هي الشجرة الطيبة التي لا تنبت إلا طيباً، أصلها ثابت وفرعها في السماء، هي الأسرة التي كانت غيثاً أقبل مع رياح الجود والكرم والعطاء، فأسسوا دولة ظهرت معالمها شامخة شموخ الجبال، وظاهرة كالشمس في كبد السماء، فمن عمق صحراء الجزيرة العربية أعليت راية التوحيد مرفرفة للمملكة العربية السعودية على يد مؤسسها - طيب الله - ثراه الملك عبد العزيز آل سعود. عاشوا نجوماً ملوكاً شجعاناً ما استكانوا أمام أحد، وما لانوا لأحد، فخلد التاريخ أسماءهم بأحرفٍ من نور، وكان حقاً على الجميع أن يكرمهم بذكرهم في كل وقتٍ وحين، فكان للفروسية نصيب من أسمائهم، فجاء (كرنفال كؤوس الملوك) ليكون ذكرى سنوية يحتفي بها عشاق الفروسية والفرسان، وتجدد أمام أعين كل الدارسين للتاريخ والتراث والحضارة. إن هذا الكرنفال ليس حدثاً عابراً يمر مع مرور الأيام، بل هي مجسمات فكرية ووقفات تاريخية نستمد فيها من سيرة أولئك العظام الذين عاشوا وحكموا فعدلوا وأمنوا ودانت لهم الرقاب بعدلهم وكرمهم وجودهم وعطائهم وحكمتهم وحنكتهم، وما زالت تلك الشجرة المباركة الطيبة تخرج فارساً بعد آخر، وتنجب بطلاً بعد آخر، وآخرهم أسد الفروسية الأول وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وفارسها ولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -. إن كرنفال مسابقة كؤوس الملوك هي أقل ما تقدمه الفروسية لأولئك الرجال الذين أحبوا الفروسية وعشقوها وجعلوها أيقونة مهمة في حياتهم، ومعزوفة طالما تغنوا بها، لأنهم علموا وأدركوا أن الفروسية هي جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان العربي، فكيف بمن كانوا ملوكاً ومن نسل الملوك؟ ولعل الناظر والمتتبع لتاريخ الفروسية في المملكة العربية السعودية يجدها تختلف اختلافاً جذرياً عن بقية دول العالم، فحينما كان العالم ينظر إلى الخيول كأداة من أدوات النقل والتنقل، كان الملك المؤسس ورفاقه يرونه أداة من أدوات النصر والفتوحات، ويرونها أداة مساهمة في خلق وطن جديد، ومسمى جديد سيعيش الناس فيه إلى ما شاء الله في دعةٍ وأمن وأمان واستقرار وازدهار، وها هي كما نراها اليوم، لم تنسَ دور الفروسية، ولا تتناسى فرسانها، بل تكرمهم وتقيم البطولات بأسمائهم تخليداً لتلك الهامات العظيمة، والسنوات الكثيرة التي قضوها وهم في دفاعٍ عن أمن هذه البلاد واستقرارها. ولكم كانت اللفتة عظيمة والوفاء حاضراً من ملك الوفاء حينما ضم أسماء لامعة وفرساناً مخضرمين من فرسان السياسة والرياضة، ولأن الفروسية تكسب المرء الشجاعة والوفاء، فإن هذه الكؤوس تضمنت جوائز لعشاق متيمين بالخيل والفروسية والأصالة، وقد كانت لهم إسهامات عديدة في دعم هذه الرياضة، وهم الأمير / سلطان بن عبد العزيز والأمير / بدر بن عبد العزيز والأمير / نايف بن عبد العزيز (رحمهم الله) حيث خصص لهم كؤوس تحمل أسماءهم جنباً إلى جنب مع إخوانهم الملوك. إن كؤوس الملوك وإن كانت فعالية رياضية، إلا أن كل كأس يحمل تاريخاً مشرقاً وصفحات بيضاء من تاريخ كل أولئك العظام الذين رحلوا وقد أدوا دورهم في الوطن أيما أداء، وظهرت ثمرات فعالهم في كل ميدان من ميادين الحياة، فمن الشجاعة والإقدام في المؤسس إلى السماحة في سعود إلى البطولة والحكمة في فيصل إلى القوة والحنكة في خالد إلى الثبات والعزم في فهد، إلى الكرم والجود في عبد الله، إلى الحزم والعزم في سلمان، إلى النظرة الثاقبة وبعد الرؤية في ولي العهد محمد بن سلمان - حفظه الله - فهي أسرة كريمة توارثت الخصال الحميدة أباً عن جد. فهنيئاً لأصحاب الحظ السعيد من الملاك والمدربين والخيالة الذين فازوا ويفوزون بتلك الكؤوس أو كأسٍ منها، وهنيئاً للذين تشرفت أياديهم بحمل إحدى تلك الكؤوس، لأنه لم يحمل كأساً، أو يحصل على جائزة مالية، بل لأنه حمل تاريخاً سطره الملك الذي فاز بالكأس الذي يحمل اسمه. إن هذا الكرنفال الذي تسابق إليه الملاك للمشاركة فيه لا يقتصر على سباق الخيل فقط بل هناك مشاركات أخرى عبر وسائل الإعلام المختلفة أو مشاركات اجتماعية وثقافية . وأخيراً لا ننسى أن ندعو العلي القدير أن يحفظ بلادنا وأمنها واستقرارها، وأن يمد بالصحة والعافية خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، لما يقدمانه ويسهمان به في دعم مسيرة الخير وهذه الرياضة الأصيلة الغالية على قلوب الجميع. والدعاء موصول إلى سمو رئيس الهيئة وأعضاء مجلس الإدارة وكل العاملين في قطاع الفروسية أن يوفقهم في خدمة هذه الرياضة الأصيلة.