القيادة والإدارة لها مدارس ومناهج «وبروتوكولات» تدرس في الجامعات والمعاهد المتخصصة؛ وهي ذات فروع ومدارس مختلفة ينهج منها من يتخصص في مجال القيادة، فمنهم من يصل إلى العمل بأصول القيادة والإدارة ومنهم من يخفق في ذلك. إلا أن القيادة والإدارة الفطرية لا تدرس في مناهج ولا تدون في كتب. أكتب هذه العبارات عن فن القيادة وأنا لست في مقام من يستطيع تقييم هذه القيادة وإنما أنا دارس مبتدئ أمام ما شاهدته وسمعته من فن القيادة وأسلوب الإدارة من رجل يحمل بين جنباته هموم منطقة كاملة من أكبر مناطق المملكة إدارياً وسكانياً. ألا وهو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ذلك الرجل الذي حظيت بأن أكون ممن حضر عند زيارته وحضور الاجتماع في أحد مراكز الإمارة التابع لإمارته «إمارة منطقة عسير». فلقد عجبت وانبهرت بالمهارة الإدارية التي يسير بها أعمال هذه المنطقة، لقد قام خلال الأيام الماضية بزيارة جميع المحافظات والمراكز التي تقع شمال منطقة عسير فقد حضرت لقاء سموه مع المسؤولين والمواطنين، أتعلمون كيف كانت إدارته لتلك الجولة؟ أمر يدعو للفخر ويزيد في النفس ابتهاجاً بأسلوب عمل هذا الرجل، فقد بدأ يومه الأول بزيارة أكثر من ثلاثة مراكز ومحافظة في اليوم الأول، فلكم أن تتصوروا مسؤولا يصطحب معه جميع مسؤولي الأجهزة الخدمية في المنطقة، ويبعد كل مركز عن الآخر بما لا يقل عن «50» كيلو مترا، ويقابل رؤساء الأجهزة الحكومية والأهالي وفي كل مركز يستمع إلى طلباتهم ويوجه بمتابعتها. فأي مسؤول يستطيع عمل ذلك؟ إنه بحق أمير الإدارة ومبدعها، فلم يكن ينظر إلى طلبات فروع الأجهزة الحكومية والأهالي لمجرد العلم بها، إن له أسلوبا فريدا جداً، فهو من يتولى بنفسه تلاوة جدول أعمال أي اجتماع وقراءة جميع ما يقدم عليه من احتياج تلك المحافظات والمراكز فقرة فقرة، ثم يطلب من كل مسؤول فرداً فرداً ممن هم برفقه إبداء ما لديهم عما لديه عن الاحتياجات والطلبات، ولماذا لم تتحقق وأسباب عدم توفرها. ثم يستمع إلى تعليق المحافظين ورؤساء المراكز والأهالي عما استمعوا إليه من رد المسؤولين عن تلك الأجهزة التي عرضت طلباتها. إذاً فهو يقابل بين المسؤول في الجهة الحكومية والمواطن مباشرة وبإشرافه ثم يقوم شخصياً بالإيضاح عما سمعه من الجانبين مع المواطن والمسؤول مباشرة، وهذه الرحلة تستغرق ثلاثة أيام متصلة يسلك خلالها طرقا بعضها غير معبدة ليصل إلى المواطن في موقعه يجمع المعلومات ويطلع على الحاجات وإيجاد الحلول الفورية لها دون أن يتكبد المواطن عناء السفر، فالمسؤول هو الذي يذهب إلى المواطن صاحب الحاجة، فهل هذه الإدارة تدرس، بل انها الموهبة الإبداعية والقيادية والإدارية الناجحة. لقد علمت بأن بعض المراكز التي من المقرر أن يزورها تبعد عن الطريق الرئيس المعبد مسافة كبيرة والطريق المؤدي لها ليس معبداً. ورغب المواطنين أن يقام حفل الاستقبال لسموه بجانب الطريق العام تسهيلاً عليه، فكان رده الرفض وإلا لماذا أنا ذاهب في زيارتي هذه إلى المراكز إلا لأطلع على الحاجات عن كثب بعيدها وقريبها ورغب في عدم إقامة أي من مظاهر الاستقبال لسموه. إن منطقة عسير وجميع المحافظات والمراكز التابعة لها حصلت على منجزات كبيرة جداً في جميع المجالات بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بتوجيه قيادتنا الرشيدة ومتابعة شخصية من أمير الإدارة، إلا أن المحافظات والمراكز التابعة لها لا تزال تأمل في المزيد كيف لا، وهي تحظى باهتمام أميرها بالذهاب إليها وتلمس حاجاتها. فسر أيها الأمير المبدع إلى تحقيق ما تصبو إليه قيادتنا الحكيمة فأنت خير من يمثلها. والله ولي التوفيق