التسامح عندما يغيب عن المجتمع المعاصر تكون الحضارة عمياء عرجاء، فالتسامح هو المرهم الحقيقي ضد التعصب وهو المعيار الذي يقاس به مدى تحضر الشعوب وهو الباب الذي فتحه الدين الإسلامي على العالم، فالتسامح هو من ركائز الدين الإسلامي ومن الشيم التي علمنا إياها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي بعد أن عانى ما عاناه من عمه أبي سفيان عندما دخل مكة قال من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، فالعالم والتاريخ والطبيعة تعلمنا التسامح لأن التسامح هو باب التعايش والحقد لا يحمل أصحابه إلا إلى قبور من الظلام والتخلف لذلك التسامح والتآخي هي أبواب حقيقية لغد أفضل. وهنا نستحضر الأمس القريب حيث قمة الخليج في نسختها 41 والتي قدمت درساً جميلاً في التسامح من خلال رغبة القيادات في لم شمل البيت العتيق والشكل الذي قدم للشعوب الخليجية والعالم بكون البيت الخليجي واحدا والاستقبال المبهج من ولي العهد السعودي لضيفه المبجل أمير دولة قطر درس من التسامح، لهذا وغيره وحتى يكون الحلم الخليجي الواحد واقعاً ملموساً تكون فيه التأشيرة موحدة والعملة واحدة والسوق الخليجية مفتوحة على أعضائه وشبكات النقل مترابطة ودرع الجزيرة ومختلف التشكيلات العسكرية والأمنية واحدة والتنسيق الاقتصادي في مجالات الطاقة واحدة، فكأنما الخليج جسد واحد تكون مواقفه السياسية واحدة، والاختلاف فيه يبني غد شعوبه ويحقق طموحاته لأجل هذا الحلم الذي لا مناص من تحقيقه بتوفر الإرادة الصادقة لابد من ثقافة إعلامية وتربوية لا تقل حرفية عن ثورة الأنوار وعن تربوية روندا لينتقل الخليج من بلدان خليجية إلى اتحاد خليجي يعد تاجاً تفخر به البشرية والتاريخ. وهنا لابد من تجاوز سوس الخلافات الإعلامي وبعض المرتزقة الذين يستثمرون ويتمعشون من اختلاف الأشقاء وبالإرادة والخطط الاحترافية يكون الجميع جنوداً للوطن الخليجي الحلم، وذلك بتحرك نخوة الانتماء لهذا الكيان القادم الذي سيكون فيه كل فرد دبلوماسياً منخرطاً في لحظة نجاح يحسده عليها البعيد ويغبطه عليها القريب ويحتفل بها المنتمي وتنعم به أجياله القادمة.