شهدت جلسة منتدى النمو الاقتصادي قبل عدة أيام مشاركةً من مدير الرقابة على قطاع التأمين في البنك المركزي السعودي الذي يعد الجهة الإشرافية والمرجعية للقطاع حيث تحدث عن بعض الجوانب الرئيسة في واقع القطاع وآفاقه واللافت في حديثه أنه ذكر بأن أسباب تأخر نمو شركات التأمين يعود إلى بداياتها برأس مال منخفض نسبيا، مقارنة بحجم اقتصاد المملكة ومن المعلوم أن القطاع شهد مرحلة تنظيمية جديدة منذ نحو 15 عاماً حيث بدأ بعدها إلزام الشركات بالإدراج في السوق المالية وكانت بدايات مراحل هذا التنظيم تسمح بأن يكون الحد الأدنى لرؤوس أموال الشركات عند مائة مليون ريال. فبداية لا بد من التطرق لوجهات نظر أخرى من خبراء عاملين في القطاع يرون أن جل الخسائر التي لحقت بالشركات المرخصة تمثلت بزيادة بمصاريفها الإدارية وأيضا الاستثمار بأوعية عالية المخاطر بالإضافة لقصور بالنواحي الفنية والتشغيلية وهو ما يمثل رأياً مخالفاً لوجهة نظر المسؤول عن الرقابة على القطاع، لكن بالنظر لواقع القطاع الذي انخفض عدد شركاته من نحو 34 شركة إلى 30 حالياً جميعها مدرجة بالسوق المالي فإن تطورات إيجابية شهدها القطاع بالسنوات الأربعة الماضية في معالجات تنظيمية شجعت على الاندماجات كأحد حلول إعادة هيكلة القطاع بالإضافة لتنظيمات اكتوارية حسنت من النتائج والأداء التشغيلي، إلا أن ما جاء على لسان مدير الرقابة على قطاع التأمين يطرح أسئلة مختلفة تحتاج لإيضاحات أوسع عن الرؤية لمستقبل القطاع. فقد أشاد بالاندماجات على أنها تشكل كيانات برؤوس أموال أكبر وقدرات أفضل تسهم بالاستدامة المالية للشركات ولنمو القطاع وبنفس الوقت ذكر أن نسبة التوطين بالقطاع ارتفعت من 35 إلى 75 بالمائة حالياً وقال إن هذا دليل على أن القطاع قادر على خلق فرص وظيفية للمواطنين وهنا لا بد من التساؤل هل هو قصد بارتفاع نسبة التوطين الحالية أن ما تم هو إحلال وليس توليد وظائف جديدة لأن هناك فرقاً كبيراً بين الإحلال والتوليد خصوصاً أن عدد موظفي القطاع لم يرتفع بنسبة كبيرة فما زال يتراوح نحو 12 ألف موظف أو أقل بقليل منذ أكثر من عامين أي لم تولد فرص جديدة والتي يفترض بحسب ما ذكره أن تكون بأكثر. من ستة آلاف وظيفة جديدة غير القائمة كما أن إشادته بالتوجه للاندماجات تتنافى مع قدرة القطاع على توليد فرص عمل جديدة لأن ما ينتج عن الاندماجات عادةً تقليص بالوظائف تدريجي لتشابه بعض الأعمال وعدم الحاجة لهذه الزيادات بالموظفين إضافة إلى أن التطور باستخدام التقنية يسهم بإلغاء بعض الوظائف، أما التساؤل الآخر هل يمكن للقطاع بهيكليته الحالية وحجم رؤوس أموال شركاته مجتمعة التي تقل عن (1) بالمائة من إجمالي الناتج المحلي أن يكون قادراً على أن يلعب دوراً رئيسياً بالاقتصاد الوطني من ناحية القدرة على تغطية الأصول الضخمة فيه التي تقدر بعدة تريليونات من الريالات وأن يواكب التوسع الضخم الحالي والقادم بالاقتصاد الوطني تماشياً مع التطور المتسارع في نشاط قطاعات اقتصادية قائمة وجديدة. يقال إن البدايات الصحيحة نصف النهايات فقطاع التأمين يعد من أهم القطاعات في كل الاقتصادات عموماً ويعد مساهماً رئيساً في حماية الأصول ودعم استمرار الأعمال ونهوضها من جديد في حال تعرضها لأي حوادث تتسبب في خسارتها لأصولها كما أن له أدواراً عديدة أيضاً فيما يخص الأفراد من مختلف أنواع التأمين فما هي التطلعات لمستقبل القطاع وهل يحتاج لتأسيس كيانات جديدة برؤوس أموال ضخمة جداً وهل سيتم القيام بتعديلات جديدة في أنظمته للإسراع بهيكلته ليواكب مستقبل الاقتصاد الوطني؟