تتطلع السعودية إلى تنويع اقتصاداتها المعتمدة على النفط، فهي تعلق آمالاً على السياحة التراثية غير المستغلة لتعزيز النمو، حيث تمتلك السعودية آثارًا تاريخية لا تضاهيها أي آثار تاريخية في العالم، يمكن أن تتحول إلى وجهة عالمية للسياحة. ظلت لفترة طويلة منيعة على السياحة العالمية، عندما يفكر السياح في مصر فإنهم يفكرون في الأهرامات، لكن في السعودية آثاراً تاريخية كثيرة جدًا، أبرز معلم من معالم آثارها التاريخية العلا الغنية بتراثها الثقافي. تعمل السعودية على أن تكون موجودة على خريطة السياحة العالمية، بعيدًا عن عطلات الشمس والبحر، فهناك من يبحث عن الغوص في أعماق تاريخ الجزيرة العربية الغنية بآثار الأمم البائدة وهي تعج بطرق الأنبياء الذين سلكوها. تعد واحة العلا الواقعة شمال غربي السعودية، هي أكبر موقع لحضارة عربية قديمة تم العثور عليها تمتد حتى جنوب البتراء الأردنية، وهناك أول موقع سعودي مسجل في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، يعرض 100 مدفن وواجهات متقنة تم اقتطاعها من نتواءات الحجر الرملي المحيطة بمدائن صالح على طريق درب البخور الذي بلغ ذروته في القرنين قبل الميلاد وبعده. الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، حدد صناعة التراث والقطاع الثقافي باعتبارهما فرصتين لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وفي الوقت نفسه لتشكيل هوية سياحية عالمية، لتوفير فرص وظيفية للشباب السعودي الطموح من خلال رفع كفاءة الكوادر الوطنية بأكاديميات عالمية للسياحة، يتعزز مع موافقة مجلس الوزراء على قيام وزارة السياحة بالتواصل مع منظمة السياحة العالمية من أجل العمل من خلال منظومة تعاون دولية. تشهد المملكة حراكًا كبيرًا في اتجاه النهوض بالقطاع السياحي، كمورد اقتصادي قبل أن تكون موردًا سياحيًا، فضلاً عن تأهيل وتدريب العنصر البشري، خاصة أن السياحة تعتمد على العنصر البشري بشكل كبير، من أجل العمل على صناعة جيل يحترف الضيافة وليس مجرد موظفين، الذي يعطي بعدًا أكبر للسياحة السعودية العالمية المعتمدة على الآثار، ووضع السياحة السعودية على خريطة السياحة العالمية، أو بشكل أدق وضعها على خريطة سياحة الآثار العالمية. وستحتل بوابة الدرعية مكانة متميزة بين المواقع الأثرية التي تحتضنها السعودية والتي بحاجة إلى خرائط أثرية، والتي تختلف عن خرائط السياحة التي ركزت وزارة السياحة على 8 وجهات سياحية وفق المقومات من منطقة لأخرى بعد منحها بعدًا تميزياً آخر من أجل تنشيط السياحة محلياً وحتى عالمياً. لا شك الآثار التاريخية بحاجة إلى جمع معلومات، وترميم المواقع، وإيجاد الخبرات للاستفادة من تاريخ يعود إلى المستوطنين الأوائل منذ آلاف السنين، كعاد وثمود والعماليق وجرهم وطسم وجديس وأميم وعبيل ووبار وغيرهم، وهم أقوام انقرضوا قبل الإسلام أو انتشروا داخل مثل الأوس والخزرج الذين نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وخارج الجزيرة مثل الغساسنة والمناذرة، وما زالت المعلومات عن هذه الأقوام شحيحة إلا ما ذكرهم القرآن الكريم. وهناك حضارات قامت في جنوب اليمن كمعين وسبأ وحمير، ووسطها مملكة كندة، وشمالها الممالك العربية لحيان والأنباط ودومة الجندل، أبرزهم قوم ثمود وهم قوم صالح وأصحاب الحجر {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ، وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ}، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ}. ** ** - أستاذ بجامعة أم القرى بمكة