المملكة العربية السعودية، الدولة الأم لكافة الدول العربية، وبخاصة دول المنطقة، لها مواقفها المشهودة مع الجمهورية العراقية، منذ عقود، فالعلاقة، علاقة أخوة وعقيدة وجوار. العراق ما كان إلا البلد المضياف الذي يعرف للأخوة قدرها، وللمجورة حقها، وما كان يومًا إلا نعم الشقيق. ولكن .. وما أصعب هذه ال.. لكن!.. ولكن ومنذ أن وطئت ترابه أقدام الفرس المجوس، والوضع لا يسر عدو فضلاً عن صديق! فعاثت جماعات الإفساد والفساد، ومليشيات الملالي، وزنادقة ولاية الفقيه بهذا البلد، فأهلكت الحرث والنسل، وشتت الجماعات، وفرّقت الأسر!! ومع كل هذا، لم تغفل المملكة عن شقيقتها، ولم تنس قرابتها، فسعت طوال سنوات وسنوات لرد العراق لحضنه العربي، وبذلت من أجل ذلك الغالي والنفيس، فوجدت من جابه هذا التوجه، وحاول أن يفسد أكثر وأكثر، ولكنها بفضل الله ثم بحنكتها السياسية نجحت في عودة العراق لأمته، وها هي تؤكد على ذلك بهذه الزيارة التي قام بها رئيس وزراء العراق للرياض بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وبهذا الاستقبال الرسمي والحفاوة الكبيرة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-. السعودية والعراق لهما ثقلهما السياسي والاقتصادي، ولذا من الأهمية بمكان أن تكون العلاقة بينهما متينة وقوية، وأن لا يسمحا لأي مفسد أن يفسد هذه العلاقة، مهما كان. قبل أشهر افتتح منفذ «جديدة - عرعر» الحدودي الرابط بين السعودية والعراق، بعد أكثر من ثلاثة عقود على إغلاقه، في خطوة وصفها مسؤولو البلدين ب»التاريخية»، كونه سيفتح آفاقاً واسعة لتنمية الاقتصاد والتجارة والاستثمار. يأتي افتتاح المنفذ، مع توقعات سعودية أن تصل الاستثمارات في العراق إلى 10 مليارات ريال، وفق لجان العمل التنسيقية بين البلدين، والتي دعت إلى أهمية التسريع في تشكيل مجلس الأعمال المشترك وتسهيل أعمال الشركات والقطاع الخاص السعودي، في وقت أبرز فيه العراق حقيبة استثمارات تضم 6 آلاف مشروع بقيمة 100 مليار دولار. ويقع منفذ «جديدة - عرعر» من الجانب السعودي ومنفذ «عرعر» من الجانب العراقي على مساحة إجمالية تبلغ 1.6 مليون متر مربع، ويضم «منطقة لوجستية» هي بمثابة البوابة الاقتصادية للجزء الشمالي من المملكة، والانطلاقة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ونحو آفاقٍ جديدة من التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية، مما يسهم في تيسير حركة التجارة البينية. ومن أبرز مكونات المنفذ، إنشاء ساحة لمنطقتي الصادرات والواردات، وإعادة تأهيل ساحات المعاينة والمباني التابعة لها والمباني الأمنية، بما يتوافق مع المعايير الخاصة بتطوير بيئة العمل، وإعادة تأهيل سكن الموظفين والطريق الدولي، وتحسين المنظور البصري للمنفذ، فيما يضم الجانب العراقي إنشاء منفذ جديد ومتكامل لحركة الشحن والركاب في القدوم والمغادرة، يشمل أنظمة الفحص الإشعاعي للبضائع والشاحنات، ونظام وزن الشاحنات، ومحطة كهرباء لتغذية المنفذ، وأخرى لتنقية المياه، ومصرفاً، ومسجداً، ومستودعات، وساحات انتظار للشاحنات. كل هذا يعطي مؤشرًا على أهمية التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، وإنهما بإذن الله قادران على ضخ الدماء الاقتصادية في شرايين كادت أن يصيبها التجلط المميت، لولا أن قيادة المملكة جابهت كل محاولات أبعاد العراق عن محيطه العربي، بالحكمة والحنكة والدبلوماسية. اليوم نحن نشهد مرحلة بإذن الله مختلفة، بتوجيه من خادم الحرمين وإدارة من ولي العهد -حفظهما الله- وهذا التناغم من القيادة العراقية، التي أدركت حجم الخطر، وعرفت قيمة أن تكون ضمن محيطك العربي، يشعرون بألمك، ويعالجون جروحك، ويقفون معك. ونختم بأبيات من قصيدة للشاعر علي الجارم يقول فيها: قلت: العراق عرق ينبض بالعروبة والإسلام.. تبًا لمن أراد له أن يكون مجوسا