحدثين على السواء قد عالجت كثيراً من قضايا الاستعارة وتمت هذه المعالجات في بعض الأحيان في صورة عميقة، ونجد ان منظور هذه الكتابات كان دائما هو النظر الى الاستعارة على أنها ظاهرة استثنائية في اللغة، ظاهرة ترتبط بالشعر دائما وبأنواع الكتابات الفنية الأخرى أحيانا.
* هل الاستعارة مقتصرة على لغة الشعر فقط؟
- ما أقصده هنا أن الاستعارة ليست مظهراً من مظاهر لغة الشعر فقط بل إنها أحد المظاهر المهمّة في اللغة العادية، وهي حقيقة ربما تكون مدركة، لكنها لم تترجم الى موقف نقدي، إنها تبدو في الشعر أكثر تألقاً، وربما أكثر تأثيراً، لكنّ الدور الذي تقوم به في غير لغة الشعر دور لا يمكن تجاهله، إننا ننتج استعارات كثيرة في لغتنا اليومية، وتمتلىء الصحف والمجلات بالكثير منها نلاحظ مثلا تلك الجملة.. المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة.. جملة يقولها أحد المعلقين للدلالة على قرب انتهاء الوقت أو.. الاسماعيلي يغرق في البحر الأحمر.. عندما ينهزم فريق كرة القدم بالنادي الاسماعيلي من فريق اسمه «البحر الأحمر» وكذلك لفظا «الصقور» و«الحمائم» اللذان يطلقان على الأجنحة المتشددة أو المعتدلة تجاه سياسة ما، وقد ظهر هذان اللفظان في صحف الولايات المتحدة الأمريكية في أثناء حرب فيتنام، وهذه مجرد أمثلة قليلة من حقلي الرياضة والسياسة، ناهيك عن الحقول الأخرى التي يتم فيها استخدام الاستعارة في صورة مكثفة وفي مجال التعليم فإن بعض التربويين مثل البروفيسور هوج بتري petrie Hugh G في بحثه عن «الاستعارة والتعلم» يرى ان الاستعارة تمكن الفرد من نقل العلم والفهم من مستوى معروف الى مستوى أقل معرفة بأسلوب حيوي وقابل للتذكر وهو يرى أنها واحدة من الأساليب المركزية للقفز على الهوة المعرفية بين المعرفة القديمة والمعرفة الجوهرية الجديدة.
* هل استعملت الاستعارة في المصطلحات العلمية أم أنها اقتصرت على الدراسات الابداعية والنظرية فقط؟
- نوقش دور الاستعارة أيضا في مجال العلوم البحتة، فقدم ريتشارد بويد Richard Boyd في بحثه عن «الاستعارة وتغير النظرية» ورأى أن هناك مستوى مهما من الاستعارات يلعب دوراً مهما في تطوير النظريات العلمية ووظيفتها هي نوع من الاستعارات الضرورية التي تبتكر مصطلحاً علميا لم يكن موجودا من قبل مثل «الثقب الدودي» و«سحابة الكترونات» و«النظام الشمسي المصغر» ويرى بويد ان استخدام الاستعارة واحد من أكثر الوسائل المتاحة للمجتمع العلمي لانجاز مهمة تكييف اللغة مع البنية السببية للعالم، كما يفرق بين الاستعارات في العلم والاستعارات في الأدب، فيقول: إن الاستعارات العلمية لا تكون مؤثرة إلا من خلال استخدام مئات العلماء لها، وهي لا تدرك من خلال عمل واحد شأن الاستعارات الأدبية بل من خلال جيل أو أكثر من العلماء، ويرى في استعارات الأدب جانبين: جانب انتاج الاستعارة وجانب تفسيرها الذي هو مهمة النقد الأدبي، أما في العلم فإن مهمة الاستعارة هي تقديم أفضل تفسير ممكن للمصطلح المراد توظيفه، وإذا كان محتوى الاستعارة في الأدب غير ممكن اعادة صياغته في لغة حرفية، فإن هذا ممكن في الاستعارات العلمية.
** بودنا أن نسلط الضوء على الاشكاليات التي ارتبطت بالاستعارة؟
- مشكلات الاستعارة في حقل الشعر أو في حقل اللغة الفنية عامة فقد أعيد بحثها وفقا للمفاهيم المعرفية الجديدة التي طرحت.. هناك مثلا فكرة التزيين التي ارتبطت بالاستعارة، والتي نجد لها أصداء سواء في كتب النقد العربي القديم، أو في الدراسات الغربية عن الاستعارة، كذلك موضوع ربط الاستعارة بالانفعال آليا ونوقش كثير من العناصر المرتبطة به، وأيضا تم التركيز في الدراسات الجديدة على دور الاستعارات الميتة في اللغة بدلا من الاشارة اليها اشارات عابرة، وغير ذلك من القضايا التي أُعيد طرحها.
* نريد ملخصاً موجزاً عن الورقة العلمية تحت عنوان «التفكير الاستعاري» التي قرأتها مؤخراً في المجلس العلمي بالقسم؟
- إن ما يهدف اليه البحث هو دراسة طبيعة التفكير الاستعاري ذاته في تجلياته في أكثر من حقل معرفي من خلال دراسات الغربيين له، لذلك فإن المحاور الأساسية للبحث هي:
- التركيب اللغوي للاستعارة.
- الاستعارة واللسانيات.
- الاستعارة والتداولية.
- النظريات الأساسية في الاستعارة.
هذه المحاور نتاج تأمل طويل لمشكلات اللغة في الفكر الغربي، وهو تأمل لم يكن ليظهر لولا التقدم الحضاري والتطور المعرفي عبر مئات السنين في المجتمع الغربي، والذي استطاع ان يكيف كل الأدوات المتاحة كي يحافظ على هذا التقدم، ولاشك ان اللغة احدى الوسائل المهمة في هذا الاطار.
ولاشك أيضا ان تطويع الاستعارة والسيطرة عليها باعتبارها من مشكلات اللغة العويصة كان مجال تحد لكثير من المهتمين بها، سواء أكانوا لسانيين أم فلاسفة أم علماء نفس أم علماء أم فنانين مثل بيكاسو الذي أدلى بآراء مهمة في هذا المجال.
* ما هو التساؤل الذي وقفت عنده في بحثك؟
- السؤال المركزي الذي يجب طرحه في البداية هو: هل نحن نتحدث عن الاستعارة نفسها عندما ندرسها عند العرب أو عند الغربيين؟ بعبارة أخرى هل المفهوم واحد في كلا الدرسين؟ إن مشروعية هذا السؤال تأتي من الضبابية والتشوش اللتين تصاحبان ترجمة بعض المصطلحات المهمة الى العربية، حدث هذا مع مصطلح Metonymy الذي ترجم على انه كناية، ثم استقر الآن مجازاً مرسلاً، ومصطلح Synecdoche الذي ترجم على أنه المجاز المرسل، ثم خصص الآن بنوع منه هو «مجاز الكلية» وفي مجال النقد الأدبي فإن مصطلحات «الكلاسيكية» و«الرومانسية» مثلا تؤدي إلى دلالات في العربية تختلف عما تؤديه في بيئتها الأصلية.
أما المصطلح الذي يعنينا فهو Metaphor، فقد ترجم أولا على انه «المجاز» وما تزال هناك كتابات تستخدم هذه الترجمة، لكن تمحيص هذا المصطلح في بيئته الغربية من قبل عدد من الدارسين غير الترجمة الى المصطلح العربي «استعارة»، لكن هناك بعض الضبابية حول المصطلح ما تزال قائمة، خاصة حين نقرأ مثلا عند ماكس بلاك هذه الجملة التي يعدها استعارة: The poor are the Negroes of Europe
- الفقراء هم زنوج أوروبا.
بينما استقر هذا التركيب لدينا على أنه من أنواع التشبيه، فكيف يمكن التأكد من أننا نتحدث عن الظاهرة نفسها حين نستخدم المصطلح نفسه؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.