حظيت الخيل في المملكة العربية السعودية باهتمام بالغ كجزء من تاريخها خاصة وتاريخ العرب عامة، إذ تعتبر أكثر من مجرد وسيلة نقل في السابق وإنما كانت رمزاً للقوة والشجاعة ومصدراً للفخر، شغلت الشعراء وخاضت معارك، وتسببت في احتقان الخصوم في أشهر وأطول معركة خاضها العرب في الجاهلية (حرب داحس والغبراء)، ولا تزال تعتبر مقارنة قوة الحصان بوسائل النقل الحديثة من حيث السرعة والمتانة باعتباره وحدة قياس دقيقة لقوة مكينة المركبة. وعلى الرغم من التغيير الجذري الذي حدث في وسائل المواصلات والازدحام التكنولوجي الهائل الذي يحاصرنا إلا أن رياضة الخيل لم تفقد مكانتها بالاهتمام والتركيز عليها لما للخيل من مكانة كبيرة في حياة العرب ورجل البادية، وبقيت أحد أهم أنواع الرياضة كعادة أصيلة تعزز قيمة الجواد لدى العرب. رياضة ركوب الخيل من وصية نبوية إلى رياضة نبلاء إلى بطولة عالمية في ثاني نسخة لها تحتضنها المملكة على أرضها ويشارك فيها أكثر من 126 جواداً من مختلف دول العالم ومن أشهر الخيول التي فازت في سباقات عالمية، وتعتبر كأس السعودية سباقاً عالمياً ينافس البطولات العالمية مثل (Kentucky Derby) كنتاكي ديربي أحد أشهر السباقات العالمية الذي يقام في أمريكا وعمره أكثر من مئة عام والسباق العالمي (Grand National ) جراند ناشيونال في إنجلترا الذي يقام بشكل سنوي حيث أقيم أول مرة عام 1839م. ويعتبر كأس السعودية أهم وأغلى سباق إذ تتراوح قيمة جائزته 20 مليون دولار. وتميزت هذه السنة برفع قيمة الجوائز المقدمة للمشاركين رغم ظروف جائحة كورونا والتي بسببها قلصت السباقات العالمية قيمة جوائزها إلا أن المملكة حرصت على رفع قيمة المشاركة لتؤكد قدرتها على المنافسة رغم الظروف الاستثنائية، إذ تعتبر كأس السعودية قوة ناعمة واقتصادية تحتاج لدعم من الدولة في البداية كي تنهض وتصبح كرنفالاً سنوياً ناجحاً ومربحاً للدولة. وكنوع من التأكيد على أهمية الموروث الثقافي لدى المملكة والاعتزاز به قرر نادي سباقات الخيل تفعيل الشراكة مع وزارة الثقافة واستغلال هذه المناسبة للترويج لثقافتنا عن طريق توحيد الزي الرسمي وإضفاء لمسة جمالية تاريخية على أجواء سباق يحمل عبق الماضي وطموح المستقبل، إذ وضعت قواعد معينة لارتداء زي يتناسب وأجواء السباق شمل الدقلة والسديري والبشت إضافة إلى الثوب للرجال وسمحت للنساء بارتداء «عباءات وأثواب» مستوحاة من الأزياء التقليدية السعودية، وتبقى أرض الحدث شاهداً لكل هذا الاحتفاء بالتاريخ في أجواء حماسية مبهجة تجعلنا نستحضر الماضي ونرتشف من أحداث تاريخه المعتق في كأس لا يشبه إلا كأس الوطن.