هالحرفين مش أكثر الحب أد الدني وأكبر وهو محق في هذا «القول» الجميل، وقد تنافس الأدباء والفنانون عموماً والسينمائيون خصوصاً، عبر التاريخ والجغرافيا لتوصيف الحب بالمواصفات الجميلة! ودعوا لرؤية كل الظواهر من خلاله، ولكن لم يجروء أحد منهم على الإجابة على السؤال «ما هو الحب؟». توجد طرفة على شكل «حزورة» شائعة بين الشباب وهي: - ما هي أعجوبة الدنيا الثامنة؟ ... وعلى الشاب أو الشابة الإجابة «إنها الحب!». وميزة عجائب الدنيا السبع هي أن لا أحد يعلم بأي طريقة وجدت! على الرغم من وجود تكهنات بذلك؛ وكذلك الحب؛ الجميع يعترف بوجوده؛ ولكن لا أحد يعلم ما هو. ولم يحاول مبدع أو فيلسوف وضع تعريف للحب. فالجميع «يشعر» أن التعريف يرسم حدود للحب؛ وهو؛ أي الحب؛ أوسع من أي حدود. فوضع حدود للحب هو «ظلم» له؛ بل قتل له؛ ولكن توجد «مواصفات» للحب؛ يبدو أن المبدعين والفلاسفة والانتلجنسيا وحتى الدهماء متفقون عليها! أولى تلك المواصفات هي أن الحب ليس فردياً؛ إنما لا بد أن يكون هناك أكثر من طرف. بمعنى أن حب الفرد لذاته ليس حباً، إنما أنانية! وقد يعشق الفرد ذاته؛ وهذه تُسمى في الأدب وعلم الجمال «نرجسية»؛ وهي أعلى أنواع الأنانية! حيث يقيس النرجسي كل الظواهر من خلال تقديسه لذاته ومجده الشخصي! ثانيها: - الحب الثنائي بين الفتاة والشاب ليس كل الحب! فهو إن تكلّل بالزواج يتطور إلى مرتبة أرقى من الثنائية! ألا وهي «حب العائلة»؛ أي «اتساع» الحب الثنائي ليشمل الأولاد والبنات؛ وتربيتهم؛ وتلبية احتياجاتهم؛ وتعليمهم؛ والحرص في نهاية المطاف على أن يكونوا أعضاء فاعلين في مجتمعهم! وهذا الارتقاء في الحب ليس نفياً للثنائية؛ بل تطوير لها! وإذا تعدى الحب حدود العائلة ارتقى أكثر؛ فسيشمل الأقارب؛ ثم الأصدقاء؛ ثم المجتمع؛ ثم الوطن؛ ثم البشر على اختلاف أطيافهم؛ وهي أرقى درجات الحب! ثالثها: - أن الحب ليس مطلقاً؛ فهو يزداد بالعطاء؛ ويضمحل بالأنانية! فالحب من مظاهر الوجدان «الإنساني»؛ والأنانية من مظاهر الوحشية «الحيوانية»؛ والفرق الأول بينهما؛ أن «الإنسانية» هي نتيجة الاعتراف بالمجتمع أولاً؛ أما الوحشية فلا تعترف بالآخر؛ ويعلم الجميع أن الأسود تأكل أولادها إذا لم تجد ما تسد به جوعها! ولذلك الحب «ضرورة» للحفاظ على انتماء الفرد ل «إنسانيته»! يوجد رابعاً وخامساً وربما عاشراً فيما يُقال عن الحب! وسأترك ذلك للمبدعين؛ على أن لا يحسنوا القول ويحسنوا الفعل؛ فالحب فعل قبل القول! وإذا كان الحب في زماننا قد تغلف بغلاف كلسي بسبب أمواج الوحشية؛ فلسان حال البشر يقول: صحيح أننا لا نملك بعد «وزارات دفاع» عن الحب؛ ولكننا متشبثين بإنسانيتنا؛ وربما يستفيق المبدعون الذين عن واجباتهم ساهون؛ ويمنحون الحب المغلف القوة للتفقيس! ** ** - د. عادل العلي