وجهه دائماً عبوس قمطرير، كأنه جلمود صخر عتيد، أو عمود أسمنتي قديم، متيبس وجاف، لا يعرف الابتسامة والبشاشة والمرونة، يتعامل مع الناس بدرجة عالية من الغلظة والحدة والزمجرة، ويجعل بينه وبينهم حواجز أسمنتية عالية، لا يعرف الود والحب والتعامل الحسن، خُلقه غير كريم، وتعامله غير سليم، وسلوكه معجون من عصبية وعجلة، ما عنده حلاوة قول، ولا عذب منطق، يكره الطقس الصافي الصحو، ويحب الريح والزوابع، طويته غير سليمة، وما عنده سماحة ولا مروءة، وخالٍ من النبل والإيثار.. ما قرأ قول الله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، ولا بلغه الحديث الشريف الذي قاله - صلى الله عليه وسلم -: «تبسُّمُك في وَجْه أَخِيكَ صدقة». لا يتعلم من دروس الحياة، ولا يحب أخذ العبر، مكابر ومعاند، شخصيته فيها خلل، وفهمه للحياة قاصر، منتفخ على الناس، ومستعلٍ عليهم، ولا يتعامل معهم إلا تعاملاً فوقياً، وفيه نكد. كبرياؤه زائف، واستعلاؤه ذميم، أحمق، يخلط الحابل بالنابل، وما عنده ضوابط ولا موازين، منقعر ومتقعر، ويحب اللف والدوران، ومراوغاته باهتة، يحب ذاته حد الجنون، وعنده غطرسة فائقة. إنه تجاوز كل الحدود، من انتفاخ واستعلاء وغرور. مواقفه زئبقية، وأقواله غير صادقة، يقول وينسى ما يقول، ويضحك على الذقون، صدره ضيّق، وروحه مشاكسة، ولسانه غير قويم، ثغره غير باسم، ولا يحب الثغور المبتسمة، متجهم وعبوس، غير هش ولا بش، ومحياه غير طلق، ووجهه غير مشرق ولا منير، يسبح في بحر منافعه ومصالحه، ولا يعيش الواقع والوقائع، منطقه خاطئ، وسليقته معوجة، وفهمه سقيم، يدس السم بالعسل، ويشوه الحقائق، ويواصل مساعيه المحمومة في التزييف والتحريف، أعاذنا الله وإياكم من أصحاب الوجوه الصخرية الكئيبة، وأبعدنا عنهم، ورزقنا صحبة الوجوه المبتسمة الأنيقة، وقرّبنا منهم.