عبّر عدد من الإعلاميين والمثقفين عن حزنهم العميق لرحيل د. عبد الله مناع، مشيدين بما قدمه للصحافة السعودية من عطاءات ستظل شاهدة للأجيال القادمة، وبوطنيته التي لا حدود لها، التي تتجلى من خلال مقالاته ومعالجته كثيرًا من القضايا بأسلوب راقٍ متزن. الإعلامية دلال عزيز ضياء تربطنا به علاقة قوية؛ فقد كان قريبًا من الوالد -رحمهما الله-. وفي بداية بواكير مشاركاته الصحفية لفت نظر الوالد، وتعرف عليه، وكان فخورًا به جدًّا، ويحس أنه جيل جديد مبشر بنهضة صحفية وأدبية. واستمرت العلاقة، وكان لي شرف حضور لقاءاته وسجالاته مع الوالد، وحواراتهما. وكان عندما يأتينا إلى البيت كان الوالد -رحمه الله- حريصًا على الاحتفاء به. واستمرت هذه العلاقة، وكان حريصًا عندما كان الوالد يكتب سيرته الذاتية أنه الذي ينشرها في مجلة اقرأ. وأحب التوقف عند وفائه للوالد، وارتباطه به، بالذات في فترة مرضه التي استمرت ثلاث سنوات، وكان لا ينقطع عن زياراته في البيت أو المستشفى، ويتابعه بالسؤال والاتصال؛ فكان شديد الوفاء. وهو إنسان عاطفي مرهف الحس. أتذكر في الأيام الأخيرة قبل وفاة الوالد جاء لزيارته، وكان متأثرًا جدًّا، وعند وفاة الوالد رافقنا إلى المدينة مع الجثمان، وكان أول من يتلقى العزاء، واستمرت العلاقة بعد وفاة الوالد. كنا دائمًا نلتقي ونتناقش في أمور الإذاعة؛ إذ كان مستمعًا جيدًا للإذاعة، وكنا نستضيفه ونستشيره في كثير من الأمور، وكنا نلتقي به في اثنينية عبد المقصود خوجة والنادي الأدبي. وبفقده يكون الوطن قد فقد عَلمًا من أعلامه -رحمه الله وأحسن إليه-، وسيظل اسمه في ذاكرتنا وحياتنا الثقافية. أحمد عايل فقيهي د. عبدالله مناع كاتب كبير، وأحد رواد الصحافة والإعلام، ومسيرته طويلة وعريضة في هذه المجالات، دخل من الطب طبيب أسنان، ودرس في الإسكندرية، وتخرج من كلية الطب، وجمع بين الطب والصحافة، واشتغل في عشقه الأكثر: الكتابة والصحافة والإعلام. يتميز بلغة جميلة، وأنا أحد الذين يحبون كتاباته. جمعتنا معه حوارات وجلسات طويلة في اثنينية عبد المقصود خوجة عندما أشارك في إلقاء كلمات، وكان هو المشارك الأكثر حضورًا. والتقيته في مجالس كثيرة، منها: ثلوثية محمد سعيد طيب، وخميسية محمد عمر العامودي، واثنينية عبد المقصود خوجة، والنادي الأدبي، وهو من الذين يتميزون بالأناقة في كل شيء حتى في حضوره. كتبه رائعة وجميلة، منها ما كتبه عن جدة، ومنها تجربته في الرحلات في كتابه: العالم رحلة. وله كتاب بعض الأيام بعض الليالي، وكتاب عن الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكتاب شيء من الفكر بين السياسة والأدب، وكتاب كان الليل صديقي، وكتاب رائع عن جدة وحاراتها. وهو في حواراته وجلساته من أجمل الناس حضورًا -رحمه الله-. جدة تتذكره لأنه من الشخصيات البارزة في مدينة جدة، ودائمًا نلتقيه كثيرًا. وقد أهداني عددًا من كتبه. كانت مجلة اقرأ في فترة رئاسته -وهو أول رئيس تحرير لها- من أنجح المجلات في المملكة، إن لم تكن على مستوى الخليج. وقد سعدت كثيرًا بنشر عدد من نصوصي الشعرية فيها، وكذلك عدد من المقالات في الصفحة الأخيرة، وكان يحتفي بالشباب والمواهب -رحمه الله رحمة واسعة-. الإعلامي د. حسين نجار يتسم د. عبد الله مناع -رحمه الله- بعمق في القراءة، وأعتبره قارئًا جيدًا. وكانت له آراء جريئة وواضحة فيما يضعه من تشريح للقضايا التي تعاني منها الأمة الإسلامية. البصمة التي تركها في مجلة اقرأ ستظل إلى ما شاء الله. وقد وُلدت على يديه، واتسمت بالتنوع. ترك إرثًا طيبًا، وقد تتلمذ على يديه مجموعة من الصحفيين، ولم يكن -رحمه الله- يبخل بالنصح والتوجيه، وهذا ديدن كل علمائنا في المملكة. وهو فقيد للصحافة المحلية والعربية. وعزاؤنا لأهله وذويه -رحمه الله-. الإعلامي كمال عبد القادر حقيقة، أعزي نفسي، وكل أهل د. عبد الله مناع، وكل محبيه. تربطني بالدكتور عبد الله مناع علاقة امتدت من عام 1985م إلى يومنا هذا، تخللها كثير من المواقف والتجارب. كنا ثلاثيًّا تجمعنا الصداقة: معالي م. محمد سعيد فارسي أمين مدينة جدة - رحمه الله -، ود. عبد الله مناع -رحمه الله-، كونهما درسا في الإسكندرية، وتعرفا على بعض هناك. وبعد تقاعد م. محمد سعيد فارسي كنا الثلاثة نجلس في منزل أبي هاني م. محمد سعيد فارسي بالساعات، ونحكي حكاوي طويلة وعريضة. سأتحدث عن الجانب المهني لدى د. عبد الله مناع، فهو صحفي باحترافية عالية. كثير من اللقاءات الصحفية عندما كنت أقرؤها أجدها على شكل سين وجيم. أما لقاءات د. عبد الله مناع فعندما تقرأ لقاءه الصحفي تراه بعينك، فعندما تقرأ لقاءه مع الشيخ علي الطنطاوي -مثلاً- في مجلة الإعلام والاتصال عندما كان رئيسًا لتحريرها تراه وترى ردة فعل الضيف وكيفية طرح السؤال من قِبل د. مناع -رحمه الله-. جمعتنا به صداقات ومواقف جميلة، وقد كتب مقدمة كتابي عن م. محمد سعيد فارسي: ثلاث مدن. لا أملك إلا الترحم عليه -رحمه الله وسامحه-. الشاعر عبد الله الخشرمي ضل د. عبد الله مناع -رحمه الله- طريقه على الطب، ولكنه تراجع واستعاد طريقه إلى عرين الإعلام والثقافة، الطريق الذي اختاره في مسيرة حياته. د. مناع -رحمه الله- جمع من كل بحر قطرة في الثقافة والإعلام والأدب.. فميزته أنه كشكول عميق بكل بساتين الثقافة والإعلام، وظل صاحب رؤية وإن كانت رؤية جدلية، اتفق معه من اتفق، وخالفه من خالف. كان مستقلاً في آرائه، وكان له موقف. كان عضوًا في اللجنة الإعلامية التي أسستها أثناء عملي في الغرفة التجارية، واستلمت في البداية ملف معرض الكتاب، ولكنه في النهاية خلال ثلاثة أعوام أعلن انسحابه أمام الجميع، ورشحني، بل ورطني -رحمه الله- في استلام هذا الملف الشائك لمعرض جدة الدولي للكتاب عام 1997م، وانتُخبت رئيسًا للمعرض وأمينًا للجنة، فكان هذا الرجل له موقف رغم يأسه من إقامة المعرض، وكان من أول السعداء والمباركين عندما وُفقنا في انطلاقة المعرض مع عدد من رموز الثقافة. رحمه الله رحمة واسعة. فاروق با سلامة رحم الله د. عبد الله مناع الذي ودّع الحياة بعد كفاح طويل مع القلم والصحافة والأدب والرواية. هذه العناصر هي قيم كبرى، تُكتب في سيرة د. مناع الذي ظل عبر خمسة عقود أحد الذين يمسكون بالقلم؛ ليسرد مقالة أو ينتقد موضوعًا من مواضيع الساعة. وكان إلى جانب أدبه وثقافته سياسي النظر، وكذلك دبلوماسي في أحاديثه. ومن مزاياه كذلك أنه محب للمبدعين من الأدباء الكبار والشعراء والروائيين، وكان يتسم على وجوه هؤلاء سيم الكرامة والنبوغ والأدب. لا يسعني إلا أن أدعو الله أن يتغمده بغفرانه ورحمته و{إنا له وإنا إليه راجعون}. د. شهاب جمجوم تمتد معرفتي بالدكتور عبد الله مناع -رحمه الله- إلى خمسة وثلاثين سنة. الرجل وصل لمراحل كبيرة من الفكر، وهو إنسان فاضل، ويعتبر من المفكرين، وقد بذل جهدًا كبيرًا، وخدم خدمة طويلة في الصحافة، وهو في الأصل طبيب، ولشغفه بالصحافة ترك المهنة الأساسية، وكان ذواقًا للفن والأدب، وكان له حضوره، وله رؤيته الخاصة، يبدي رأيه، مختلفًا عن الآخرين، وكان كاتب مقالة، وله عدد من المؤلفات، وكان عشقه لجدة لا حدود له. رحمه الله و{إنا لهد وإنا إليه راجعون}. الإعلامية نازك الإمام عملت مع الراحل -رحمه الله- لقاءات كثيرة في إذاعة جدة، وكان -رحمه الله- من الحاضرين الرئيسيين في اثنينية عبد المقصود خوجة، ويعد من أعمدة الصحافة المحلية، وله كتابه الشهير عن جدة (بعض الأيام بعض الليالي)، وكان إنسانًا عظيم جدًّا، وكان يرحب بالتعاون مع الإذاعة دائمًا، وكنا نستفيد من خبراته ونستشيره. أما انتقاداته فجميلة، وهو ناقد جريء، وله رؤيته الخاصة به في النقد، ونقده كان بنَّاء، وهو من الشخصيات التي أتأثر بها، وأعماله وكل شيء عمله سيكون للأجيال القادمة - رحمه الله -. محمد علي قدس رحم الله الإعلامي والأديب المخضرم د. عبد الله مناع الذي انتقل إلى رحمة الله. عُرف عن الدكتور المناع أنه صاحب تجربة جريئة في مجال الصحافة من خلال مجلته المتميزة اقرأ التي نشر خلالها آراءه وتحليلاته السياسية وإبداعاته الأدبية.. للدكتور المناع إبداعاته القصصية وإنتاجه الأدبي المتميز. كان -رحمه الله- من الأعضاء الذين شاركوا في انتخابات تأسيس نادي جدة الأدبي عام 1975م، واختير نائبًا لرئيس النادي في انتخابات النادي عام 1426ه، ومن ثم انسحب معترضًا على نتائجها. شارك الدكتور عبدالله مناع في نشاطات النادي، وكانت له تعليقاته ومداخلاته المثمرة. عملت معه -رحمه الله- في مجلة اقرأ من خلال زاويتي الأسبوعية (رؤية معاصرة)، وعملت ضمن فريق قسم المجلة الأدبي الذي كان يضم عددًا كبيرًا من المبدعين الشعراء وكتّاب القصة. لي مواقف كثيرة مع د. المناع، المجال ضيق لذكرها، لكن أذكر أن اللجنة الثقافية المنظمة لمعرض جدة الدولي للكتاب جمعتني معه في أولى فعاليات المعرض في نسخته الأولى قبل أكثر من 9 سنوات، وتذكرنا معًا مواقفنا مع الأدباء الرواد، وهو الذي كانت ذاكرته حافلة بالقصص مع الأستاذ العواد والزيدان وعزيز ضياء. رحم الله الدكتور عبدالله مناع الذي برحيله المؤسف فقدت الصحافة والوسط الأدبي قلمًا سياسيًّا جريئًا وأديبًا مبدعًا. بخيت طالع الزهراني، مدير تحرير إشراق لايف الإلكترونية: يُعتبر الدكتور عبدالله مناع قامة فكرية سعودية وعربية، وأظن أنه لم ينل حقه كاملاً من القراءة.. بمعنى أننا لم نقرأ د. المناع حقًّا كما يجب.. ولم نقف على حدود فكره، وتصوراته، ورؤيته للحياة، ومدى ولعه بالإنسان، والحق والعدالة، وانحيازه لكل ما هو وطني، والتصاقه بالعقل الخلاق، وتماهيه مع التسامح والعفوية، ومع الصراحة، تلك التي كثيرًا ما تكون جارحة. والحقيقة إن دكتور مناع جداوي الهوى، ولكنه وطني النخاع.. ومن أكثر الناس انعتاقًا من التعصب والعصبية؛ فهو يحب ويكتب -على سبيل المثال- عن حمد الجاسر كما هو حاله إزاء محمد حسن عواد.. وهو يكتب عن الرياض والجوف وجازان والجبيل بذات الألق والرغبة والعشق الذي يكون عليه حاله عندما يكتب عن جدة. ولقد كان الدكتور مناع صاحب كاريزما شديدة الجاذبية، ولا أخال أحدًا عرفه إلا وأحبه، حتى ولو كان اللقاء بينهما قصيرًا أو عابرًا.. فضلاً عن الذي يكون قد عمل معه أو كان قريبًا منه. وما زلت أتذكر أول مرة رأيت فيها الدكتور مناع وجلست معه في أول لقاء لنا، في مكتبه في عمارة باخشب بحي باب مكة أو الحي التاريخي بجدة، في أواخر السبعينيات الميلادية، وكان حينها رئيسًا لتحرير مجلة (اقرأ).. عندما كنت ساعيًا إلى الانضمام لفريق تحرير (اقرأ).. وقد تحقق لي ذلك بالفعل، وشرفت وسعدت بأن ننعم معًا بسنوات جميلة من العمل الصحفي البهي تحت رايته.. ومع العمل ازددت إعجابًا بشخصيته اللافتة، وتقديرًا لقامته الفكرية، تلك القامة التي أثرت حياتنا الثقافية بالكثير من المحاضرات والمقالات والمؤلفات العميقة والجميلة. رحم الله د. مناع الكبير بالفعل، و(الأستاذ) حتى في فن التعامل الحميمي الراقي مع الناس. دكتور صيدلي: صبحي الحداد، مستشار إعلام صحي: فقدت الساحة الأدبية والصحفية السعودية واحدًا من روادها بعد رحلة طويلة من التألق في سراديب الأدب وكتابة القصص والمقالات الصحفية.. فقدت الساحة طبيب الأسنان الأديب المتأدب الذي شغل الوسط الإعلامي حيًّا وميتًا.. الدكتور عبدالله مناع الذي داهمته مؤخرًا وعكة صحية مفاجئة، عجّلت برحيله قبل إقامة حفله التكريمي المزمع إقامته له في النادي الأدبي بجدة الذي صال وجال في ردهاته ردحًا من الزمن. عرفت المناع اسمًا لامعًا في الساحة قبل أن أقابله وجهًا لوجه للمرة الأولى في مقر صحيفة البلاد عندما أشرفت على رئاسة القسم الطبي وقسم الخدمات الصحفية إبان رئاسة تحرير الأستاذ قينان الغامدي لها أعوام 96-98م. ثم تكررت اللقاءات في مناسبات عدة، منها في جمعية الثقافة والفنون بجدة، ومنها في أحدية مقهى (باربيرا) بجدة مع الأساتذة عبدالله رواس وقينان الغامدي وبدر العباسي وغيرهم.. وفي كل اللقاءات كان المناع متوهجًا، وشعلة من النشاط الفكري.. لا تمل الاستماع إليه، والنهل من أفكاره ورؤيته.. رحل المناع بصمت.. كما رحل غيره من الأدباء والكتاب..!! رحم الله الدكتور عبدالله مناع.. وعزاؤنا للجميع برحيله. ودعوة أكررها هنا: كرموا الرموز قبل رحيلها. حمد القاضي كتب في تغريدة له: يباغتنا الموت، يخطف أحبابنا.. ها هو عبد الله مناع يرحل عن وسطنا بعد أن أثراه عطاء وثقافة. كان وطنيًّا مخلصًا، نذر عمره للكلمة الصادقة. له دوره الريادي بتطور الصحافة الوطنية حين تولى مجلة اقرأ بمرحلتها الذهبية. كان أنيس المجالس، سيبقى حرفه شمسًا لا تغيب كما بعنوان آخر كتبه -رحمه الله-. لمحة موجزة عن السيرة الذاتية - وُلد د. عبد الله مناع بحارة البحر في مدينة جدة في الخامس عشر من صفر سنة 1359ه 1939م. - حصل على الابتدائية من المدرسة السعودية بحارة الشام، وعلى الكفاءة المتوسطة من المدرسة الثانوية السعودية، وعلى الثانوية العامة التوجيهية القسم العلمي من المدرسة السعودية الثانوية بالقصور السبعة في البغدادية. - ابتُعث إلى مصر أوائل عام 1957م، والتحق بكلية طب الأسنان في جامعة الإسكندرية، وتخرج منها في أواخر عام 1962م. - عاد إلى أرض الوطن، وتم تعيينه طبيبًا للأسنان بالمستشفى العام في جدة. - واصل مشواره الأدبي والصحفي بالكتابة في جريدة المدينة مع بقاء التزاماته في جريدة الرائد وكتاباته لبابه الأسبوعي (مضيء ومعتم)، إلى جانب ردوده على بريد القراء بتوقيع ابن الشاطئ، وإلى جانب يومياته في جريدة المدينة. - وعند قيام المؤسسات الصحفية تم اختياره عضوًا بمؤسسة البلاد للصحافة والنشر؛ إذ رُشح لرئاسة تحرير البلاد. - تم تعيينه سكرتيرًا للجنة الإشراف على التحرير لمدة خمس سنوات متتالية. - كُلف بتأسيس وإصدار مجلة اقرأ بعد أن تم اختياره رئيسًا لتحريرها. - تم اختياره رئيسًا لتحرير مجلة الإعلام والاتصال.