تتسارع وتيرة صعود الدول اقتصادياً تحديداً الناشئة وتزداد شراسة التنافسية بينها وبين الاقتصادات المتقدمة ولا تكاد أي دولة منها إلا وتصدر التشريعات والمبادرات لتمكين اقتصاداتها وتعزيز تنافسيتها وعندما سأل الزميل عبدالله المديفر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في المقابلة التلفزيونية قبل أيام ماذا بعد 2030 كان جوابه سريعاً ومختصراً حيث قال 2040 الوصول للتنافسية، أي أن الاقتصاد السعودي سيكون في موقع التنافسية مع الاقتصادات المنافسة وتحديداً من دول مجموعة العشرين كونها تضم أكبر اقتصادات العالم. ففي العام الماضي تقدمت المملكة للمركز 24 بين دول العالم وفق تقرير المعهد الدولي للتنافسية بموجب مؤشرات معيارية عديدة بل كانت المملكة الدولة الوحيدة التي حققت تقدماً بمركزها من بين دول الشرق الأوسط، لكن الملفت هو تقرير صدر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي قبل شهور والذي يضم وكالات الاستخبارات الأميريكية حيث كان عنوانه « 2040 عالم أشد تنافسية « وذكر التقرير الذي يحمل أهمية بالغة نظراً لغزارة المعلومات التي بني على أساسها وواقعية التوقعات أين سيكون مكمن القوة بالتنافسية بين الدول وذلك من خلال تطوير التكنولوجيات وأيضاً الشبكات الجديدة وأيضاً مراكز تبادل المعلومات والأموال وقدرات الدول بالسيطرة على المعلومات فهذه العوامل وغيرها ستكون معايير قياس التنافسية بين الدول فعالم اليوم الذي يقف تدريجياً على قدميه من تداعيات جائحة كورونا أصبح ينظر للمستقبل بعيون مختلفة من حيث التوجه لرفع حجم الإنتاج الصناعي في أغلب الدول وتأمين غالبية سلاسل الإمداد من الداخل والتوسع باستخدامات التكنولوجيا وامتلاكها وتطويرها كالجيل الخامس في الاتصالات ونقل المعلومات وكذلك الأجهزة والبرامج الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخدام الروبوتات، فالجائحة بقدر ما كانت مؤلمة بتداعياتها لكنها أسست لعصر جديد بالاقتصاد العالمي. وبالعودة للتنافسية المنشودة للاقتصاد الوطني بعد عقدين من الزمن فإن الرؤية الحالية تهدف لتمكين الاقتصاد الوطني بالأنظمة والتشريعات وتوسيع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد والانطلاق بقطاعات جديدة مع تركيز على التوسع باقتصادات المدن وتأسيس مدن جديدة مثل نيوم والتي سيكون فيها مدينة «ذا لاين» المليونية التي تعتمد التقنيات الحديثة وستكون خالية من الكربون إضافة للنهوض بقطاعات مثل التطوير العقاري بمعايير عالمية وإدخال صناعات جديدة محتملة كالسيارات الكهربائية، إضافة إلى تحسين نوعية الوظائف للمواطنين لمن تعد مداخيلهم متدنية قياساً بجودة الحياة المستهدفة، وقد ذكر ولي العهد أن نسبة الوظائف السيئة 50 بالمائة، فتطوير وتأهيل الكوادر البشرية وإدخال التقنيات الحديثة بالأعمال مع التوسع بتطوير البنية التحتية الرقمية سيكون لهم أفضل الأثر بالتأسيس لتنافسية المملكة عام 2040 مع تطوير بمستوى الجامعات ووسائل وأساليب ومناهج التعليم العام والعالي، فالدول التي نافست سابقاً بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت من أكبر اقتصادات العالم مثل اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وغيرهم كان عماد قوتهم رأس المال البشري الوطني لديهم. في الخمسة أعوام الماضية من عمر الرؤية تمكنت المملكة من تحقيق أغلب الأهداف المرصودة لتلك الفترة بل تجاوزت ببعض البرامج المستهدفات وبذلك ينتهي الثلث الأول من عمر الرؤية لتبدأ مرحلة التنفيذ للعديد من المشاريع بمختلف القطاعات كالصناعة والسياحة واللوجستك ويتماشى معها التوسع بالاستثمار السيادي محلياً وعالمياً وإدخال صناعات وخدمات متقدمة عبر برنامج شريك الذي ستضخ من خلاله 24 شركة وطنية حوالي 5 تريليونات ريال في العشرة أعوام القادمة يضاف لها أبواب إنفاق أخرى حكومية ومن المستهلك تقدر بحوالي 22 تريليون ريال مما سيعزز من رفع قدرة الاقتصاد الوطني على جذب الاستثمارات وتهيئته للاتجاه نحو التنافسية الدولية في العام الذي حدد لتحقيق هذا الهدف العام 2040 م.