من أهم الملفات التي توضع على طاولة الأجهزة الحكومية المختصة بالشأن الاقتصادي عالمياً «البطالة» وفي دول تعد الأكبر في الاقتصاد العالمي مثل أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي تضع البنوك المركزية فيها مستهدفات لخفض معدلات البطالة في سياساتها النقدية ففي الأزمة المالية العالمية 2008م ربط الفيدرالي الأمريكي بعد خفضه لأسعار الفائدة لتقارب الصفر إعادة تغييرها ارتفاعاً بنسب بطالة مستهدفة عند انخفاضها لأقل من 5 في المائة بعد أن وصل في ذروة الأزمة عند نحو 10 في المائة ولم تتغير أسعار الفائدة لأكثر من سبعة أعوام حتى تحقق الهدف المنشود وفي الأزمة الاقتصادية الحالية وضع الفيدرالي معدلات البطالة كأحد المعايير التي سيبني سياسته النقدية على أساسها إضافة لنسب التضخم عند 2.2 في المائة. في المملكة وقبل نحو ثلاثة أشهر صدرت الموافقة الملكية الكريمة على نظام البنك المركزي السعودي وهو الاسم الجديد له بعد تعديله من مسمى مؤسسة النقد العربي السعودي وحددت له أهداف أصبحت مقننة بنظامه عن أدواره ومن بين أهم أهدافه «دعم النمو الاقتصادي» وللبنك دور تاريخي منذ تأسيسه قبل أكثر من ستة عقود في التنمية الاقتصادية وتطوير ومراقبة النظام المالي ليصبح من بين أفضل الأنظمة موثوقية وملاءةً وكفاءة في العالم وكان البنك داعماً لخطط التنمية والنشاط الاقتصادي الذي تطور لتصبح المملكة من ضمن دول مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم فالاستقرار النقدي وأيضاً القطاع المالي يعد إحدى ركائز ومفاتيح دعم التنمية لكن بعد النظام الجديد للبنك والدور المحدد بدعم النمو الاقتصادي هل سنسمع من البنك المركزي ربط خطواته بالسياسة النقدية المرنة التي يتبعها حالياً وضع مستهدفات محددة في نسب التضخم والبطالة فمن البديهي أنه سيركز على دعم استعادة النمو الاقتصادي بعد الركود الذي ضرب العالم العام الماضي والمملكة كانت من بين الاقتصادات التي دخلت بركود وبدأت باستعادة النمو من نهاية العام الماضي، فهل يمكن أن يحدد البنك المركزي هدفاً لنسب البطالة التي يمكن بعدها أن يتحرك بأدواته بتغيير عن السياسة النقدية المرنة فمع تحديد دعم النمو الاقتصادي كأحد أهداف البنك هل من الممكن أن يعلن عن مستهدفاته في سياساته النقدية حالياً ومستقبلاً من المهم كما يحدث عالمياً أن يعلن البنك المركزي عن مستهدفاته من سياساته النقدية لما لذلك من أهمية بدعم قدرة قطاع الأعمال على فهم التوجهات العامة للاقتصاد ويبني خططه بناءً على ذلك بالإضافة لما يتم إعلانه عند صدور الموازنة العامة للدولة سنوياً حيث تعلن أوجه الإنفاق وتوزيعه القطاعي وحجم الضخ الاستثماري على المشاريع العامة فالتناغم بين السياستين النقدية والمالية قائم إلا أن مزيداً من الإيضاحات من قبل البنك المركزي عن مستهدفاته سيكون لها إضافة إيجابية كبيرة تدعم مشاركة القطاع الخاص بأهداف الاقتصاد الوطني.