ولى قبلة «اهتمامه» شطر «الضعفاء» ووجه بوصلة «مهامه» حيث «الفقراء».. راسماً دوائر «المحاسن» من ارتكاز «المعروف» حاسماً مصائر «المنافع» من ركائز «الفوائد» متخذاً من «التجارة» مبتدأ للخير ومن «المهارة» خبراً للمسير.. ممتطياً صهوة «الاستثمار» بجولة ممارس جانياً حظوة «الثمار» برجولة فارس.. كتب سيرته بمداد «العصامية» ووقع مسيرته بسداد «الاحترافية» فكان «سادن» النفع الذي أشعل «الضياء» في ظلمات «المحتاجين» و«خازن» الشفع الذي أكمل «الفراغ» في احتياجات «السائلين». إنه رجل المال والأعمال الشيخ إسماعيل أبو داوود رحمه الله، احد أكبر التجار وأمهر المسؤولين في القطاع الاقتصادي في السعودية والخليج. بوجه جداوي عريض الوجنتين نقي الملامح تقي المطامح مع عينين واسعتين تنضحان بالود وتلمحان بالجد مع تقاسيم باسمة وودة تشبه سلالته التجارية العريقة وابتسامة عامرة بالرقي غامرة بالذوق.. ومحيا قويم يرفل بالبهاء ويحفل بالزهاء وأناقة تعتمر البياض الذي يشبه قلبه وصوت حجازي اللهجة فصيح اللغة دقيق العبارة.. يستند على «ثقافة» تجارية عميقة ويتكامل مع «حصافة» إنسانية متعمقة قضى أبو داوود من عمره عقوداً وهو يؤسس للمستقبل أركان الانطلاق ويؤصل للغد أصول التأسيس ويبني صروح «الطموح» من أعماق «الحرص» إلى آفاق «الهدف» واضعاً من «الموهبة» سر «النجاح» ومن «الخبرة» جهر الفلاح متكئاً على رصيد من «النبل» ونصيب من «الفضل» وإرث سديد من التربية الأسرية أحاطه بعناية «النفس» وحفظه برعاية «الذات». في جدة ولد عام 1917م في منزل شهير بالتآلف والتكاتف وسط أسرة حانية وتفتحت عيناه على أب كريم وأم حنونة علماه ماهية التراحم في السر والجهر.. وتعتقت أنفاسه صغيراً بنسائم «البكور» على ساحل العروس وتشربت نفسه نفائس «الأجور» التي ورثها من والده في مساعدة «البائس» ومساندة «الفقير».. ركض أبوداوود طفلاً بين حواري البحر واليمن وشوارع قابل والذهب مردداً أهازيج «البسطاء» و«أناشيد» النبلاء قرب بيوت «الطين» وجنب مرابع «الطيبين» مطلقاً صيحات «المرح» متجللاً بعبير «التاريخ الحجازي» مكللاً بأثير «الميناء العتيق».. مراقباً «نداءات» الرزق في حوانيت «الفالحين» مرتقباً «مساءات» الرضا في مجاميع «الكادحين». سمي بإسماعيل تيمناً بتراتيل «الاسم» ومواويل «المسمى» الذي ظل لفظاً دارجاً عند الأهل والأقارب والمارة والماكثين في وسط جدة لشاب «يافع» عرف باخلاقة عند الكل واشتهر بوفاقه مع الجميع فشكل بين الأقربين «منبعاً دائماً» للابتسامة.. و»مصدراً مستديماً» للشهامة وسط «اتفاق» عائلي بنبوغ باكر تحول إلى واقع باهر. تعلم في مدارس الفلاح الشهيرة بإنتاج رجال «الدولة» وأبطال «المرحلة» ودرس فيها وزامل كبار المؤثرين وبحث عن «العلم» رغماً عن وعثاء «السفر» وعناء «النقل» حيث سافر إلى الحبشة ثم إيطاليا ثم لندن فنيويورك ثم شيكاغو وحط رحاله في شركة بروكتر أند غامبل حيث تعلم الإنجليزية وأتقنها وبات وكيلهم المعتمد، عمل بعد تخرجه مدرساً في مدارس الفلاح ثم عمل في وظيفة مأمور أدوات السيارات ثم في شركة التعدين لمدة 13 عاماً ثم أسس عام 1960 صناعة المنظفات في السعودية وتم تعيينه عام 1964 عضواً في مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة ثم انتخب رئيسا لها عام 1967 واستمر حتى عام 2001 حيث عين رئيساً فخرياً لها وفي عام 1999 عين رئيساً لمجلس الغرف السعودية. وقد أسس ورأس الغرفة التجارية الإسلامية وله عضويات في مجالس مؤسسة النقد والتأمينات الاجتماعية وعدد من الهيئات والجهات والقطاعات وفي عام 1981 انتخب رئيساً لاتحاد الغرف التجارية الخليجي وفي عام 1989 تعين رئيساً لمجلس إدارة بنك الرياض. وأنشأ ساعة التحلية بجدة ومن ثم أهداها لأمانة جدة وترأس مجلس إدارة 6 شركات تجارية وصناعية كبيرة أربع في جدة واثنتان في الدمام إضافة إلى غيرها من الاستثمارات الكبرى.. وقد تم تكريمه بعدة أوسمة وجوائز في مختلف المحافل. ظل أبو داوود «ثاوياً» في أهل الحسنى وله عشرات الأعمال الخيرية في عدة اتجاهات وأبعاد بقيت في متون «الخفية» وفي شؤون «الخبيئة» تلهج بنتاجها دعوات «العرفان» وابتهالات «الامتنان» من أسر وعائلات وأنفس نهلت من نبع حنانه ورويت من معين إحسانه. انتقل أبو داوود إلى رحمة الله في فبراير 2005 ثم ووري جثمانه بقيع الغرقد بالمدينة المنورة بناء على وصيته.. بعد حياة حافلة بالعطاءات والإنجازات في محافل العمل القيادي والريادي والاستراتيجي تاركاً خلفه ارثاً من العطاء وتراثاً من السخاء. إسماعيل أبو داوود كبير التجار والرقم الصعب في سجلات الكبار وصاحب البصمات الجلية من الإنسانية والمهنية الذي كان وسيبقى «وجهاً» للاقتداء و«أنموذجاً» للاحتذاء.