أصبح من المألوف لمن يدخل بعض مكاتب مديري ومديرات المدارس المتوسطة والثانوية أن يرى أرتالاً من الطلبة والطالبات داخلين أو خارجين منها يسمعون التوجيهات يتبعها التوبيخ والتحقير ويسبقها كتابة التعهدات التي يدرك الطالب والطالبة أنها «تحصيل حاصل» وليس لها أهمية في مسيرتهم الدراسية!! وربما تكون المخالفة إطالة الشعر للطلبة، وعدم تقليم الأظافر ولبس الكعب العالي للطالبات أي «مخالفات بالشكل والهندام!!» وقد تعمد إدارة المدرسة إلى استدعاء أحد الوالدين حسب جنس الطالب!! وهؤلاء بدورهم يستكملون سيل الإهانات، وقد ينهالون على أبنائهم بالضرب واستخدام وسائل العنف والقسوة!! وإن حدثتكم عن التفتيش المفاجئ للطلبة والطالبات فهو أمر يدعو للدهشة وغالباً ما يكون التفتيش نوعاً من التحري ويقوم به موظفون إداريون لا يحملون أي مؤهل تربوي، هذا عدا أساليب المداهمة التي بها تُغتال خصوصيات أبنائنا وبناتنا لاسيما الطالبات اللاتي أحياناً يحملن في حقائبهن أشياء خاصة وضرورية جداً!! إن التفتيش بالصورة المعمول بها في المدارس حالياً يُشعر الطلبة بالمهانة، إضافة إلى النظرة الاستعلائية والازدراء والسخرية من قِبل المفتشين!! ونحن بذلك لا نطالب أن يُتركَ الحبل على الغارب حتى تتحول المدارس إلى أماكن لتبادل الممنوعات أو ما يقود إلى المحرمات، ولكننا ندعو إلى اتخاذ الأسلوب التربوي وانتهاج الحس الإنساني بترك الأمر لرائد الفصل الذي لابد أن تتوفر فيه سماتٌ تربوية وأبوية حانية، فهو يعرف طلابه معرفة دقيقة جداً، لاسيما أنه أثناء التفتيش يعمد بعض الطلبة والطالبات إلى التخلص مما في حوزتهم من ممنوعات بوضعها في حقائب زملائهم أو أدراج طاولاتهم فيقتاد البريء ويحاكم دون خطيئة!! وغالباً ما تتعدى العقوبة التعنيف والتوبيخ بقسوة إلى التحقير والإهانة بالعبارات الجارحة!! وقد يعمد القائمون على المدارس إلى تنفيذ العقوبة أمام الطلبة والمعلمين!! وهذه العقوبة حقيقة لا تردع المسيء بقدر ما تزرع بداخله الكُرْهَ ومعاودة الفعل ولستُ أعلم سبباً لافتقاد التوجيه والإرشاد داخل المدارس على الرغم من التدريب المستمر للمرشدين التربويين والمرشدات التربويات، إلا أن طابع العنف والعنف المضاد هو الساري في بعض مدارسنا، فالطلاب يعمدون إلى التكسير والإتلاف والإدارات تستخدم الضرب والإهانة التي تغور في النفوس والمشاعر حتى باتت الحلقة مفقودة بين الإدارة والطلاب مع استمرار المقاومة لديهم. ولعل السبب في ذلك يعود لشعور الطلبة بالظلم والاضطهاد من قبل المعلمين أو الإدارة مع استخدام الألفاظ البذيئة التي تتنافى مع الأسس التربوية فينحني أبناؤنا للمهانة ويستكينون للخذلان!! وقد يرتكب الطالب الخطأ دون قصد وخاصة حين يكون يتيماً أو يعزُّ عليه حنان أحد أبويه مع افتقاد عنصر التوجيه الأسري. كما قد يعود السبب إلى الجهل في كيفية التعامل مع المراهقين الذي يتطلب الصبر والاحتواء والاستماع إلى همومهم والتعرف على طموحاتهم والتفاعل معها بإيجابية والتعامل الراقي معها بما يسمو بالإنسانية إلى آفاق واسعة. وكم من طالب وطالبة لجأ للبوح بما يجول في خاطره للصحف والمجلات الشبابية فتتقطع ألماً وأنت تقرأ عن همومهم وقد يقعون فريسةً سهلة لمن يستغل ضعفهم وقلة حيلتهم!! وللحديث بقية الأسبوع القادم..